سياسة

باريس تواجه الإخوان.. معركة مصيرية على روح الجمهورية السورية


تتصاعد حدة المواجهة بين فرنسا وجماعة الإخوان المسلمين، حيث دخلت الحكومة الفرنسية في مرحلة جديدة من التصدي لما تعتبره “تغلغلاً أيديولوجيًا” داخل المجتمع المدني والمؤسسات الدينية.

ففي تقرير حكومي صدر مؤخرًا بطلب من وزارة الداخلية، جرى التحذير من أن الجماعة تعمل على إنشاء شبكات نفوذ عابرة للجمعيات والمساجد والمؤسسات التعليمية، بهدف التأثير على هوية الجمهورية الفرنسية وتوجهاتها.

وبحسب تقرير وعدة صحف فرنسية، تبين أن الجماعة باتت تتحكم بشكل مباشر أو غير مباشر في نحو 139 مسجدًا، إضافة إلى 280 جمعية ثقافية ورياضية وتعليمية، فضلاً عن 21 مدرسة خاصة تضم آلاف التلاميذ. 

وأشار إلى أن هذه المنظمات لا تعمل بمعزل عن هدف سياسي أوسع، وهو ترسيخ نفوذ التنظيم داخل الحياة العامة الفرنسية، معتمدة على التمويلات الأجنبية والأساليب الدعوية غير المباشرة.

وزير الداخلية برونو ريتايو أكد في تصريحات أن الحكومة تتعامل مع الجماعة باعتبارها خطراً يهدد وحدة البلاد، مشيرًا إلى أن الدولة ستقوم بحل أي جمعية أو منظمة يثبت ارتباطها بالإخوان. وأضاف أن الإجراءات المقبلة ستشمل تشديد الرقابة على المراكز الدينية والتمويلات الخارجية التي يستغلها التنظيم في توسيع نفوذه.

هذه الخطوة أثارت ردود فعل سياسية واسعة. زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان طالبت بحظر كامل للجماعة، فيما اعتبر جوردان بارديلّا أن المواجهة مع الإخوان ضرورة وطنية لحماية القيم العلمانية. 

في المقابل، أبدت أحزاب يسارية ومنظمات مدنية تخوفها من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة الشعور بالتمييز بين المسلمين، بينما حذر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من خلط الدين بالسياسة بشكل يضر بالنسيج الاجتماعي.

وفي سياق متصل، أشار تقرير بثته هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن الحكومة الفرنسية تخشى تأثير الإخوان على الجيل الجديد، وقدمت مقترحات تقضي بحظر ارتداء الحجاب للفتيات دون سن الخامسة عشرة داخل المدارس العامة. 

وقد أثار هذا المقترح جدلاً حادًا بين مؤيد يرى فيه خطوة لحماية قيم الجمهورية، ومعارض يعتبره انتهاكًا للحريات الفردية ويغذي خطاب الكراهية.

تؤكد هذه المستجدات أن المواجهة بين فرنسا والإخوان لم تعد مجرد خلاف سياسي، بل تحولت إلى معركة حول هوية الدولة وحدود حرية المعتقد. وبينما تصر باريس على محاصرة نفوذ الجماعة، يظل الجدل قائمًا حول تأثير هذه السياسات على التوازن بين الأمن المجتمعي والحريات الأساسية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى