تركيا بين العقوبات وبين حرمانها من مقاتلة الشبح إف- 35
بعد أن غاب ملف تركيا ومقاتلة الشبح إف- 35، عن الاهتمام في الشهور الأخيرة، قام مشروعون أميركيون بتحريك الملف من جديد سعيا منهم إلى طرد أنقرة من آخر صلة لها بهذه المقاتلة التي تعتبر الأغلى في كل العالم.
وطالب أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون في رسالة إلى وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، بإخراج تركيا من برنامج تصنيع المقاتلة التي يبلغ ثمن بعضها 100 مليون دولار، كما عبر الأعضاء الأربعة وهم، جيمس لانكفورت وتوم تيليس وجان شاهين وكريس فان هولن، عن قلق مجلس الشيوخ من بطء الإجراءات المتخذة بخصوص وقف مشاركة تركيا في برنامج تصنيع طائرات إف 35.
إن هذه الخطوة لا تعتبر الأولى من نوعها، إذ سبق وأن قام الكونغرس عدة مرات بمطالبة الرئيس دونالد ترامب أن يفرض عقوبات على الحكومة التركية، وذلك بعد أن قبلت الأخيرة تسلم منظومة الدفاع الصاروخية الروسية المتطورة إس- 400.
طرد متتالي لتركيا
واستجابت بعد ذلك إدارة الرئيس الأميركي حيث شرعت في فرض عقوبات على تركيا، حسب قانون خصوم أميركا، والذي يستهدف معاقبة الدول التي تشتري معدات من روسيا، وطردت أيضا واشنطن في يوليو 2019 الطيارين الأتراك الذين كانوا يتدربون في الولايات المتحدة على قيادة المقاتلة الشبح والتي تقول أنقرة بأنها ستكون بمثابة العمود الفقري لسلاحها الجوي في العقد المقبل.
هذا وقامت الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات أخرى بغرض وقف شحن معدات متصلة بالمقاتلة إف-30 إلى تركيا، وربطت بذلك بين عودتها وإلغاء صفقة صواريخ إس-400، وقد وصلت ذروة الخطوات إلى امتناع الولايات المتحدة عن تسليم طائرات من هذا النوع إلى تركيا، والتي استلمت منها مقاتلتين فقط عام 2018، مع العلم أنها طلبت شراء 100 مقاتلة شبح.
تقييد برلماني
ويذكر أنه في 2020، قام الكونغرس الأميركي باقتراح قانون الدفاع الوطني، إذ أن أحد بنوده يمنع البلاد من نقل مقاتلات إف-35 إلى تركيا، وذلك بشكل نهائي، بالرغم من أن السلطات الأميركية أوقفت بيع المقاتلات لتركيا، وبذلك فلم يبق أمام أنقرة سوى المشاركة في مشروع متعدد الأطراف تشارك فيه مع 8 دول أخرى لإنتاج المقاتلة إف-35، والتي تبلغ مساهمتها فيه 11 مليار دولار.
ووفق ما أفاد به موقع ديفينس نيوز والمتخصص في الشؤون العسكرية، فإن البنتاغون يسمح في الوقت الحالي لشركة لوكهيد مارتن المتخصصة في صنع الطائرة بالتعاون مع المقاولين الأتراك في صناعة بعض أجزاء المقاتلة الشبح، مما يعني بأن الشركة الأميركية ستحصل على قطع تركية حتى نهاية عقد خاص بإنتاج 14 مقاتلة ويتوقع أن يستمر ذلك حتى عام 2022، غير أن خطوة أعضاء الكونغرس الجديدة قد تخلق مشكلا أمام الاتفاق الذي يمثل آخر مساهمة تركية في المقاتلة إف-35.
وحسب ما ذكره نفس الموقع عن مصادر في البنتاغون، بأنه وجد بديلا لكل الموردين الأتراك تقريبا، غير أن أمر نقل الإنتاج من تركيا إلى أميركا ربما يكلف 500 مليون دولار، ويعتبر هذا تطورا قد يبني عليه أعضاء الكونغرس، وذلك باعتبار أنه يمكن الاستغناء عن تركيا.
فيما قام الكونغرس في مشروع الدفاع 2020 بتخصيص مبلغ 30 مليون دولار لحذف تركيا نهائيا من المشروع ونحو 250 مليون دولار لإيجاد بدائل للشركات التركية، حسب ما ذكره موقع بريكينغ ديفينس العسكري.
خسارة النقود والطائرات
إلى ذلك، إذا ما جرى إنهاء المساهمة التركية في المشروع، فإن الأمر يعني خسارة مئات الملايين من الدولارات المستقرة في خزينة أنقرة نتيجة المشاركة في المشروع، إلى جانب مبلغ 1.5 مليار دولار دفعتها تركيا مقدما إلى الولايات المتحدة، غير أن الخسارة العسكرية والتي تعتبر الأكبر من نوعها تتمثل في إضعاف القوات الجوية التي بدأت أنقرة تعتمد عليها بكثرة في تدخلاتها في دول المنطقة.
كما أنه توجد خسارة على المدى القريب، ويكمن ذلك في أن الكونغرس قام بتخويل سلاح الجو الأميركي باستخدام وتعديل وتشغيل 6 مقاتلات من طراز إف- 35 جاهزة للتسليم لتركيا.
أما بخصوص البدائل التركية للمقاتلة الأميركية، فإن التوقعات تشير إلى أنها تنحصر في مقاتلات روسية أو صينية، ولا يعتبر الأمر سهلا بتاتا حيث أن الطرازات التي تلبي رغبات أنقرة لم ينتج منها إلا القليل، فضلا عن أن هاتين الدولتين قد تمتنعان عن بيع مقاتلاتها الحديثة لأسبابها الخاصة، كعدم الرغبة في إفشاء أسرار هذه الطائرات.
ويشار إلى أن تركيا استلمت في الصيف الماضي أول قطع منظومة الدفاع الصاروخي الروسي أس 400، مما تسبب في غضب واشنطن، والتي تقول بأن هذه المنظومة لا تنسجم مع أسلحة حلف شمال الأطلسي الناتو، وهو ما يعرض المقاتلة إف-35 وأسرارها للخطر، بينما قامت تركيا بتحويل أنظارها إلى منظومة الدفاع الصاروخي الروسية بعد فشلها في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بخصوص تزويدها بأنظمة دفاعية (منظومة باتريوت) وفق الشروط التركية.