الهجرة غير الشرعية والإخوان.. فشل 10 سنوات من الحكم
في ظل مغامرات فردية بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة، وفي بعض المناطق، ارتفعت نسب الهجرة غير الشرعية في تونس بشكل هائل خلال الأشهر الماضية. بات لكل عائلة مرشحها للإبحار إلى أوروبا على متن قوارب غير قانونية.
وهو ما يعرض المهاجرين لخطر الغرق بالمتوسط، مثلما وقع في سواحل طرطوس السورية الخميس. حيث مات العشرات، تعيش مدينة جرجيس، جنوبي شرق تونس. حالة احتقان على خلفية تظاهرات خرج بها الأهالي، بعدما انتشرت أخبار عند دفن السلطات. جثث أبناء بعض الأسر بالمدينة في مدافن المجهولين، بعد انتشالها من البحر إثر حادث غرق زورق كان يقوم بعملية هجرة غير شرعية.
إحصائيات مفزعة
لا يعتبر زورق جرجيس حادثًا فرديًّا، فالسلطات التونسية توقف بشكل شبه يومي عشرات الزوارق التي تقل نساءً وأطفالًا وشبابًا يجازفون بحياتهم في رحلات هجرة غير شرعية. وتنشغل السلطات بدلالة الإقبال الواسع من قبل التونسيين من الجنسين على الهجرة غير الشرعية، إذ تعيش البلاد ظروفًا اقتصادية سيئة، انتهت إلى اختفاء بعض السلع الأساسية ونقص في البنزين. وفي وقت سابق أكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة غير حكومية)، أن عدد التونسيين الواصلين إلى السواحل الإيطالية عبر الهجرة غير الشرعية ارتفع إلى 3730 شخصًا في الفترة بين 15 أغسطس وأول أيام سبتمبر، وبلغ عدد التونسيين الذين وصلوا إلى إيطاليا خلال يوليو وأغسطس الماضييْنِ 7745 شخصًا. وتم منع 8939 وفقدان 49 وقدر عدد القصر منهم بـ 1775 وفق المنتدى.
وتشير أرقام نفس الفترة من سنة 2021 إلى وصول 8079 شخصًا ومنع 8575 وكان عدد القصر 1307 والمفقودين 134، واعتبر المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، المكلف بملف الهجرة، رمضان بن عمر، تلك الأرقام مفزعة. مقترحًا في تصريحات إعلامية أن تعمل الدولة على تسهيل الهجرة الشرعية لحماية المواطنين من سيناريو الغرق. وتشير تقارير حكومية إلى إحباط 1509 محاولات هجرة غير نظامية باتجاه إيطاليا خلال أول 8 أشهر من عام 2022. وأكدت تقارير حكومية أن تونس باعتبارها بلد عبور وبلد مغادرة ونقطة وصل في منطقة المتوسط، تسجل وزارة الداخلية سنويا ما بين 70 و80 جنسية يدخلون إلى البلاد بطريقة غير نظامية وخاصة.
محاولات النهضة
في السياق ذاته، لم يمر ملف الهجرة غير الشرعية بعيدًا عن السياسة، إذ حاول المعارضون للرئيس التونسي قيس سعيد والرافضون لمسار 25 يوليو تحميله المسؤولية، مدللين بمعدلات الهجرة غير الشرعية على فشل الرئيس في إدارة البلاد، حركة النهضة على وجه التحديد باعتبارها المتضرر الأول من قرارات الرئيس منذ يوليو 2021 لم تكتفِ بالمشاهدة.
إذ تدخلت لمهاجمة الرئيس وتحميله المسؤولية، وفي محاولة لتأليب الرأي العامّ كتب القيادي في الحركة، رفيق عبد السلام عبر حسابه على «فيسبوك»: «دفن غرقى جرجيس في مقابر سرية وبأسماء مجهولة في جنح الظلام لم تفعلها حتى دولة الاحتلال في فلسطين».
وتابع: «أليس لهؤلاء الضحايا عائلات منكوبة ومكلومة على فلذات أكبادها؟ ما الذي يضطر سلطة الانقلاب إلى عدم مصارحة العائلات والتثبت من جثث الضحايا قبل المسارعة بالدفن في مقبرة «المجهولين»؟ ولماذا هذا الكم الهائل من الخداع وانعدام الخلق في التعامل مع الأحياء والأموات؟”. إلا أن مراقبين اتهموا حركة النهضة بالمراوغة حيث اعتبروا أن الأوضاع الاقتصادية القائمة في تونس اليوم هي نتيجة طبيعية لـ “عشر سنوات سوداء” من حكم الإخوان دمرت الاقتصاد التونسي. وهو ما أكده عادل الريني الكاتب السياسي التونسي. حيث قال إن النهضة أثبتت فشلًا على كل الأصعدة وتحاول اليوم التبرؤ منه، لافتًا إلى أن تونس عاشت أسوأ عشر سنوات في تاريخها الحديث، محملًا النهضة مسؤولية هذه السنوات وتخبُّطها.