سياسة

بداية سياسية ساخنة لـ2023 في ليبيا .. قيادة بلا نتائج


بدأ العام الجديد 2023 بشكل ساخن سياسيا رغم برودة الطقس على اقتصاد ليبيا وأمنها.

ومنذ مطلع العام الماضي تعيش ليبيا، أزمة سياسية خانقة تمثلت في صراع بين حكومتين على السلطة. الأولى كلفها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، والثانية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة.

دعا هذا الصراع الأمم المتحدة للتفكير في حل عبر مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة الليبيين. للتوافق حول قاعدة دستورية تجري على أساسها انتخابات تجدد شرعية الأجسام التشريعية والتنفيذية في البلاد.

إلا أن ذلك العام انتهى قبل يومين دون أن يتحقق أي شيء من الخطة الأممية، إثر خلافات بين الأجسام السياسية على شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

حيث يصر مجلس الدولة الذي يحركه تنظيم الإخوان على إقصاء العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح، في حين يصر مجلس النواب على إتاحة الفرصة لجميع الليبيين للترشح. 

أما العام الجديد 2023، فقد مر أول أيامه أمس، دون أحداث تذكر فيما شهد اليوم الثاني، الإثنين، أحداثا سياسية بارزة تدل بعضها على قرب الحل فيما تدل أخري على استحالة ذلك على المدى القريب.

 أول تلك الأحداث تمثلت في إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة أن “عام 2023 سيكون عام إجراء الانتخابات في ليبيا”.

تصريحات الدبيبة المتفائلة جاءت خلال افتتاحه الاجتماع الأول لمجلس وزراء حكومته اليوم الإثنين في العاصمة الليبية طرابلس.

وبالرغم ذلك التفاؤل، عاد الدبيبة لمهاجمة خصومة متهما “رئيسي مجلس النواب والدولة المستشار عقيلة صالح وخالد المشري بالتملص من مسؤولياتهم وحرمانهم لمليوني وثمانية ألف ناخب من حقهم الانتخابي في 24 ديسمبر 2021”.

هذا التاريخ الذي ذكره الدبيبة هو موعد الانتخابات التي كانت مقررة وفق مفاوضات سابقة بين الأطراف الليبية جرت في جنيف في 2022، لكنه مر دون إجراء الاستحقاق بسبب غياب التوافق على قاعدة دستورية.

وكانت هناك أسباب أخرى لهذا الفشل، هي معارضة الدبيبة لقانون الانتخابات الصادر عن مجلس النواب. السلطة التشريعية في البلاد، وهجوم شنته مليشيات مسلحة في غرب البلاد على مقار انتخابية؛ الأمر الذي دعا مفوضية الانتخابات لتعليق العلمية الانتخابية بدعوى “القوة القاهرة”.

وخلال كلمته اليوم أمام وزرائه، قال الدبيبة أيضا إن موقف حكومته “تجاه الانتخابات ثابت ولا حياد عنه وأن ما يسمى بالقوة القاهرة ما هو إلا تخويف لليبيين”.

وأشار إلى أن حكومته “ومفوضية الانتخابات على أتم الاستعداد لتنفيذ الاستحقاق الوطني وأن عام 2023 هو عام الانتخابات وعام توحيد المؤسسات والقطاعات والمنظمات المدنية ودعم الشخصيات الوطنية التي مطلبها وغايتها تحقيق الانتخابات”.

ومضى قائلا “حان موعد تسليم المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقنا”، إلا أنه استطرد بالقول “لن نسلمها إلا لأيادي أمينة حريصة على أمنها وأمانها ومقوماتها ومواردها”.

مصير المبادرة الجديدة

واليوم أيضا، ومن ضمن الأحداث السياسية الجارية في ليبيا، رفض ما يعرف بمجلس الدولة الليبي، دعوة المجلس الرئاسي، لعقد لقاء مع مجلس النواب الأسبوع المقبل بحضور المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي.

تلك الدعوة أطلقها المجلس الرئاسي الليبي قبل أيام ضمن مبادرة لحل الأزمة الليبية عبر التوافق حول قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات في أقرب وقت ممكن، لكن رفض مجلس الدولة لها يعد أول مسمار يدق في نعشها.

وموقف مجلس الدولة ذلك جاء بعد تصويت أعضائه على “رفض اللقاء” خلال جلسة رسمية عقدها اليوم في طرابلس، وفق ما صرحت به لوسائل إعلام محلية، نعيمة الحامي عضو المجلس وهي القيادية الإسلاموية المقربة جدا من تنظيم الإخوان الإرهابي.

وفي تصريحاتها قالت نعيمة الحامي “مجلس الدولة صوت في جلسته اليوم على عدم الذهاب إلى لقاء غدامس”، وهي المدينة الليبية التي حددها المجلس الرئاسي مكانا لعقد اللقاء الثلاثي بين المجالس الليبية الثلاثة (النواب والمجلس الرئاسي ومجلس الدولة).

ورغم رفض مجلس الدولة الانخراط في مبادرة المجلس الرئاسي لحل الأزمة الليبية، إلا أن المجلس ذاته (الدولة الاستشاري) صوت أيضا على استئناف الحوار مع مجلس النواب؛ وهو الحوار الذي كان معلقا من طرف مجلس الدولة منذ شهر.

وبالعودة لمبادرة المجلس الرئاسي، فعلى ما يبدو أنها أيضا لا تلاقي قبولا لدى مجلس النواب الليبي هو الآخر، بعد أن صرح المستشار الإعلامي لرئاسته بشيء قريب من ذلك.

فتحي المريمي قال في تصريح اليوم لـ””، إن “مجلس النواب لم يرد حتى الآن على دعوة المجلس الرئاسي بشأن الالتقاء به ومجلس الدولة في غدامس”.

ورغم تأكيد المريمي وجود “تقارب كبير بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الاستشاري”، إلا أنه استغرب في ذات الوقت “دعوة بعض الجهات المحلية والدولية إلى مبادرات في هذا الوقت الذي فات فيه الآوان على ذلك”، وفق قوله.

واعتبر المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي فتحي المريمي تلك الدعوات “مناكفات سياسية”، طارحا تساؤلات حول الجهة الداعية لذلك الاجتماع (المجلس الرئاسي الليبي) وقال “كيف تدعوا تلك الجهة لعقد اجتماع لحل الأزمة في الوقت الذي لديها مهام واختصاصات محددة لم تقوم بتنفيذها؟”.

وأكد أن تلك المهام المنوطة بالجهة الداعية لاجتماع إقرار القاعدة الدستورية في غدامس “تسبق القاعدة الدستورية والانتخابات ومنها المصالحة الوطنية ونزع سلاح المليشيات وتوفير الأمن للعملية الانتخابية ودعم المفوضية العليا للانتخابات وكذلك الناخب ليدلي بصوته بكل طمأنينة”.

وبحسب المريمي، فإن “إنجاز تلك الاستحقاقات هي التي ستساعد في تيسير الظروف والمناخ لإنجاز وإنجاح العملية الانتخابية الرئاسية والبرلمانية وتحقق رغبة ما يزيد عن اثنين مليون ونصف ناخب ليبي”.

وبناء على ذلك، وفق المريمي، “من الأجدر بكل المؤسسة السياسية والتنفيذية الليبية أن تقوم بدورها المناط ولا تتعدى ذلك”.

بداية ساخنة

هذه الأحداث السياسية المتلاحقة في ليبيا خلال يوم واحد فقط “مبشرة ومعسرة معا”، وفق ما قاله المحلل السياسي الليبي يوسف الفزاني. وأضاف “2023 بدأت بداية سياسية ساخنة رغم برودة الطقس الشتوي”.

الفزاني أوضح أن “تصريحات الدبيبة قد تبدوا أمرا مبشرا إلا أنه خطير في الوقت ذاته كونه وضع اشتراطات لتسليم السلطة وهي أن تكون لحكومة تحافظ عليها، وهو أمر ليس من اختصاصه ويعد فقط أزمة في حد ذاته”.

المحلل السياسي الليبي أضاف في حديثة أن “تصريحات الدبيبة اليوم حول الانتخابات وحول تسليم السلطة ما هي إلا تجديد لتمسكه بالسلطة”. مؤكدا أن “هذا هو أساس الأزمة الليبية الراهنة”.

أما عن موقف مجلس الدولة الرافض للذهاب لـ”غدامس” ضمن مبادرة المجلس الرئاسي واحتمالية رفض مجلس النواب ذلك أيضا، قال الفزاني إن “الأمر متعلق بالمجلس الرئاسي نفسه، حيث يرفض مجلسي النواب والدولة تدخل المجلس الرئاسي بالقاعدة الدستورية المؤدية للانتخابات”.

وأضاف عن ذلك “المجلسان النواب والدولة يظنان أن المجلس الرئاسي يحاول فرض وصاية عليهما بالتدخل عبر المبادرة التي أطلقها في 8 ديسمبر الماضي”.

“سبب الرفض”

وأوضح المحلل السياسي الليبي أن “المبادرة التي أطلقها المجلس الرئاسي تنبع من تمسكه بالفقرة الرابعة من الاتفاق السياسي الذي جرى توقيعه خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف عام 2020”.

وتابع “ذلك الاتفاق السياسي الذي أفرز خارطة طريق وأفرز حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي الحالي، منتهي زمنيا بحسب مجلسي النواب والدولة، لذلك يرفض المجلسان إشراك المجلس الرئاسي في إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات”.

وتنص تلك الفقرة الرابعة من الاتفاق السياسي الليبي لعام 2020، وفق الفزاني، على “في حال عدم تمكن مجلسي النواب والدولة من التوافق على قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات خلال 60 يوم يحال ذلك الأمر إلى ملتقى الحوار السياسي المكون من (74) وهم شخصيات مستقلة اختارتها الأمم المتحدة و13 عضو من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة”.

كما تنص أيضا على “إشراك الأجسام المنبثقة عن ذلك الملتقى وهما المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة في صياغة القاعدة الدستورية”، لكن الفزاني أكد أن مجلسي النواب والدولة يرفضون ذلك تماما “.

وخلاصة الأمر، بالنسبة للفزاني، أن “بداية عام 2023 حملت زيادة في تعقيد الأزمة الليبية”، متمنيا أن تسير الأمور في بلاده نحو “الإنفراجة القريبة”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى