سياسة

بين مطرقة الحصار وسندان الفساد.. تعز تواجه أسوأ أزمة مائية في تاريخها


وسط صمت رسمي وتفاقم الكارثة، تعيش مدينة تعز اليمنية واحدة من أسوأ أزماتها الإنسانية مع دخول أزمة المياه شهرها الثاني، في ظل ما وصفه ناشطون بـ “تواطؤ” بين الحوثيين وحزب (الإصلاح)، “الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن”، لاستخدام المياه كسلاح للعقاب الجماعي ضد المدينة المكتظة بالسكان.

وتعود جذور الأزمة إلى عام 2015 حين فرضت ميليشيات الحوثي حصارًا خانقًا على المدينة شمل وقف تدفق المياه من الحقول الرئيسية في شمال شرق المحافظة، ضمن استراتيجية ممنهجة لعقاب السكان. إلا أنّ الحصار لم يفلح في كسر إرادة أبناء تعز الذين لجؤوا في السنوات الماضية إلى شراء صهاريج المياه من مناطق الضباب أو من آبار ارتوازية في المدينة.

ووفق صحيفة (الأمناء نت) فإنّ الأزمة تصاعدت أخيرًا إلى مستويات غير مسبوقة، ليس بفعل الحصار الحوثي فقط، بل نتيجة الفساد الإداري والمالي العميق داخل مؤسسات الدولة المحلية التي يسيطر عليها حزب (الإصلاح) الإخواني، ممّا شلّ القدرة على تشغيل الآبار أو تنظيم توزيع المياه، بحسب شهادات محلية.

وبحسب سكان تحدثوا للصحيفة، ارتفع سعر صهريج المياه سعة (5) آلاف لتر من (24) ألف ريال يمني إلى أكثر من (120) ألف ريال، حوالي (42) دولارًا، في حين تجاوز سعر جالون مياه الشرب سعة (20) لترًا حاجز الـ (2000) ريال، بعد أن كان لا يتجاوز (150) ريالًا.

وتُعزى هذه القفزة الصاروخية في الأسعار إلى الفوضى العارمة التي تضرب قطاع التحلية التجارية، والتلاعب المستمر من قبل متنفذين محسوبين على حزب (الإصلاح).

في مواجهة موجة الغضب الشعبي، سارع حزب (الإصلاح) إلى التنصل من المسؤولية، محاولًا إحالة الملف إلى الحكومة المعترف بها والمجلس الرئاسي، رغم هيمنة الحزب شبه المطلقة على مفاصل الإدارة المحلية في تعز.

وفي بيان صدر يوم الأحد الماضي، وصف الحزب الأزمة بـ “حالة طوارئ”، متجاهلًا عمقها المزمن واتهامات الشارع بتورطه في التربح من تجارة المياه واحتكار الآبار.

الناشطة اليمنية أنيسة الحمزي علقت على البيان واصفة موقف الحزب بـ “الضبابي” و”المراوغ”، مشيرة إلى أنّ حزب (الإصلاح) تجاهل مطالب السكان، ولم يقدّم أيّ حلول ملموسة، بل لجأ إلى إنكار دوره في تفاقم الكارثة.

في ظل هذا الواقع المأساوي، تتصاعد الدعوات لكسر الحصار عن المدينة وتحرير الحقول المائية من سيطرة الحوثيين، ووقف العبث الإخواني بالمشاريع الوهمية الممولة من المنظمات، ودعم إنشاء مشاريع استراتيجية كتحلية مياه البحر أو بناء سدود لمواجهة الجفاف.

وطالب ناشطون بسرعة تنفيذ مشروع “مياه طالوق” الذي أعلنه نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح عام 2023، باعتباره أحد الحلول الممكنة لإنهاء العطش المزمن في تعز.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى