انقسام في اللواء 444 يربك توازن القوى ويحرج حكومة الدبيبة

في مشهد يعكس هشاشة التوازنات العسكرية والسياسية في العاصمة الليبية، تزايدت المؤشرات على انقسام داخلي خطير في صفوف “اللواء 444 قتال”. أحد أبرز التشكيلات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، في ظل تصاعد المطالبات الشعبية والسياسية بإقالة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، إثر الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة مؤخراً.
-
بعد اغتيال غنيوة.. اللواء 444 يعلن البراءة من العملية
-
هل يمكن لطرابلس أن تخرج من دوامة العنف؟ تحليل لأسباب انفلات سلاح الميليشيات
الانقسام الذي بدأ يطفو إلى السطح علنًا، جاء في أعقاب بيان للمجلس الاجتماعي في سوق الجمعة، رحب فيه بانشقاق عدد من عناصر اللواء. داعيًا من تبقى إلى “العودة إلى حضن المجتمع”. البيان الذي صدر مساء السبت بدا بمثابة ضوء أخضر لدعوات متزايدة إلى حل التشكيل العسكري. الذي كان حتى وقت قريب أحد أعمدة السيطرة الأمنية جنوب طرابلس.
ورغم أن قيادة اللواء، برئاسة محمود حمزة، لم تصدر أي تعليق رسمي. إلا أن الصمت المُطبق من طرفها فُسّر من مراقبين كعلامة على وجود ارتباك داخلي .وربما انقسام فعلي بات يهدد تماسك القوة، خاصة بعد اتهامات وجهت للواء بالعمل كأداة سياسية في يد الدبيبة، الذي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة بعد سلسلة من المواجهات الدموية في العاصمة.
-
ليبيا.. . كيف تسبب اعتقال حمزة في اندلاع حرب بين الردع واللواء 444؟
-
اشتباكات بين الميليشيات في طرابلس يعكر أجواء العيد
ويعتقد أن الانقسامات داخل “اللواء 444” ربما تكون بداية تفكك أوسع في البنية الأمنية الموالية لحكومة الدبيبة، خاصة في ظل تغير الولاءات السياسية بفعل التغيرات الإقليمية والدولية. وخسارة تدريجية للنفوذ على الأرض من قبل الحكومة.
ومع استمرار الغليان في الشارع الطرابلسي، واستمرار ظهور ولاءات متقلبة بين القوى المسلحة. يبقى مستقبل العاصمة مفتوحًا على جميع السيناريوهات، من إعادة الاصطفاف الأمني إلى احتمال اندلاع موجة عنف جديدة. ما لم يتم التوصل إلى تسوية شاملة تُعيد للدولة الليبية مركزية القرار الأمني والعسكري.
وتأتي هذه التطورات بعد أشهر من التوترات المتصاعدة بين “اللواء 444” و”جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”. الذي يقوده عبد الرؤوف كارة، وهي التوترات التي وصلت ذروتها بدخول القوتين في اشتباكات مسلحة في مناطق حيوية من طرابلس. وعلى رأسها حي سوق الجمعة، الذي يعد من أبرز مراكز النفوذ الأمني والعسكري في المدينة.
والمواجهة الأكثر دموية كانت تلك التي دارت بين اللواء وجهاز دعم الاستقرار. والتي أسفرت عن مقتل قائد الجهاز عبد الغني الككلي، المعروف بلقب “غنيوة”، وهو ما اعتُبر حينها بمثابة إعادة رسم لخريطة السيطرة داخل العاصمة. لكنها في الوقت ذاته أطلقت سلسلة من الهزات الداخلية التي طالت مختلف الأجهزة المسلحة، وعلى رأسها “اللواء 444“.
-
مظاهرات في طرابلس تطالب برحيل الدبيبة وحكومته
-
بعد مقتل غنيوة.. صعود لافت للميليشيات الموالية لحكومة الدبيبة
وحاليا يتقاسم “اللواء 444” و”جهاز الردع” مناطق النفوذ الحيوية في طرابلس. حيث يسيطر الأول على مناطق مثل عين زارة وصلاح الدين. بينما يحكم الثاني قبضته على مطار معيتيقة ومقار أمنية حساسة في حي سوق الجمعة. هذا التداخل في مواقع السيطرة لا يعبّر فقط عن توازن هش، بل يعكس كذلك حجم التوتر القائم في المدينة، خاصة مع تراجع شعبية الحكومة على خلفية الانفلات الأمني المتكرر.
وفي تطور يزيد من تعقيد المشهد، أعلن عمداء بلديات “النواحي الأربع” والمجلس الاجتماعي للمنطقة رفع الغطاء الاجتماعي عن كافة المنتسبين إلى “جهاز الردع”، في بيان وصف الجهاز بأنه “كيان فاسد يجب تفكيكه”، وهو ما يُنذر باحتمالات تصعيد جديدة قد تؤدي إلى تفجر الوضع مجددًا في أي لحظة.
-
تحذير دولي: السلاح في طرابلس على وشك الخروج عن السيطرة
-
اتفاق ليبي يخفف الاستنفار والتصعيد العسكري حول المصرف المركزي بطرابلس
أمام هذا التصاعد في الضغط الشعبي، بدأت بعض الكيانات المسلحة باتخاذ خطوات استباقية لتحسين صورتها أمام الرأي العام. حيث أقدم “جهاز الردع” على فتح أبواب سجن معيتيقة أمام وفد من المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان بالمجلس الأعلى للدولة، في محاولة لتبديد الانتقادات الواسعة حول ظروف الاحتجاز داخله.
وقد شملت الزيارة تفقد أوضاع النزلاء، من بينهم متهمون في قضايا إرهاب، إضافة إلى معاينة آثار قصف تعرض له السجن مؤخرًا وأسفر عن مقتل سجين وإصابة آخرين. ووصفت المؤسسة الزيارة بأنها “خطوة إيجابية نحو تعزيز الشفافية”، لكنها لم تمنع الأصوات المطالبة بضرورة مراجعة شرعية هذه الأجهزة ودمجها ضمن مؤسسات الدولة الأمنية بشكل رسمي وتدريجي.
-
الصراع في طرابلس يندلع بعد اعتقال محمود حمزة
-
حزب جديد في ليبيا يطالب بحل الميليشيات وتعزيز الجيش الوطني
ولم تتعد قتصر الأزمة التي تمر بها حكومة الدبيبة على انتقادات سياسية. بل تحولت إلى ضغط ميداني ملموس، إذ تتزايد المطالب من جهات اجتماعية وسياسية بضرورة إقالته وتشكيل حكومة جديدة تضع حداً للفوضى الأمنية. وتبدأ عملية تفكيك الميليشيات المسلحة التي تحولت إلى أدوات صراع داخلي بدلاً من حماية الاستقرار.