النخب السياسية الليبية تختلق أزمات لإطالة أمد بقائها في السلطة
تطوي ليبيا العام 2024 بعد ايام قليلة دون أي تغيير في مشهد سياسي يزداد تعقيدا على وقع انقسامات حادة وصراع على النفوذ وتفنن النخبة السياسية في اختلاق الأزمات لتمديد بقائها في السلطة أو دائرة السلطة، في حين تبقى آمال الليبيين معلقة في العام الجديد على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي طال انتظارها مع الحديث عن إنشاء لجنة استشارية محددة زمنيًا لمراجعة القضايا العالقة.
-
كيف ألقت الأزمة الليبية بظلالها السياسية على تونس؟
-
الأمير السنوسي يعلن موقفه من مشاركة القذافي في الحياة السياسية الليبية
ولم يشهد العام 2024 الانفراج المنتظر على المستوى السياسي في ليبيا، مع استفحال الأزمة وبقاء الوجوه ذاتها المتصارعة على المناصب والمتمسكة بالكراسي، فيما لم يسفر تغيير رأس البعثة الأممية برحيل المبعوث السابق عبدالله باتيلي وقدوم الأميركية ستيفاني خوري عن أي جديد على الساحة.
وكان إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية بمثابة نقطة ضوء في نفق سياسي مظلم يأمل الشعب أن ينتهي في أقرب وقت؛ غير أن المسار الدستوري في ليبيا يشهد حالة من الفوضى والجدل، مع احتدام الخلافات، سواء داخل المجلس الأعلى للدولة، أو في مجلس النواب الذي يصر على تبني “قوانين” عبر لجان شكلت في بوزنيقة المغربية.
-
البرلمان العربي يجدد دعمه للعملية السياسية والحوار بين الأطراف الليبية
-
اتفاق بوزنيقة: هل يكون بداية لإنهاء الأزمة السياسية في ليبيا؟ خبراء يوضحون
وبحسب تقرير لجريدة بوابة الوسط، فقد قامت النخبة السياسية على مدار شهور العام باختراع أزمات جديدة، كان أبرزها أزمة قيادة المصرف المركزي التي انتهت بنجاح المجلس الرئاسي في إطاحة محافظ المصرف الصديق الكبير وتعيين ناجي عيسى بدلا منه في معركة خسرها مجلس النواب الذي خاص مع المجلس الرئاسي معارك أخرى منها: قانونا العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، والجدل حول إنشاء المحكمة العليا. بينما تأزمت الأوضاع بانتخابات مجلس الدولة بين محمد تكالة وخالد المشري، إذ يرى كل منهما نفسه فائزًا برئاسة المجلس.
وبدا رئيس حكومة “الوحدة الوطنية الموقتة” عبدالحميد الدبيبة متمسكًا بمنصبه خلال الشهور الأخيرة من العام 2024 أكثر من أي وقت مضى، إذ يستغل كل مناسبة من أجل الهجوم على الجميع ليبقى وحده مسيطرًا في المشهد السياسي.
ففي 14 ديسمبر وخلال “ملتقى أسرى ثورة 17 فبراير” بمصراتة، انتقد الجميع قائلا “نحن قادرون على إجراء الانتخابات وأثبتنا ذلك في الانتخابات البلدية قبل أيام.. أعلم أن هناك أطرافا ستعمل على أشياء موقتة حتى يستمروا في المشهد، لكننا نريد قواعد دستورية واضحة لإجراء الانتخابات”.
وشن هجوما على قائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر بقوله “هناك من يتحدث عن مصالحة، أولاً لا بد من الاعتذار لليبيين على الغزو والقتل، هل يعقل من يقتل الليبيين بالطائرات أن يعلن عن مصالحة”؟
وأضاف “يجب على الشعب الليبي أن يساعد نفسه ولا ينتظر المساعدة من المجتمع الدولي، حتى الأمم المتحدة ستساعد ليبيا بطريقتها وليست بطريقتكم أنتم”.
-
الدبيبة ينفي وجود نية لتغيير إدارة مؤسسة النفط الليبية
-
باريس تنخرط في مسار توحيد المؤسسة العسكرية الليبية
وتعتزم القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم ستيفاني خوري، إنشاء لجنة استشارية محددة زمنيًا لمراجعة القضايا العالقة، وتقديم مقترحات قابلة للتطبيق لخريطة طريق شاملة لإجراء الانتخابات، بعد قناعتها بأن الإطار الحالي “لايزال مثيرًا للجدل بين الليبيين”.
ولن تكون اللجنة الاستشارية مجموعة حوار مكلفة باتخاذ القرارات، بل هي لتوليد خيارات لاستخدامها في مرحلة المتابعة من قبل صناع القرار الليبيين. ويعني ذلك تجاهل الدعوات لإحياء مسودة الدستور، التي لم يتم التوافق على عرضها على الاستفتاء الشعبي.
لكن متابعين يقللون من فرص تحقيق أي اختراق في المسار الدستوري بناء على اقتراب ولاية خوري من نهايتها، كما يطالب المندوب الروسي وعدد من ممثلي الدول في إحاطة مجلس الأمن الأخيرة بتعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا.
-
خوري تدعو الأطراف الليبية إلى الحوار لتشكيل حكومة موحدة جديدة
-
ماذا يفعل الإخوان المسلمون في العاصمة الليبية؟
وشملت هجمات الدبيبة السياسية مجلس النواب، بقوله “المجلس لديه 13 سنة يعمل ويريد البقاء 13 أخرى! مجلس النواب يرفع شعار تغيير الحكومة، وإذا تغيرت الحكومة ماذا بعد؟! يريدون تغيير الحكومة للبقاء سنوات أخرى أو ربما لا يريدون الخروج حتى الممات”.
وأضاف أن هناك أربعة أجسام تعيق تقدم العملية السياسية وهي “المنظومة العسكرية، والإخوان، وتيار الملكية، ومجلس النواب”. متابعا “هناك أيضًا الإخوة الأيديولوجيون الذين أخذوا الدين فوق ظهورهم وهناك من أخذ القرآن أو تفسيره ليحكمنا بطريقته الأيديولوجية، وأخص بالذكر منظمة الإخوان المسلمين ومن يتبعهم، فلا يمكن أن تحكمنا هذه المنظمات بالسيف مرة أخرى”.
وضرب الانقسام رئاسة المجلس الأعلى للدولة، بعد الدخول بحالة تنازع قضائي بين المشري الذي اعتبر نفسه فائزًا بفارق صوت واحد، وتكالة الرافض لنتائج انتخابات الرئاسة التي أجريت، مطلع أغسطس/آب الماضي، إذ كانت ورقة ملغاة هي سبب هذا الخلاف.
ويعد المجلس الأعلى للدولة هيئة استشارية تأسست بديلًا عن المؤتمر الوطني العام بعد اتفاق المغرب للعام 2015، وهو شريك لمجلس النواب في إعداد القوانين الانتخابية، حيث عملا لنحو عامين ضمن عدة حوارات مشتركة بين ممثلي المجلسين في لجنة 6+6 قبل أن يقدم البرلمان على إجراء تعديلات غير توافقية على النسخة الأولى رفضها تكالة.
-
باتيلي والمنفي.. مباحثات سبل إجراء الانتخابات الليبية
-
عودة الاشتباكات في ليبيا يهدد التوافقات السياسية
ورغم أن المسار الدستوري من صلاحيات المؤسسات التشريعية، إلا أن السلطة التنفيذية في طرابلس تدفع ليكون لها دور في العملية السياسية، عن طريق استحداث قوانين عادلة للاستحقاق، يجري بمقتضاها أولًا الاقتراع البرلماني، ثم الانتخابات الرئاسية، حتى يتم التخلص من الخصوم في شرقي البلاد.
كذلك، انتقد الدبيبة أنصار التيار الملكي “نحن نحترم الملك ولكن الماضي لن يعود مرة أخرى، دعونا نفكر في أولادنا وأحفادنا لذا لن ينجح النظام الجماهيري أو الملكي أو الديني، النظام الوحيد الذي يتماشى معنا هو الديمقراطية”.