بين المصالح والتاريخ.. معضلة الشراكة الفرنسية مع غرب أفريقيا

رأى مراقبون أن خطاب فرنسا في الأمم المتحدة هذا الشهر .بشأن منطقة الساحل وغرب أفريقيا يعكس رغبة ملحة إلى العودة لمناطق نفوذها السابق.
وأجبرت فرنسا على إخلاء قواعد عسكرية في عدد من دول غرب أفريقيا والساحل بعد سلسلة انقلابات في القارة السمراء.
وبينما تبرر باريس رغبتها في استعادة وجودها بزعم الحرب على الإرهاب. يخامر عواصم أفريقيا شكوكا بشأن أطماع فرنسية في العودة إلى مستعمراتها السابقة.
وقال الخبراء إنها لحظة تحاول فيها فرنسا تحقيق توازن هش بين الأمن والتاريخ، في وقت تُلقى فيه التحديات الأمنية والتنموية على كاهل السكان. فيما تنطلق باريس من منابر دولية لتقديم نفسها شريكًا يحترم السيادة وليس قوة استعمارية تسعى للعودة.
-
من الساحل إلى القرن.. داعش يربط خلاياه في أفريقيا ويهدد الأمن الدولي
-
بعد الخروج الفرنسي.. داكار تواجه تحديات أمنية في محيط مضطرب
مضمون الخطاب
وفي 7 أغسطس/آب الجاري، خلال جلسة مجلس الأمن في نيويورك. أكد ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة، جاي دهارماديكاري، أن منطقة الساحل وغرب أفريقيا تواجه تحديات أمنية وسياسية وإنسانية متنامية.
وأضاف أن فرنسا تدعم الجهود الإقليمية، مثل “إطار ياوندي الأمني”، والجهود المشتركة بين الإيكواس والاتحاد الإفريقي.
و”إطار ياوندي الأمني” هو منظومة إقليمية للأمن البحري تهدف إلى مكافحة التهديدات البحرية في خليج غينيا، مثل القرصنة والسطو المسلح والجرائم المنظمة العابرة للحدود. وتأسست المنظمة عام 2013 بموجب مدونة ياوندي لقواعد السلوك، وقعت عليها 25 دولة من غرب ووسط أفريقيا في العاصمة الكاميرونية ياوندي.
كما شدد ممثل فرنسا على أن باريس تلتزم بالقانون الدولي، والإغاثة الإنسانية. وحماية الحقوق، مع التأكيد على تعزيز الحكم الرشيد ومواجهة التطرف.
وتابع أن فرنسا ستستمر في التعاون مع الأمم المتحدة والدول الأفريقية، ضمن إطار احترام السيادة.
-
التمدد الإرهابي يجر غرب مالي إلى دوامة عنف جديدة
-
من الأطراف إلى المراكز.. القاعدة تنقل معاركها إلى المدن غرب أفريقيا
هواجس تكبح الرغبة
وتعليقا على الخطاب الفرنسي، قال أمادو سادجو باري، أستاذ الفلسفة .والباحث الأفريقي المتخصص في أخلاقيات العلاقات الدولية إن الرفض الشعبي لمقولة “فرنسا أنقذت الأمة” يمثل تعبيرًا عن رغبة عاجلة لمحاصرة الإرث الاستعماري.
وأضاف: “ينبغي التمييز بين الموقف من التواجد العسكري الفرنسي والموقف من فرنسا كفاعل. الكلمات مثل فرنسا اخرجي تُستخدم لشرعنة الحريات السياسية”.
وتابع: “نحن لا نرى باريس في صورة استعمارية جديدة. وإنما نطالب المجتمع بإعادة ترتيب علاقة قائمة على المساواة والاحترام المتبادل، بعد عقود من العلاقات غير المتكافئة”.
-
تحت غطاء محاربة الإرهاب.. روسيا توسع حضورها العسكري في أفريقيا
-
تعاون مغربي فرنسي يُفشل مؤامرة إرهابية قبل تنفيذها
كما اعتبر أن خطاب فرنسا في الأمم المتحدة حول منطقة الساحل وغرب أفريقيا يعكس رغبتها في العودة إلى مستعمراتها السابقة بزعم دحر الإرهاب. معتبرًا أنه محاولة لتوازن هش بين الأمن والتاريخ.
من جهتها، قالت الباحثة الفرنسية بياتريس هابو، في معهد العلوم السياسية والمختصة بالاقتصاد السياسي لأفريقيا جنوب الصحراء “لا يناقش خطاب فرنسا تاريخيًا أو لوجستيًا. لكنه يفوّض للسياسات المؤسسية الدور الرئيسي”.
وترى في الخطاب تأكيدًا على انتقال فرنسا نحو شراكة مؤسساتية أفضل (بناء المؤسسات، حقوق الإنسان)، بعيدًا عن المقاربات العسكرية المباشرة.
-
إيران تتوجه نحو غرب أفريقيا بتعزيز التعاون الأمني في خطوة لتوسيع نفوذها
-
بين الحروب والفوضى.. فيلق أفريقيا يواجه تحديات مالي الملتهبة
وتابعت: “لا بد من التأكيد على أن الأحكام الاقتصادية والتاريخية. مثل استخدام العملة (CFA) ومصادر التنمية، ما تزال تمثل ثقلًا رمزيًا وسياسيًا يعيق استقلالية حقيقية للدول الأفريقية”.
والفرنك الأفريقي، المعروف اختصارًا بـ CFA (الجماعة المالية الأفريقية)، هو عملة تستخدمها 14 دولة في غرب ووسط أفريقيا، معظمها مستعمرات فرنسية سابقة. تم إنشاء العملة في عام 1945 وتخضع للرقابة الفرنسية، مما يثير جدلاً واسعاً حول استقلالية الدول الأفريقية التي تستخدمها.