بعد نشر رسوم مهينة لخامنئي.. إيران تحذر فرنسا برد حاسم
قامت إيران بتحذير الحكومة الفرنسية الأربعاء من ردّ حاسم، بعد نشر مجلة ‘تشارلي إيبدو’ الساخرة رسوما كاريكاتورية اعتبرتها طهران “مهينة” للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
ونشرت المجلة في عدد خاص اليوم الأربعاء، رسوما كاريكاتورية لخامنئي، أعلى شخصية سياسية ودينية في الجمهورية الإسلامية وصاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا.
وأتت الرسوم في سياق مسابقة أعلنت عنها المجلة الساخرة دعما للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر في أعقاب وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني على إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عبر تويتر “إن العمل المهين وغير اللائق الذي بادرت إليه مجلة فرنسية ضد المرجعية السياسية والدينية لن يمر دون رد حاسم وفعال”، مضيفا “لن نسمح للحكومة الفرنسية بتجاوز حدودها. لقد اختاروا طريقا خاطئا بالتأكيد”.
وأطلقت مجلة شارلي ابدو في ديسمبر 2022 “مسابقة دولية لإعداد رسوم كاريكاتورية” لخامنئي بهدف “دعم الإيرانيين الذين يناضلون من أجل حريتهم”.
وأعلنت الخارجية الإيرانية استدعاء السفير الفرنسي في طهران نيكولا روش على خلفية “السلوك المسيء لإحدى الصحف الفرنسية للمرجعية والمقدسات والقيم الدينية والوطنية”، وفق وكالة “إرنا” للأنباء.
وأضافت “إرنا” أن الناطق باسم الوزارة ناصر كنعاني أبلغ السفير الفرنسي في لقاء عقد الأربعاء “احتجاج إيران الشديد على الحكومة الفرنسية”. مؤكدا أن “الجمهورية الإسلامية لن تقبل إطلاقا بالإساءة إلى المقدسات ومبادئها الإسلامية والمذهبية والوطنية”. مضيفا “لا يحق لفرنسا تبرير الإساءة إلى مقدسات الدول الأخرى والشعوب المسلمة، بذريعة الدفاع عن حرية البيان”.
وقال كنعاني “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحمل الحكومة الفرنسية المسؤولية بشأن التداعيات المترتبة على هذا السلوك البغيض” بحسب ما أوردت “إرنا”.
وتابع “إيران تحتفظ بحقها في اتخاذ الرد المناسب على هذا الإجراء”. وسُلّم السفير الفرنسي مذكرة احتجاج رسمية باسم وزارة الخارجية الإيرانية في هذا الخصوص. مؤكدا أن “الجمهورية الإسلامية تتوقع رد وإيضاح الحكومة الفرنسية واتخاذ إجراء تعويضية عبر التنديد بسلوك الصحيفة”.
وكان مدير المطبوعة لوران سوريسو المعروف باسم ريس أوضح أن ذلك “كان طريقة لإظهار دعمنا للرجال والنساء الإيرانيين الذين يخاطرون بحياتهم للدفاع عن حريتهم ضد النظام الديني الذي يضطهدهم منذ العام 1979”.
ورأت الوزيرة الفرنسية السابقة والنائبة في البرلمان الأوروبي ناتالي لوازو في تغريدة أن رد الفعل الإيراني “محاولة للتدخل” في شوؤن “شارلي إيبدو” و”تهديد” للمجلة. مضيفة “ليكن الأمر واضحا: النظام القمعي الديني في طهران لا يسعه أن يملي دروسا لفرنسا”.
وقُتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كما تم توقيف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءا كبيرا منها بمثابة “أعمال شغب” يقف خلفها “أعداء” الجمهورية الإسلامية.
وأعربت عدة دول غربية منها فرنسا عن دعمها للاحتجاجات، موجّهة انتقادات لتعامل السلطات الإيرانية معها. ونشرت الأسبوعية الفرنسية الرسوم في عدد خاص إحياء للذكرى السنوية لهجوم على مكاتبها في باريس في السابع من يناير 2015، نفذّه مسلّحان مرتبطان بتنظيم القاعدة، وقالا إنه كان انتقاما لنشرها رسوما كاريكاتورية اعتبرت مسيئة للنبي محمد.
وأسقطت الاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر الماضي هالة القداسة عن المرشد الأعلى في إيران الذي كان يعتبر إلى وقت قريب خطا أحمر، حيث أحرقت صوره أو رفعت كتب عليها كلمات لاذعة تصفه بالدكتاتور والقاتل ورفعت شعارات تنادي برحيله والنظام الديني.
وفي العقود الماضية منذ الثورة الإسلامية يعتبر المساس بصورة النظام الديني ورموزه جريمة يعاقب عليها القانون بشدة ولم يكن بإمكان الإيرانيين الخوض أو انتقاد المرشد أعلى مرجعية سياسية ودينية، لكن منذ الاحتجاجات الأخيرة كسرت حاجز الخوف وشكلت تحديا كبيرا لرجال الدين الشيعة وللمؤسسة الدينية الحاكمة.