تركيا.. صادق أوستون هو العقل المدبر لمسرحية الانقلاب عام 2016
كشف تحقيق قام بإجرائه موقع مونيتور السويدي عن أن رجل الاستخبارات التركي الذي يدير العمليات السرية لأنقرة في ليبيا كانت له يد في تنظيم مسرحية الانقلاب المزعومة ضد رجب طيب أردوغان في يوليوز 2016.
وأكد أيضا التحقيق الصحفي السويدي بأن المسرحية الانقلابية استهدفت بالأساس دعم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي تم على أثرها تنفيذ عملية اضطهاد جماعي للمعارضة.
إن عميل المخابرات التركية صادق أوستون كان له دور رئيسي في تنظيم الجماعات الإرهابية في ليبيا عام 2011، وقد عاد فيما بعد إلى تركيا لإدارة العمليات السياسية نيابة عن أردوغان، وفق ما جاء في تقرير (مونيتور) التابع لشبكة نورديك للأبحاث والمراقبة ويوجد مقرها في ستوكهولم.
ووفق التحقيق ذاته فإن أوستون ساعد في التخطيط للانقلاب المزعوم من خلال نصب فخ لجنرالات في الجيش التركي ليس لهم علاقة بهذه المسرحية، ونسق أيضا حشد القوات تحت بند مواجهة تهديدات الإرهاب الطارئة، كما أنه وجه الاتهام لحركة جولن غير المشتبه بها، بالتآمر والتخطيط للانقلاب، وعاد مرة أخرى إلى ليبيا لحشد الدعم للقيادة الليبية المتحالفة مع الرئيس التركي، وفي الوقت الراهن فهو مسؤول عن عمليات المخابرات هناك.
لقد كشف دور أوستون أمام المحكمة في المسرحية العسكرية الكاذبة للإطاحة بأردوغان، والتي كان من المفترض أن تكون سرية، حينما وقع في خطأ التوقيت الرئيسي للعملية، بالإسراع بالإعلان عن اسم قائد الانقلاب، مما أثار الشكوك بخصوص دوره في أحداث 15 يوليوز 2016.
وأثناء جلسات محاكمة المتهمين بالانقلاب المزعوم والذين تعرفوا عليه جيدًا، كشف الكثيرون عن مزيد من التفاصيل بشأن دوره في تلك المسرحية الكاذبة، وسارعت بذلك حكومة أردوغان إلى إرسال (أوستون) بعد أحداث الانقلاب مباشرة إلى أستراليا كمُلحق دبلوماسي، حتى يصبح بعيدًا عن متناول محامي الدفاع الذين أرادوا أن يضعوه على المنصة ويستجوبونه في حادثة الانقلاب الكاذب تلك.
هذا وأفاد التحقيق أيضا إلى أن أوستون، وهو ضابط الجيش الذي التحق بالاستخبارات، وقع في خطأ فادح في الوقت الذي سارع قبل اكتمال التحقيقات إلى الإعلان في المجلس العسكري الأعلى والقائد السابق للقوات الجوية آكين أوزتورك كقائد للانقلاب في الوقت الذي كان الجنرال لا يزال في منزل ابنته.
ويشار إلى أن منزل ابنة القائد السابق للقوات الجوية التركية يوجد على بعد حوالي أربعة أو خمسة كيلومترات من قاعدة أكينجي الجوية، المقر الرئيسي لقوات الانقلاب المزعوم، وذلك في الوقت الذي لم يكن لأوزتورك علاقة بحركة جولن من الأساس أو له علم بالمؤامرة التي تحاك ضده.
وبعد فترة احتجاز طويلة قيد الحبس الانفرادي، وفي أول مثول له أمام المحكمة في 1 مارس 2019 كشف الجنرال أوزتورك عن كيفية تلفيق الاستخبارات التركية التهم له، ووجه الاتهام لأوستون بتنفيذ المؤامرة، غير أن دفاع أوزتوك، وفي ظل غياب وسائل إعلام حرة، وجد نفسه أمام قضاء غير مستقل، ليردد بذلك أردوغان ومسؤولون أتراك آخرون قصة وكالة المخابرات الكاذبة، التي رواها أوستون، بينما جرى استخدام محاولة الانقلاب كذريعة لتحويل نظام تركيا إلى حكم الرجل الواحد.
وأشار التقرير كذلك إلى أن أحد مكاسب أردوغان من عملية الانقلاب الفاشلة تتمثل في تهميش أوزتورك، إذ واجه الرئيس التركي وقائد الاستخبارات هاكان فيدان مقاومة شديدة في عدة مواقف من طرف الجنرالات الموالين للناتو، ولاسيما أوزتورك، الذين شغلوا مقاعد رئيسية في المجلس العسكري الأعلى، وساعد أيضا الانقلاب المزيف على كسر تلك المقاومة في الجيش التركي من خلال الإطاحة بنحو 70% من جميع الضباط الكبار.
إلى ذلك، فقد حصل أردوغان في الأخير على ما أراده بتعزيز قبضته على السلطة، وحول بذلك النظام البرلماني للبلاد إلى رئاسة دائمة، كما أقصى الجنرالات والأدميرالات الذين عارضوا مغامراته العسكرية عبر الحدود، واضطهد المعارضة، وسجن عشرات الآلاف ممن لا علاقة لهم بالانقلاب وأغلق نحو 200 منصة إعلامية.