الملف النووي الإيراني يثير خلافا بين واشنطن وحلفائها الغربيين
كشف دبلوماسيون عن وجود خلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الثلاثة الكبار بشأن ما إذا كان يتعين الدخول في مواجهة مع إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال السعي إلى استصدار قرار ضدها وهو ما تؤيده القوى الغربية، لا سيما بعد التقارير الأخيرة التي أكدت مضي طهران في برنامجها النووي إلى الحد الذي باتت فيه أقرب من أي وقت مضى من تصنيع أول قنبلة نووية.
وآخر مرة أصدر فيها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المؤلف من 35 دولة، قرارا ضد إيران كانت قبل 18 شهرا وأمرها بالتعاون بشكل عاجل مع تحقيق الوكالة المستمر منذ سنوات بشأن جزيئات اليورانيوم التي عثر عليها في ثلاثة مواقع سرية.
ورغم خفض عدد المواقع المعنية إلى اثنين، لم توضح طهران سبب وجود آثار لليورانيوم هناك، كما زادت المشاكل الأخرى ومنها منعها العديد من كبار خبراء تخصيب اليورانيوم التابعين للوكالة من العمل على أراضيها ضمن فرق التفتيش.
ويبدأ الاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين في غضون عشرة أيام وقال دبلوماسي أوروبي كبير “الأمر مع إيران غاية في الصعوبة ومستوى الانتهاكات غير مسبوق لا يوجد تباطؤ في برنامجها وليس لديها نوايا حسنة حقيقية في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، مضيفا “كل المؤشرات مثيرة للقلق”.
وهناك مخاوف كبيرة بشأن أنشطة إيران النووية منذ فترة، فقد واصلت لمدة ثلاث سنوات تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 60 بالمئة لتقترب من نسبة 90 بالمئة اللازمة لتصنيع أسلحة النووية. ولديها من المواد المخصبة لهذا المستوى ما يكفي، إذا تم تخصيبها بشكل أكبر، لإنتاج ثلاث قنابل نووية وفقا لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتقول القوى الغربية إن الاستخدامات المدنية للطاقة النووية لا تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم عند هذا المستوى وكشفت الوكالة أنه لم تقدم أي دولة أخرى على ذلك دون صنع سلاح نووي، بينما تؤكد إيران أن أهدافها سلمية تماما.
غير أن الولايات المتحدة لم تكن راغبة في استصدار قرار آخر ضد إيران في الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة، فيما اختلفت القوى الأوروبية، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مع واشنطن قبل الاجتماع الأخير في مارس/آذار على ما إذا كان يجب السعي لاستصدار مثل هذا القرار لكنها تراجعت بعد ذلك.
وكثيرا ما يشير المسؤولون إلى أن السبب في تردد إدارة الرئيس جو بايدن هو الانتخابات الرئاسية، لكن الحجة الرئيسية التي ساقها المسؤولون الأميركيون هي تجنب إعطاء إيران ذريعة للرد عن طريق زيادة أنشطتها النووية كما فعلت في الماضي.
وتتصاعد حدة التوترات في الشرق الأوسط مع استمرار إسرائيل في حملتها العسكرية على غزة ردا على هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وتبادلت إسرائيل وإيران الضربات المباشرة لأول مرة الشهر الماضي. وهددت الدولة العبرية مرارا بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
وأدى مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم طائرة هليكوبتر يوم الأحد إلى تعقيد الوضع. وقال دبلوماسيان إن طهران أبلغت الوكالة هذا الأسبوع في المحادثات الرامية إلى تحسين التعاون بينهما بأنها لن تتواصل معها حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد في 28 يونيو/حزيران.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير آخر “تم إعداد قرار”، بينما أكد آخرون أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا أعدت مسودة قرار لكن لم توزعها على أعضاء مجلس محافظي الوكالة.
وأضاف الدبلوماسي “تحليلنا هو أن وفاة رئيسي لن تغير شيئا. علينا المضي قدما بشأن هذا القرار… الأميركيون هم العائق ونواصل بذل قصارى جهدنا في محادثاتنا لإقناعهم”.
ولم يتضح بعد متى سيتم الاتفاق على السعي لاستصدار قرار ضد إيران. ومن المقرر أن تصدر الوكالة تقاريرها الفصلية القادمة بشأن إيران الأسبوع المقبل وعادة ما تشير مشروعات القرارات إلى نتائج تلك التقارير.