في معركة خفية تدور تحت سطح البحار، باتت الألغام البحرية تهديدًا صامتًا يشلّ طرق التجارة العالمية ويهدد أمن الممرات البحرية. ومع تصاعد المخاطر، لجأت بريطانيا وفرنسا إلى أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي لتعزيز دفاعاتهما، عبر نظام MMCM القادر على كشف الألغام وتحييدها دون تعريض الأرواح للخطر. النظام الجديد، الذي طوّرته شركة تاليس، يُعد قفزة نوعية في تكنولوجيا مكافحة الألغام، حيث يعتمد على طائرات ومركبات مسيّرة تعمل بكفاءة عالية في اكتشاف التهديدات البحرية، في خطوة قد تعيد تشكيل موازين القوى في الأمن البحري. وأعلنت شركة الدفاع الفرنسية «تاليس» تسليم أول نظام من أربعة أنظمة لمكافحة الألغام البحرية إلى فرنسا في فبراير/شباط الماضي، كما سلمت يوم الجمعة الماضي نظامًا آخر إلى المملكة المتحدة وهو أيضًا الأول من بين أربعة. وكشفت "تاليس" أن نظام" MMCM " المعياري يسمح بكشف الألغام البحرية وتحييدها دون الحاجة إلى تعريض البحارة للخطر على متن السفن المأهولة، وفي مقابل الحصول عليه دفعت فرنسا وبريطانيا 468 مليون دولار أمريكي، وفقا لما ذكره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي. ويُعد زرع الألغام البحرية عملاً غير مكلف نسبيًا، لكن عواقبه باهظة التكلفة على التجارة العالمية. وأصبحت الألغام المزروعة خلال الحرب الروسية الأوكرانية مشكلة مقلقة لممرات الشحن في البحر الأسود. خطر داهم وعلى النقيض من الألغام الأرضية التي تميل إلى البقاء في مكان واحد، فإن الألغام البحرية يمكن أن تستقر على أي عمق، وقد تنفصل عن المرساة وتبدأ في الانجراف، مما يجعلها خطيرة للغاية حتى أن مصطلح "إزالة الألغام" لا ينطبق عليها حيث يستخدم مصطلح "إجراءات مكافحة الألغام" في البحر. وفي تصريحات لـ"بيزنس إنسايدر"، قال ماثيو موريسون، مدير تسليم إجراءات مكافحة الألغام في شركة "تاليس" بالمملكة المتحدة، إن "نقل الغذاء ومصادر الطاقة لمنازلنا مُهدد أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية". وبالفعل تُستخدم المركبات والطائرات المُسيّرة في عمليات مكافحة الألغام البحرية لكن عادةً ما يتم ذلك بالتزامن مع السفن التقليدية المُأهولة. وترى "تاليس" أن نظامها المُستقل المُدعّم بالذكاء الاصطناعي يُمكنه تبسيط العملية. ولرسم خريطة للمنطقة وتحديد مواقع الألغام، يُسحب سونار مُتطور على طول الماء بواسطة طائرة مُسيّرة بطول 39 قدمًا، يُمكن التحكم فيها عبر مركز العمليات المحمول للنظام، سواءً على البر أو في البحر حتى مسافة 14 ميلًا وبمجرد اكتشاف لغم، يُمكن إرسال مركبة تعمل عن بُعد لتحييده، تحت سيطرة أفراد مركز العمليات. وقال موريسون "هذه السفن مُجهزة بنظام كشف الأهداف والتعرف عليها تلقائيًا بالذكاء الاصطناعي"، مما يُسرّع العملية بشكل كبير. وأعلنت البحرية الملكية البريطانية عن تجربة ناجحة للنموذج الأولي للنظام الجديد في خليج كلايد الأسكتلندي أواخر العام الماضي.