سياسة

تعزيز وجود “داعش” و”القاعدة” في أفريقيا

خوسيه لويس مانسيا


التقارير التي تصل إلينا عن كم الهجمات الإرهابية في أفريقيا عموما ليست مبشرة ولا مطمئنة.

ففي شرق القارة، خلال شهر فبراير/شباط الماضي وحده، نفّذت حركة الشباب، التابعة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي، في الصومال وكينيا 65 هجوما، وذلك على وقع انسحاب القوات الأمريكية إلى كينيا وجيبوتي خلال فترة رئاسة “ترامب”، ما أدى إلى انتشار الحركة الإرهابية بالمنطقة، بل وضاعفت من هجماتها في كينيا، وأصبح لديها بين 7000 و12000 عنصر، وهو عدد يكفي لإضعاف الحكومة الصومالية التي تعاني ظروفا صعبة.

ويُقدّر الدخل المالي لحركة الشباب الإرهابية بنحو 130 مليون دولار سنوياً، فيما تشير هذه البيانات إلى استمرار توريد الأسلحة والذخيرة للإرهابيين في هذه المنطقة من بلدان أفريقيا، وإذا لم يساعد المجتمع الدولي الصومال ودول جواره، فسيستمر الإرهاب في النمو أفريقيا.

أما في غرب القارة، فتُظهر لنا الأرقام أيضاً زيادة مستويات الإرهاب خلال عام 2021.. إذ تهدف التنظيمات الإرهابية إلى التقدم نحو ساحل المحيط الأطلسي، ومن المتوقع أن يتم تنفيذ هذا التقدم من قِبَل عناصر من جبهة “تحرير ماسينا”، وهي جزء من جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، التابعة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي.

وفي العام الماضي، شهد غرب أفريقيا، بالإضافة إلى منطقة الساحل، هجمات متفرقة استهدفت بلدانا مثل كوت ديفوار، وبدرجة أقل بنين، لكنها زادت هذا العام، خاصة في بنين، فيما تمّت إضافة توجو إلى القائمة المستهدفة بالإرهاب، ومن المتوقع أن تكون أراض في دولة غانا بمثابة القاعدة الخلفية التي تتخذها العناصر الإرهابية للتخطيط لبعض الهجمات ضد كوت ديفوار.

وقد تسبب الجفاف في منطقة الساحل هذا العام في شروع الرعاة في البحث عن مراعٍ جديدة، متجهين نحو خليج غينيا.. هذا التغيير بدوره يؤدي إلى زيادة الاشتباكات بين الرعاة والمزارعين.. فعادة ما يكون مُربُّو الماشية من مجموعة “البيول” العرقية، وعندما تنشأ خلافات بينهم وبين المزارعين، يظهر الإرهابيون دائماً كوسطاء، لكنهم يدعمون عرقية “البيول” بطبيعة الحال.

واتخذت سلطات بنين قراراً بحظر دخول الماشية الأجنبية خشية أن يتحرك الإرهابيون مع قطعان الماشية كما يفعلون دائماً.. فهذا التكتيك -المتمثل في تنكُّر الإرهابيين في زيّ رعاة- معروف جيداً لدى تنظيم “القاعدة” في وسط مالي، حيث اعتمده التنظيم منذ سنوات، وربما يحاول نقله إلى دول أخرى بوسط أفريقيا.

وإذا كانت نية تنظيم “القاعدة في غرب أفريقيا” واضحة في الانتشار، فإن الأمر يختلف تماماً بالنسبة لتنظيم “داعش” الإرهابي.. فبعد اغتيال زعيم التنظيم على يد قوات أمريكية، فإن هناك إشاراتٍ توحي بتغيير في خطط “داعش”.. فعلى سبيل المثال، نجد في بيانات تبنّي الهجمات، التي ينفذها “داعش”، أن عناصره أصبحوا يستعملون اسم “الدولة الإسلامية في الساحل” بدلاً من “ولاية غرب أفريقيا لتنظيم الدولة الإسلامية”، الذي كان معتمَداً من قبل.

كذلك فإن لدى تنظيم “داعش” في النيجر، والذي كان يُطلق عليه اسم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، نية واضحة للتقدم داخل أراضي مالي، ومنها نحو موريتانيا، وذلك على الرغم من أن عناصر “داعش” جربت ذلك من قبل، لكن يبدو أنهم يفعلونه هذه المرة بعزم أكبر، ربما لأنهم يريدون الاستفادة من لحظة تقليص وجود القوات الأجنبية -برخان وتكوبا- بالمنطقة.

وأظهر “داعش” إشارات تدل على اهتمامه بالحفاظ على وجود قوي له في غرب أفريقيا خلال شهر فبراير/شباط الماضي، إذ أكمل نحو 200 عنصر إرهابي ينتمون للتنظيم تدريبهم في أحد المعسكرات الخمسين في منطقة بحيرة تشاد.

النبأ السيئ هنا هو أن هذه العناصر كلها من القُصَّر، والخبر السار هو أن “داعش” قد لجأ إلى تجنيد أمثال هؤلاء، ما يعني أنه يواجه صعوبة متزايدة في خداع الكبار، لذا يلجأ إلى تجنيد صغار السن.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى