اليمن: هل تسيس ميليشيا الحوثي ملف كورونا؟
رغم مضيّ أعوام على الأزمة اليمنية التي مارست فيها الميليشا الحوثية شتى صنوف الجرائم من قتل وتنكيل وتعذيب، إلى جانب مواصلتها نهب المساعدات الإنسانية وتضييق الخناق على اليمنيين، إلا أنّ قلق ومخاوف المواطنين تصاعدت وتيرتها بعد أن وصلت جائحة كورونا اليمن خاصة بعد تكتم الحوثيين على حالات مصابة بالفيروس المستجد.
وظهرت مؤخراً الكثير من المؤشرات التي تثبت تسجيل المزيد من الإصابات بفيروس كورونا المستجد في مناطق سيطرة الحوثيين؛ حيث أغلقت أطقم أمنية تابعة لأمانة العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الميليشيا، الأربعاء الماضي، سوق باب السلام بصنعاء القديمة أشهر أسواق المدينة.
وبحسب المصادر التي نقل عنها موقع “اليمن العربي”، فقد منعت تلك القوات المواطنين من الدخول أو الخروج من السوق والأحياء المجاورة له بعد الاشتباه بوجود حالات كورونا، وقامت بتعقيم الشوارع والأزقة.
المصادر ذاتها تضيف، أنّه في الأيام القليلة الماضية قامت الميليشيات بالعمل ذاته، في أحياء بالحصبة وأسواق شميلة جنوبي المدينة.
وأعلنت مصادر طبية عن وجود العديد من الحالات المصابة بكورونا، لكن ميليشيا الحوثي أصرت على التعامل معها كحالات مصابة بحمى ما يعرف بفيروس “المكرفس”، وقامت بحجر بعض الحالات في فندق “موفنبيك” الذي استولت عليه قبل فترة وجيزة لتعلن تحويله إلى حجر صحي.
وتقول المصادر الطبية: إنّ “ميليشيا الحوثي نقلت 3 حالات مؤكدة من مستشفى الجمهوري إلى فندق موفنبيك”.
وتضيف المصادر أنّ هناك 7 حالات مصابة بمستشفى الكويت، وأنّ حالة تم اكتشافها مؤخراً في حي السنينة، وتم حجر ذويه وجيرانه في منازلهم.
وساورت كثير من اليمنيين، شكوك ومخاوف من أنّ تلك الإجراءات تؤكد على وجود الكثير من حالات الإصابة في صنعاء وسط تكتم شديد من قبل ميليشيا الحوثي.
من جانبه، حذر وزير الإعلام، معمر الإرياني، من تسييس “مرتزقة إيران” لملف وباء كورونا المستجد وإخفائها لحجم الإصابات في مناطق سيطرتها.
وقال وزير الإعلام، في تصريح صحفي نقلته وكالة سبأ، إنّ “الميليشيا الحوثية تخفي حجم الإصابات بفيروس كورونا وتمارس الضغوط على الطواقم الطبية في مستشفيات العاصمة المختطفة صنعاء ومناطق سيطرتها لعدم نشر الحقائق وتجبرها على تشخيص الحالات على أنّها ناتجة عن إصابة بأوبئة وفيروسات أخرى”.
وأضاف الإرياني: إنّ “الميليشيا الحوثية تتعمد إخفاء أعداد الإصابات الحقيقية بفيروس كورونا للاستمرار في نهب المساعدات الدولية والتنصل من مسؤولياتها في حماية ملايين المواطنين في مناطق سيطرتها، والتهرب من الضغوط الدولية الرامية لوقف إطلاق النار من قبل الميليشيا وتوحيد الجهود لمواجهة الفيروس”.
ووجه الإرياني نداءً عاجلاً للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية للتدخل والضغط على الميليشيا الحوثية لكشف الأرقام الحقيقية للإصابة بالفيروس ومكاشفة الرأي العام والتعامل بشفافية مع كل المعلومات المتعلقة بالوباء حتى يتمكن المواطنون من أخذ احتياطاتهم وعدم تركهم ضحية الحسابات السياسية.
بدورها، أعربت وزارة الصحة العامة والسكان عن قلقها حيال المخاوف التي أبداها مكتب منسق الأمم المتحدة من إمكانية تفشي فيروس كورونا في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الانقلابيون، وأنّ ميليشياتهم تتكتم على مثل هذا الأمر بالغ الخطورة، بما بات معروفاً عنهم عدم اكتراثهم بالجانب الإنساني وحياة اليمنيين.
وقالت الوزارة في بيان لها: “تابعت وزارة الصحة، باهتمام بالغ البيان الصادر عن مكتب منسق الأمم المتحدة المقيم، ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، والذي أفصح عن مخاوفه من تفشي مرض كورونا المستجد في اليمن واحتمالية أن يكون قد انتشر في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المتمردة دون اكتشافه”.
واستغربت الوزارة في الوقت ذاته تساهل مكتب منسق الأمم المتحدة في اليمن، في تعامله مع تصرفات ميليشيا الحوثي التي تهدد حياة الناس، واللغة الناعمة تجاه ما يمارسونه من تعتيم لا يتفق مع توجيهات منظمة الصحة العالمية.
وقالت: “انطلاقاً من إدراك الحكومة لمسؤولياتها الوطنية والإنسانية حيال تفشي هذا الوباء، فإنّ وزارة الصحة ملتزمة بالإعلان عن أي حالة يتم رصدها أو الاشتباه بها، كالتزام أخلاقي انتهجته اللجنة الوطنية للطوارئ، مدركين أنّ أول وسائل وقاية المجتمع في الشفافية والمصارحة، وهو ما دأبنا عليه منذ البداية”.
وأضافت الوزارة “في حين أننا لا زلنا ننتظر ما سيقدمه مكتب منسق الأمم المتحدة المقيم، ومنسق الشؤون الإنسانية لليمن في مواجهة الجائحة فإننا سنبذل كل الجهود لتقديم الدعم والمساندة، كما تقع عليهم مسؤولية في توضيح ما يحدث، وتحميل ميليشيا الحوثي المسؤولية عن نتائج تكتمها، لما قد يخلفه من كارثة إنسانية، والعمل على بحث الحالات المشتبهة ومصارحة المجتمع والتوضيح للرأي العام، وضمان عدم تسييس الوباء أو التعتيم على الإصابات”.
في سياق متصل، توقعت منظمة الصحة العالمية احتمالية تأثير فيروس كورونا على 16 مليون رجل وامرأة وطفل في اليمن؛ أي ما يزيد عن 50% من سكان البلاد، وفق ما أوردت وكالة “فرانس برس”.
وأكد بيان صادر عن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بشأن مرض كوفيد-19 في اليمن، أنّ كورونا سيظل تهديداً كبيراً للشعب اليمني والنظام الصحي المتعثر إذا لم يتم تحديد حالات الإصابة وعلاجها وعزلها وتتبُّع مُخالِطيها على النحو السليم.
وقالت المنظمة، إنّ الإمدادات اللازمة لمكافحة كورونا غير كافية بشكل كبير، مشيرة إلى أنّ النظام الصحي في البلد يعاني من الهشاشة والضعف ونقص حادٍ في عدد العاملين.
ولفتت إلى أنّ المنظمة وشركاءها يواصلون دعم الجهات النظيرة الصحية والوطنية، في ظل الموارد المحدودة المتاحة، على افتراض أنّ المرض ينتقل بالفعل على مستوى المجتمع في جميع أنحاء البلد.
هذا وناشد المجلس الأعلى لإدارة تنسيق الشؤون الإنسانية بالتعاون الدولي التابع لجماعة الحوثيين في صنعاء، المنظمات الدولية والأممية في اليمن لتوفير أجهزة ومستلزمات فحص فيروس كورونا.
وفي وثيقة، نشرها عدد من المواقع المحلية، موجّهة إلى المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ليز غراندي، وممثلي المنظمات الدولية والأممية في اليمن، أكد المجلس التابع للحوثيين أنّ كمية التحاليل من نوع PCR والخاصة بالكشف عن فيروس كورونا نفدت، مناشداً المنظمات “بسرعة التدخل وتوفير التحاليل كأولوية وبصورة عاجلة”.
وأكد المجلس حاجته إلى ما لا يقل عن مئة ألف فحص PCR، و250000 جهاز Swab “ليتسنى لوزارة الصحة العامة والسكان التابعة للميليشيات تقديم الخدمات الصحية الطارئة والضرورية لمواجهة فيروس كورونا”، فضلاً عن “تجنب حدوث كارثة إنسانية إزاء تأخر أو عدم توفير تلك الاحتياجات الطارئة المنقذة للأرواح”، محملاً المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية النتائج القانونية والإنسانية والأخلاقية في حال عدم تقديم الدعم.
ورغم مناشدات المجلس الأعلى رفض عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي الأخبار المتداولة حول تسجيل إصابات بفيروس كورونا، مؤكداً أنّ هناك حالات اشتباه في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ولكن بعد الفحص والتأكد تبين أنّ هذه الحالات لا تحمل فيروس كورونا، والجهات الصحية تعمل على متابعة أي حالات مشتبه بها.
هذا وأعلنت الحكومة اليمنية تسجيل 10 إصابات بفيروس كورونا، حتى مساء أول من أمس، بينها حالتا وفاة وحالة شفاء.
نقلا عن حفريات