بسبب الأزمة الاقتصادية.. فرحة العيد منقوصة في اليمن
تبدو الأجواء حزينةً مع اقتراب عيد الاضحى في سوق الماشية في عدن، كبرى مدن جنوب اليمن الذي يشهد “حربًا اقتصادية” بين طرفي النزاع الدائر منذ 2014 تضيّق الخناق على سكان أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
ويأكل عشرات الماعز التبن في حين يغطي الرعاة الحظائر لحماية الماشية من أشعة الشمس الحارقة. لكن لا يأتي سوى عدد قليل من الزبائن لشرائها.
ويقول أحدهم ويُدعى عامر محمد وهو مدرّس في عدن “من كان يعيّد برأس (ماشية). بات هذه السنة يعيّد بنصف (رأس)، يشترك شخصان برأس واحدة وفقًا للظروف المعيشية”.
وجاء الراعي إياد العليمي لبيع ماشيته في عدن، المقرّ الموقت للحكومة منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء في العام 2014.
ويؤكد “توقعنا كثيرًا أن تتحسن الأوضاع وأن تصبح معيشة المواطن بخير وأن يتوفّر له كلّ شيء. وأن تصبح الأسعار أرخص. للأسف كل شيء غال”.
ومنذ أكثر من ثماني سنوات، يعيش اليمنيون شبه المعزولين عن العالم. في ظلّ حرب أهلية اتخذت منحى إقليميًا، بين الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية. والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وتم التوصل إلى هدنة في أبريل 2022. ورغم انتهاء مدّتها في أكتوبر الماضي. سُجّل تراجع كبير في القتال ما أنعش آمال التوصل لسلام.
شبه أموات
وقال المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ في منتدى اليمن الدولي الذي عُقد في لاهاي منتصف الشهر الحالي، إن “الحرب الاقتصادية اشتدّت”.
وأضاف “اتخذ الطرفان تدابير تصعيدية وتدابير مضادة اقتصادية ما زاد من وقع الضرر على اقتصاد اليمن الذي يعاني أصلاً من التحديات. وكان لذلك كما نعلم جميعًا أثر مدمر على الشعب اليمني في نهاية المطاف”.
وأغرق النزاع اليمن وهو أصلًا أفقر دول شبه الجزيرة العربية، بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم وتسبب بتراجع ناتجه المحلي الإجمالي إلى النصف، بحسب البنك الدولي.
وأعطت الهدنة والجهود الدبلوماسية الأخيرة التي تلت التقارب السعودي الإيراني. وهدفت إلى وضع الحرب على طريق الحل، متنفّسًا لليمنيين البالغ عددهم 30 مليونًا، لكن الارتياح والأمل لم يستمرّا طويلًا.
ففي أواخر العام 2022، تسببت هجمات بمسيّرات شنّها المتمردون على منشآت نفطية بحرمان الحكومة من تصدير النفط، مصدر عائداتها الرئيسي، ما فاقم تدهور قيمة العملة الوطنية.
وتواجه الحكومة صعوبات في تمويل الخدمات الأساسية ورواتب الموظفين الحكوميين. في حين أن الموظفين الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين لم يتقاضوا أجورهم منذ سنوات.
ويقول وهيب داود وهو أحد سكان عدن، “نحن في وضع سيء جدًا… لا كهرباء لا ماء لا رواتب غلاء فاحش لا تربية لا صحة… نحن شبه أموات، لا نعيش”.
منع دخول البضائع
ويشير البنك الدولي في تقرير نُشر في أبريل إلى أن القطاع الخاص في اليمن الذي يواجه أصلًا نقصًا في المواد الأولية وتهالك البنى التحتية، يعاني من “ضرائب مزدوجة (تفرضها الحكومة والمتمردون) ومن فساد معمّم”، متوقّعًا تسجيل ركود هذا العام وبلوغ التضخم نسبة 16.8%.
في مناطق شمال البلاد وغربها الخاضعة لسيطرة المتمردين. حيث يعيش قرابة 80% من الشعب، الوضع أيضًا مأسوي رغم تخفيف الحصار البحري والجوي الذي تفرضه السعودية.
ويؤكد مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، وهو منظمة يمنية غير حكومية، أن “هناك هدنة حدثت على المستوى العسكري والسياسي ولكن بالمقابل فقد تصاعدت حدة المواجهات والحرب الاقتصادية”.
ويشير إلى أن “رغم فتح الخطوط الملاحية إلى ميناء الحديدة. فقد تم اتخاذ قرار بمنع دخول البضائع المستوردة من الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية”.
وفي هذه المدينة الإستراتيجية الواقعة في غرب البلاد، فتح الموظف الحكومي السابق حسن الذي لم يرغب بالكشف عن اسم عائلته، متجرًا صغيرًا لبيع المثلّجات لتأمين لقمة عيش عائلته.
لكن مع ذلك يقول إنه سيضطر لبيع سيارته لتوفير احتياجات أسرته للعيد. ويؤكد “أنا أصلًا توقفتُ عن استخدام سيارتي منذ فترة طويلة بسبب عدم قدرتي على توفير الوقود”.