سياسة

تحقيق فرنسي يكشف.. حملة جزائرية ممنهجة لتشويه صورة المغرب


كشفت تحقيقات فرنسية عن عمليات تلاعب واحتيال مارستها بعض القنصليات الجزائرية في سياق حملات لا تهدأ لتشويه صورة المغرب، تجاوزت فيها كل الأعراف الدبلوماسية في انتهاك صريح للمواثيق والقوانين الدولية من خلال أساليب ملتوية واجرامية.

وأظهرت وثيقة تابعة لوزارة الداخلية الفرنسية أن تلك القنصليات قامت بعمليات تزوير واسعة لهويات مهاجرين غير شرعيين، حيث ثبت لديها أن 96 في المئة من القاصرين ممن تزعم السلطات القنصلية الجزائرية أنهم “مغاربة” من أصحاب السوابق ومن المتورطين في جرائم ليسوا في الأصل إلا مواطنون جزائريون بوثائق مزورة، بينما لا يتعدى عدد المغاربة الحقيقي نسبة الـ4 بالمئة، في ما يبدو ذلك مسعى لإلصاق تهم الجريمة والفوضى بالمغرب، في حين تأتي هذه التطورات في ذروة توتر بين فرنسا والجزائر بعد أن رفضت الأخيرة استقبال المئات من مواطنيها الذين قررت باريس ترحيلهم ومن ضمنهم مصنفون خطرا على الأمن الفرنسي.

وليس واضحا ما إذا كان الأمر مرتبط بملف المرحلين بشكل مباشر أو أن الجزائر خططت حتى قبل تفاقم الأزمة مع فرنسا، لما يمكن اعتباره عملا اجراميا بكل المقاييس فقط لتشويه صورة المملكة والتشويش على علاقاتها بالشركاء الأوروبيين وفي مقدمتهم باريس التي تشهد علاقاتها مع الرباط أفضل فتراتها بعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وبمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب حلا وحيدا للنزاع المفتعل حول الصحراء.

وبحسب متابعين فإن الأمر يحتمل الفرضيتين، فالانزعاج الجزائري من تواتر الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء كشف عن حالة هوس ومخاوف من انهيار تام لمشروع الانفصال الذي تدعمه. والذي تقوده جبهة بوليساريو وهي الجبهة التي يراها مؤرخون ومحللون واجهة لمطامع وأجندة الجزائر.        

وتشير عملية الاحتيال الكبرى إلى أن المراد منها احراج المغرب الذين ينظر إليه الشركاء الأوروبيون على أنه شريك موثوق .والذي يرتبط مع دول الاتحاد الأوروبي بالكثير من اتفاقيات التعاون الأمني والاستخباراتي وكذلك اتفاقيات مكافحة الهجرة غير النظامية .والذي يبدي أيضا تعاونا كبيرا في ما يتعلق بأي إشكالات تخص مواطنيه ورعاياه في الخارج.

وبدا واضحا أن عملية التضليل التي قادتها قنصليات جزائرية من خلال تزوير هويات .ووثائق مهاجرين جزائريين غير شرعيين على أنهم مهاجرون مغاربة. لا تقتصر على فرنسا فحسب، فقد سبق للسلطات الاسبانية أن فككت شبكة جزائرية لتهريب البشر تشمل توفير وثائق لمهاجرين جزائريين بهويات مزورة تظهرهم على أنهم مغاربة.

ومن غير المستبعد أن عمليات التزوير تتم بتسهيل من مسؤولين في النظام الجزائري وبتنسيق مع مسؤولين في القنصليات الجزائرية. مما يرجح وجود ارتباطات مع عصابات تهريب البشر لغاية واضحة وهي تشويه صورة المغرب.

والفضيحة لا تشمل فقط عمليات تزوير الهويات والوثائق بل تتعداها إلى الابتزاز والمقايضات. اذ يتلقى المهاجرون غير الشرعيين أوامر باستخدام هويات مغربية مزورة من أجل تعطيل عمليات الترحيل، مضيفا أن “هذه القنصليات تطلب مبالغ مالية مقابل عدم إصدار جوازات المرور القنصلية وهي الوثائق التي تسمح بترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى الجزائر”.  

الموقع المغربي نقل أيضا عن الصحافي الجزائري محمد سيفاوي قوله، إن تلك الممارسات ليست ممارسات فردية بل سياسة ممنهجة تدار من مسؤولين في النظام الجزائري لمحاولة ضر صورة المغرب أوروبيا وأن الأمر يتم من خلال استغلال ضعف الرقابة الأوروبية على مثل تلك العمليات.

وقد تمكنت السلطات المغربية مؤخرا من كشف المخطط الجزائري. بعد وصول أحد المرحلين من ألمانيا من ذوي السوابق الاجرامية إلى مطار مراكش بوثائق مغربية. لكن التحقيقات أثبتت أنه جزائري.

وتستدعي عمليات الخداع والتضليل والتي ترقى الى مستوى الجريمة التي يعاقب عليها القانون الدولي، من الجانب المغربي التحرك دبلوماسيا وقانونيا في الخارج لفضح هذه الممارسات .ومقاضاة الأطراف الضالعة فيها وأيضا لتوضيح الموقف الرسمي للمملكة من قضايا ذات أهمية في سياق شراكاتها الخارجية.

ويشهد ملف ترحيل الجزائريين من فرنسا توترا متصاعدا بين البلدين. خاصة بعد حادثة قتل مواطن جزائري لمعلم في فرنسا. حيث تبادلت الدولتان الاتهامات حول مسؤولية عدم تنفيذ مذكرة الترحيل السابقة بحق الجاني.

وتتهم فرنسا الجزائر بعدم التعاون في تنفيذ عمليات الترحيل. حيث ترفض الأخيرة في كثير من الأحيان توفير الوثائق اللازمة لترحيل مواطنيها وعمدت كذلك لتعطيل الخدمات القنصلية لايقاف إجراءات الترحيل. وقد رفضت قائمة تضم أسماء نحو ستين جزائريا .مطلوبا ترحيلهم ووصفتها بأنها “مرفوضة شكلا ومضمونا”.

وتدهورت العلاقات بين البلدين بسبب اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه. مما زاد من حدة التوتر حول ملف الترحيل.

ويعترض الجانب الجزائري على “المقاربة الانتقائية. التي تنتهجها فرنسا إزاء الاتفاقيات الثنائية والدولية التي تربط البلدين” ويؤكد على واجب باريس في “توفير الحماية القنصلية لرعاياها المتواجدين بالخارج”. بينما تعتبر فرنسا أن عدم تعاون الجزائر يعيق جهودها في مكافحة الإرهاب والجريمة.

وهددا باريس بمراجعة اتفاقية الهجرة الموقعة بين البلدين عام 1968. مؤكدة تصميمها على ترحيل الأشخاص الذين يشكلون تهديدا للأمن العام. ومن غير المرجح أن تتعاون الجزائر في ترحيل مواطنيها المدرجين على قائمة الترحيل. مما يعني أن فرنسا قد تمضي قدما في مراجعة لاتفاقية الهجرة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى