سياسة

تركيا تفتح آفاق الطاقة في الصومال باتفاقية نفطية جديدة


تواصل تركيا تعزيز حضورها في منطقة القرن الإفريقي، وتحديدًا في الصومال، من خلال استراتيجية شاملة تشمل التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي. ويأتي هذا الحضور المتنامي في إطار رؤية تركية أوسع تهدف إلى توسيع نفوذ أنقرة في مناطق استراتيجية تطل على ممرات مائية حيوية. وتشهد تنافسًا متزايدًا من قوى إقليمية ودولية.

وفي خطوة تعزز البعد الاقتصادي للشراكة بين البلدين، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار عن بدء مؤسسة البترول التركية عمليات تنقيب عن النفط والغاز في المناطق البرية الصومالية خلال الأشهر المقبلة. وذلك خلال حفل توقيع اتفاقية استكشاف وإنتاج الهيدروكربون بين الجانبين، بمشاركة وزير النفط والمعادن الصومالي طاهر شري محمد. حيث تم تأسيس شراكة مباشرة بين المؤسسة التركية وهيئة البترول الصومالية.
ووفقًا لبيرقدار، ستبدأ الشركة التركية أنشطتها في ثلاث مناطق برية تغطي نحو 16 ألف كيلومتر مربع. مما يعكس طموحات أنقرة في أن تكون فاعلًا رئيسيًا في استغلال موارد الطاقة في شرق إفريقيا، في ظل تزايد أهمية المنطقة كمصدر محتمل للنفط والغاز.

وتأتي الاتفاقية الأخيرة تأتي استكمالًا لمذكرة التفاهم التي وُقعت في مارس/اذار 2024 بين تركيا والصومال لاستكشاف وتطوير النفط في البر والبحر، ما يشير إلى توجه أنقرة نحو تعميق تواجدها الاستراتيجي على سواحل البحر الأحمر والمحيط الهندي. ويُنظر إلى هذه الخطوات باعتبارها جزءًا من سياسة خارجية تركية توسعية تهدف إلى تعزيز النفوذ في الممرات البحرية الدولية. وتأمين منافذ لوجستية جديدة للتجارة والطاقة.
وتشهد العلاقات بين أنقرة ومقديشو تقدمًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، تجلّى في التعاون الوثيق بمجالات متعددة، على رأسها الدعم العسكري وبناء مؤسسات الدولة الصومالية. وتُعتبر تركيا من أبرز الحلفاء الدوليين للحكومة الفيدرالية في الصومال. حيث افتتحت أكبر سفارة تركية لها في العالم في العاصمة مقديشو، كما أنشأت قاعدة “طارق بن زياد” العسكرية لتدريب الجيش الصومالي. والتي ساهمت في إعداد آلاف الجنود لمواجهة التهديدات الأمنية، وعلى رأسها حركة الشباب المتطرفة.

إلى جانب تعزيز حضورها في الداخل الصومالي. لعبت تركيا دور الوسيط بين مقديشو وأديس أبابا بعد تصاعد التوترات بسبب اتفاقية إثيوبية مع “أرض الصومال” لبناء ميناء في المنطقة. ما أثار اعتراض الحكومة الصومالية. 
وقد رعت أنقرة محادثات بين الطرفين لمحاولة نزع فتيل الأزمة، وهو ما يعكس رغبة تركيا في أن تكون لاعبًا إقليميًا محوريًا يسهم في استقرار المنطقة. بما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية في آنٍ واحد.

ورغم النفوذ التركي المتنامي، إلا أن الساحة الصومالية تشهد تنافسًا متسارعًا من قوى إقليمية أخرى، خصوصًا مصر، التي تسعى هي الأخرى إلى تعزيز علاقاتها مع مقديشو من خلال اتفاقيات عسكرية وتعاون أمني. وتأتي هذه التحركات في سياق التنافس الجيوسياسي في القرن الإفريقي. حيث يشكّل الصومال نقطة ارتكاز هامة نظرًا لموقعه الاستراتيجي المطل على باب المندب وخطوط الملاحة العالمية.
ويمثل التوسع التركي في الصومال والقرن الإفريقي مزيجًا من الطموحات الاقتصادية والاستراتيجية، حيث تسعى أنقرة لتعزيز موقعها كفاعل دولي مؤثر في مناطق التماس الجغرافي والسياسي في إفريقيا. ومع استمرار تنامي الحضور التركي، سيظل الصومال ساحة مهمة لتجاذبات إقليمية ودولية. تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية مع رهانات الأمن والاستقرار.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى