سياسة

بعد فشل اللقاء الأول بين بوتين وزيلينسكي.. هل ينجح الاجتماع الثاني؟


في ديسمبر 2019، التقى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بنظيره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في باريس ضمن إطار محادثات صيغة نورماندي، في محاولة لحل الصراع في دونباس.

 كانت تلك المرة الوحيدة التي جمعتهما وجهاً لوجه، لكن اللقاء انتهى بالفشل بسبب تباين الأولويات وغياب الثقة، وهي نتيجة تلقي بظلالها على إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤخراً ترتيبات للقاء ثانٍ محتمل بين الزعيمين.

 لكن وفق تقرير لمجلة “ذا كونفيرتشون”، فإن فرص نجاح اللقاء الثاني، تبدو أكثر، رغم أن الشك لا يزال يحيط بإمكانه عقد اللقاء من عدمه، مع التصلّب الذي تبديه موسكو، والتي اقترحت استضافة اللقاء، وهو ما رفضته كييف على الفور.

تباينات عميقة
عندما التقى زيلينسكي وبوتين في باريس، كان الرئيس الأوكراني قد تولى الرئاسة حديثاً، مدفوعاً بحماس لإنهاء الصراع في دونباس الذي بدأ عام 2014 بعد ضم روسيا للقرم. 

ركزت محادثات صيغة نورماندي، التي قادتها فرنسا وألمانيا، على تنفيذ اتفاقيتي مينسك (2014 و2015)، اللتين هدفتا إلى وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات في دونيتسك ولوغانسك، لكن الخلافات الأساسية أعاقت التقدم. 

وطالب زيلينسكي حينها، بتطبيق الأحكام الأمنية أولاً، مثل وقف إطلاق النار الدائم وتأمين الحدود الأوكرانية مع روسيا، قبل إجراء انتخابات إقليمية، فيما أصرّ بوتين على إعطاء الأولوية للانتخابات لمنح الحكم الذاتي للمناطق الانفصالية.

وعكس هذا التباين في التسلسل أهدافاً متضاربة، فأوكرانيا تسعى لاستعادة السيادة، وروسيا تريد الحفاظ على نفوذها. علاوة على ذلك، رفض بوتين الاعتراف بدور موسكو المباشر في الصراع، مصوراً إياه كحرب أهلية، مما أثار استياء كييف والغرب.

 هذا الإنكار، إلى جانب عدم الثقة المتبادلة، جعل الاتفاق مستحيلاً، رغم تصريحات متفائلة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس بوتين، وصف زيلينسكي النتيجة بـ”التعادل”، مشيراً إلى غياب اختراق حقيقي. 

اللقاء الثاني.. هل ينجح؟
ترى “ذا كونفيرتشون”، أنه إذا استطاع ترامب عقد لقاء ثان بين زيلينسكي وبوتين، فإن العديد من التحديات لا تزال قائمة، كما أن محور المحادثات يستمر حول قضايا مستعصية منذ أكثر من عشر سنوات، مثل الأمن ووضع دونيتسك ولوغانسك.

 لكن ثمة اختلافات جوهرية، أبرزها ثلاث سنوات ونصف من الحرب المباشرة الفعلية، إذ لم يعد بإمكان روسيا إنكار كونها طرفاً في الصراع، حتى لو صوّرت موسكو الحرب على أنها عملية عسكرية خاصة لـ”نزع النازية” ونزع سلاح أوكرانيا، وفق المجلة.

وأدت ثلاث سنوات من الحرب إلى تغيير طريقة صياغة قضايا شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس، ففي محادثات نورماندي، لم يُطرح أي نقاش حول الاعتراف بالسيطرة الروسية على أي أراضٍ أوكرانية.

 لكن جهود واشنطن الأخيرة تضمّنت اعترافاً أمريكياً “شرعياً” بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم، إضافة إلى اعتراف “فعلي” بسيطرة روسيا على كامل منطقة لوغانسك تقريباً والأجزاء “المحتلة” من دونيتسك وخيرسون وزابوريزهيا.

 كما أن الفرق الرئيس الآخر بين عملية التفاوض آنذاك والآن هو من يتوسط، فقد أدار مفاوضات نورماندي القادة الأوروبيون، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي ماكرون، وطوال المحادثات لم تشارك سوى ألمانيا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا بشكل فاعل.

واليوم أصبحت الولايات المتحدة هي التي تتولى زمام المبادرة، وهذا يُناسب بوتين، إذ كانت إحدى المشكلات الدائمة التي واجهها زعيم الكرملين في محادثات نورماندي، هي أن ألمانيا وفرنسا لم تكونا وسيطين محايدين.

لكن رغم قمته الأخيرة رفيعة المستوى مع بوتين، واجتماعه اللاحق مع زيلينكسي، لم يُحرز ترامب تقدماً يُذكر نحو إنهاء الصراع في أوكرانيا، كما لم يُبدِ الرئيسان الروسي والأوكراني أي ميل للتنازل عن أهدافهما.

وتعتقد “ذا كونفيرتشون”، أن جمع زعماء أوكرانيا وروسيا في نفس الغرفة يشكل بالفعل تحديًا هائلاً، وقد يكون حملهما على الموافقة على اتفاق دائم بعيد المنال الآن كما كان عندما التقى بوتين وزيلينسكي في عام 2019.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى