تصعيد نووي أم دبلوماسية هادئة؟ روسيا تلوّح بالقوة وبكين وباريس تسعيان للتهدئة
مع اقتراب الصراع الروسي الأوكراني من إكمال ألف يوم، يتزايد التصعيد في الخطاب النووي. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوسع حدود استخدام الأسلحة النووية، بينما تدعو الصين إلى ضبط النفس، وتطالب فرنسا بالتعقل. في ظل هذا التوتر العالمي، تبرز تساؤلات حول مستقبل الأمن الدولي واستراتيجيات الردع.
-
بعد تحذير الحرب الشاملة.. ماذا تعني رسالة بوتين الأخيرة للناتو بشأن أوكرانيا؟
-
مطالب بوتن لوقف الحرب مع أوكرانيا.. التفاصيل
تصعيد خطير
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً مثيراً للجدل يوسع إمكانيات بلاده في استخدام الأسلحة النووية، في خطوة وصفها محللون بأنها “تصعيد خطير” على خلفية سماح الولايات المتحدة لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لاستهداف الداخل الروسي.
القرار الروسي الذي يأتي بعد مرور ألف يوم على بدء الحرب في أوكرانيا، يثير قلق المجتمع الدولي ويجدد النقاش حول مستقبل الردع النووي في العالم.
بوتين كان قد حذر سابقاً من أن أي هجوم تشنه دولة غير نووية، مثل أوكرانيا، إذا كان مدعوماً من قوة نووية كأميركا، قد يُعتبر “عدواناً مشتركاً”، مما يفتح الباب لاستخدام ترسانته النووية.
-
روسيا تهدد بالتصعيد: رد قوي إذا تدخلت واشنطن والغرب في حرب أوكرانيا
-
روسيا وأوكرانيا تتبادلان الأرقام القياسية في حرب المسيرات
المرسوم الجديد يعزز هذه العقيدة، ويشير بوضوح إلى أن موسكو مستعدة للرد بشكل شامل على أي تهديد وجودي.
ردود أفعال دولية
دعت الصين، عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان، جميع الأطراف إلى التزام الهدوء، مؤكدة أن الحوار والتشاور هما السبيل الوحيد لتخفيف حدة التوتر.
وصرح جيان، بأن موقف بكين لم يتغير، حيث تستمر في دعواتها لإيجاد حل سياسي يحترم سلامة الأراضي الأوكرانية.
-
مُسيّرات بالمئات: كيف أثر أكتوبر على مجريات الحرب في أوكرانيا؟
-
كيف ساهمت الإمارات في دعم وقف الحرب في أوكرانيا ودعت إلى نشر السلام؟
ورغم إعلان الصين وقوفها على الحياد منذ بدء الحرب، إلا أن تقاربها الاقتصادي والدبلوماسي مع موسكو أثار انتقادات غربية، حيث ترفض بكين إدانة الغزو الروسي بشكل صريح.
في المقابل، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه إزاء “النزعة التصعيدية” لروسيا، داعياً بوتين إلى إظهار التعقل، وحث الرئيس الصيني شي جين بينغ على ممارسة تأثيره على موسكو لإنهاء الحرب. تصريحات ماكرون تعكس مخاوف أوروبية من تحول الصراع إلى مواجهة أكبر قد تشمل أطرافاً أخرى.
دلالات التصعيد النووي
يأتي القرار الروسي في وقت حساس، إذ أظهرت واشنطن انخراطاً أعمق في دعم أوكرانيا عبر توفير صواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب العمق الروسي. يُنظر إلى هذه الخطوة الأميركية كتصعيد نوعي يُخرج الحرب من حدودها التقليدية.
ويرى مراقبون، أن المرسوم الروسي قد يكون رسالة تحذيرية إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن موسكو مستعدة للرد بأي وسيلة ممكنة لحماية أمنها القومي.
مخاوف عالمية
القلق الدولي لا يقتصر على التصعيد النووي فقط؛ إذ تشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن روسيا كثفت تحركاتها العسكرية على الجبهات الأوكرانية، بينما تواجه أوكرانيا تحديات لوجستية متزايدة.
الأمم المتحدة دعت إلى تجنب أي خطوات من شأنها إشعال فتيل حرب نووية، محذرة من تداعيات كارثية على البشرية.
-
أوكرانيا على الحبال بين هاريس وترامب: مسارات وسياسات متناقضة
-
أزمة روسيا وأوكرانيا أمام اختبار الشتاء الثالث: هل من حل؟
*حرب باردة*
من جانبه، يرى د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن التطورات الأخيرة قد تدفع المجتمع الدولي إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية لمنع التصعيد، بينما تُظهر المؤشرات أن أطراف النزاع لم تصل بعد إلى مرحلة الإرهاق الاستراتيجي التي تدفعها للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأضاف رغم التوتر المتصاعد، فإن قرارات مثل تلك التي اتخذتها موسكو تشير أن الحرب الباردة قد عادت بثوب جديد، ولكنها هذه المرة مصحوبة بتهديدات مباشرة باستخدام القوة النووية.
-
أوكرانيا المتعثرة في الحرب مع روسيا تصعّد أعمال التخريب وتستهدف القطارات
-
نقص الذخيرة يدفع أوكرانيا لتغيير خطط الحرب
وتابع المنجي، وأشار المنجي، أن هذا التصعيد يعكس تغيرًا في موازين القوى العالمية، حيث تسعى كل من القوى الكبرى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي وفقًا لمصالحها، مما يعقّد فرص التوصل إلى تسويات سلمية.
واختتم أستاذ العلوم السياسية، قائلًا: “أن استخدام لغة القوة في هذه المرحلة ينذر بمزيد من التصعيد، مما يتطلب استجابات عاجلة من المجتمع الدولي لتجنب كارثة عالمية قد تتجاوز الحدود الإقليمية للنزاع”.