بسبب نجاحه في إدارة البلاد.. الكاظمي على بعد خطوات من رئاسة الوزراء
في ظل الجدل الذي لا يزال محتدما بالعراق بشأن الأغلبية الوطنية التي يدعو إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. والتوافقية التي تصر عليها باقي القوى والكتل السياسية. فإن اختيار رئيس الوزراء يبدو هو المهمة الأصعب بين المتخاصمين من دعاة الأغلبية أو التوافقية.
لكن، المؤشرات والدلالات تشير إلى أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي انتهت ولايته بعد إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من أكتوبر الماضي، هو المرشح الأقرب لنيل هذا المنصب. وذلك لأنه نجح في غضون عام وبضعة أشهر نجح في أهم ملفين حددا لحكومته وسط شكوك في إمكانية تحقيقهما وهما إجراء الانتخابات، وإعادة هيبة الدولة.
نجاحات الكاظمي
وقد تولى الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية في ظل احتجاجات شعبية وجمود سياسي وأزمة كورونا. وبعيد توليه هذا المنصب حدد لحكومته عدة أهداف من أبرزها حصر السلاح بيد الدولة، ومحاربة الفساد ومواجهة تبعات كورونا.
ومع أن القوى السياسية ربطت مسألة حصر السلاح بيد الدولة ضمن هيبة الدولة. فإن الكاظمي الذي نجح في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، حقق نجاحات أخرى لا تقل أهمية عن ذلك. وهي تأمين زيارة تاريخية لبابا الفاتيكان وقمة ثلاثية (عراقية – مصرية – أردنية) ومن ثم مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة.
تضارب سياسي
وعلى صعيد معركة التجديد لرئاسة الحكومة، فإن القوى المناوئة للكاظمي وفي مقدمتها قوى الإطار التنسيقي الشيعي ترفض التجديد للكاظمي. ومقابل هذه القوى يقف التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي يريد حكومة أغلبية وطنية ويؤيد إلى حد كبير التجديد للكاظمي.
غير أن اللافت في الأمر أن الصدر، الذي لم يعد مقربا من إيران والباحث عن أغلبية وطنية لا تؤيدها طهران الباحثة عن التوافقية مثلما تقول التسريبات وأحاديث الغرف المغلقة يؤيد التجديد للكاظمي. أما قوى الإطار التنسيقي المقربة من إيران فإنها تريد التوافقية التي تريدها طهران لكنها ترفض التجديد للكاظمي الذي مدحه قبل يومين عبد اللهيان.
انشقاقات القوى السياسية
ولأن مفارقات السياسة العراقية لا تنتهي فإن قصة البحث عن رئيس للوزراء باتت ترتبط إلى حد كبير بمسألة البحث عن رئيسي الجمهورية والبرلمان. فالكرد المنقسمون على مرشحهم لرئاسة الجمهورية يبحثون مع السنة عن صيغة ترضي التحالفين السنيين، حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان السابق الباحث هو الآخر عن ولاية جديدة، وتحالف عزم بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر، مقابل تأييدهم المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية المختلف عليه بين الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني). والكرد يبحثون مع الشيعة صيغة ترضي الطرفين الشيعيين المتخاصمين (الصدر والإطار التنسيقي) لاختيار رئيس جديد للوزراء بين عدة مرشحين من بينهم الكاظمي.
ويميل الكرد إلى التوافقية وهو ما لا ينسجم مع رؤية الصدر لكنهم يتطابقون مع زعيم التيار الصدري في تأييد الكاظمي الذي لا ترضى عنه جماعة الإطار التنسيقي. وكان من بين أهداف وفد الإطار التنسيقي بزعامة نوري المالكي الذي زار أربيل والسليمانية مؤخراً عدم التجديد للرئاسات الثلاث وهو ما يعني عدم التجديد للكاظمي أيضاً الذي يريده الأكراد مع أنهم مختلفون على المرشح لمنصب رئيس الجمهورية.
وفيما لا يزال الموقف غامضاً إلى حد كبير من إمكانية التجديد للرئيس الحالي للجمهورية برهم صالح أو رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي فإن ثناء عبد اللهيان على الكاظمي جعله يسجل هدفا في مرمى خصومه وربما يكسب نصف الجولة نحو معركة رئاسة الوزراء.
ويشار إلى أن الكاظمي، وهو مواليد عام 1967، عمل في الصحافة لفترة طويلة. بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 عاد من المنفى وتابع مسيرته الإعلامية إلى جانب توليه إدارة مؤسسة الذاكرة العراقية التي تهدف إلى توثيق جرائم نظام صدام حسين. وفي عام 2016 تولى رئاسة جهاز المخابرات العراقي وتمكن بفضل ذلك من بناء علاقات واسعة على الصعيدين المحلي والدولي.