سياسة

المغرب يرفض التدخل الأجنبي في ليبيا ويراهن على الحل السياسي


لا يفوت المغرب مناسبة إلا ويعبر فيها عن رفضه القاطع للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، مُشددا على أن الحل يجب أن يكون دبلوماسيا وسياسيا للملف الليبي.

وفي هذا السياق، اعتبر سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة سيدي محمد بن عبدالله، والأستاذ السابق بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي، أن قوة المغرب في هذا الملف هو اعتماده على الآليات الدبلوماسية، من مفاوضات ومساع حميدة.

وشدد الصديقي على أن عدم تدخل المغرب عسكريا في ليبيا رفع من اسمه، وزاد من ثقة مختلف الفرقاء والمعنيين بالشأن الليبي، وبالتالي قد ينجع في تدشين نُسخة جديدة من مفاوضات الصخيرات، موضحا أن الملف الليبي يحظى بمكانة جيو-استراتيجية ذات أهمية قصوى بالنسبة للمغرب، وفق ما أوردت العين الإخبارية.

ولفت إلى أن من بين الاعتبارات التي تجعل المغرب يُولي هذه الأهمية الكبيرة للملف الليبي، تجربته السيئة مع نظام القذافي، خاصة أنه كان من المحتضنين الأوائل لجبهة البوليساريو الانفصالية، ومن أكبر الداعمين لها سواء بالمال، أو بالسلاح والتدريب، مشددا على أن المغرب من مصلحته أن تربطه علاقة صداقة مع النظام المُقبل في ليبيا، لا علاقة خصومة أو عداوة.

وأكد أن المغرب يسعى بشكل كبير إلى الحضور والتأثير إيجابيا في مستقبل ليبيا، خاصة أن الجهود التي قام بها في الوساطة بين الفرقاء كانت محط مُباركة وترحيب دولي وليبي أيضاً، وذلك لاهتمامه بإيجاد حل للملف الليبي، لما قد تُشكله هذه المنطقة من خُطورة على جميع البلدان المغاربية.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي أن هناك خوف من تحول ليبيا إلى بؤرة فوضى وعدم استقرار في المنطقة المغاربية، ما سينعكس سلباً على الأمن والاستقرار في جميع بلدان المنطقة، لافتا إلى أن المغرب نجح في لعب دور الوسيط الموثوق في نياته الحميدة، وذلك من خلال استضافته لمفاوضات الصخيرات، دون الحديث عن نجاحه السابق في جمع بعض الأطراف الليبية المتنازعة على مائدة الحوار في دول أوروبية.

وقال إن: المنطقة المغاربية هي عبارة عن منظومة إقليمية واحدة، بل يُمكننا القول بأنها نظام إقليمي أو جهوي فرعي. وبالتالي فهناك سرعة كبيرة في التأثر المتبادل، خاصة على المستوى الأمني…ما يحدث في بلد مغاربي يؤثر مباشرة على باقي البلدان، لافتا إلى أنه حال تعرض ليبيا للتقسيم إلى أكثر من دولة، فإن هذا الأمر سيشكل خطراً كبيراً على جميع الدول المغاربية، وهو الشيء الذي يستدعي توحيد الرؤى في هذا الصدد، سواء على مستوى الدول العربية بشكل عام، والدول المغاربية بشكل أخص.

وكان ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، قد دعا في يونيو الماضي، خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري حول الأزمة الليبية إلى إنشاء فريق مُصغر من دول عربية معنية بالملف الليبي.

وأكد أن مهمة هذا الفريق المُصغر ستتجلى في وضع تصور استراتيجي لتحرك عربي جماعي، يُساهم في تسوية الملف الليبي، مشدداً على ضرورة الانفتاح على الأطراف الليبية كافة والاستماع إليها وتقريب وجهات نظرها.

وأوضح أن هذين المقترحين نابعين من ثوابت وتساؤلات، تتعلق بمدى قدرة الجامعة العربية على وضع تصور استراتيجي مشترك، يفتح مسارا يمكن المضي فيه للإسهام الفعلي في التسوية، وكذا مدى قدرتها على فرض نفسها كتكتل إقليمي، يؤثر في اتخاذ القرار فيما يخص القضية الليبية ويسهم في تنفيذه.

وكشف بوريطة أن المقاربة المغربية بخصوص النزاع الليبي، تقوم على التسليم بالحفاظ على اللحمة الوطنيين لليبيين والوحدة الترابية لدولتهم، وسيادتها على جميع أراضيها، ورفض أي تصور أو مؤشر للتقسيم بدعوى البحث عن تهدئة الأوضاع.

وشدد على وقوف المغرب مع الدول العربية في الدفاع عن وحدتها الترابية وسيادتها الوطنية ورفض أي تطاول على أمنها أو استقرارها، ورفضه لأي تدخل أجنبي في ليبيا وكذا رفض التدخل غير العربي في المنطقة العربية ككل.

ويرحب بالمقابل بأي مجهودات أو مبادرات تصب في اتجاه التقريب بين الليبيين والدفع نحو حل هذه الأزمة التي تدوم منذ تسع سنوات.

 

وخلال جلسة افتراضية لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية، خُصصت لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا، عبر تقنية الفيديو، جدد ناصر بوريطة تحذير الرباط من تداعيات التدخلات الأجنبية في جارته ليبيا، ودعا إلى التكاتف الدولي في مواجهة التدهور المستمر للأوضاع هناك للوصول لحل سياسي للأزمة.

وكشف بوريطة خلال مداخلته عن وجود “خيبة أمل” لدى المغرب، لغياب الإرادة السياسية على الرغم من وجود نوايا حسنة للمجتمع الدولي، مؤكدا على ضرورة “التحلي بالواقعية والبراجماتية في التعامل مع الوضع”. في حين اعتبر أن “كثرة المبادرات المبنية على سابقاتها يأتي بنتائج عكسية”.

وعبر عن القلق إزاء التدهور المستمر للوضع في هذا البلد على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي والإنساني، والذي لم يحد منه وباء فيروس كورونا المستجد.

اتفاق الصخيرات.. نقطة الانطلاق

وشدد رئيس الدبلوماسية المغربية على أن التدخلات الأجنبية لا تخدم مصالح تلك البلد ولا تساعد الفرقاء الليبيين على الارتقاء فوق مصالحهم الخاصة إلى المصلحة المشتركة لجميع الليبيين. مُعلقاً بالقول “ليبيا ليست للتجارة الدبلوماسية.

ودعا الوزير المغربي إلى التعبئة، بهدف ترجمة واقعية للإجماع الدولي الحاصل بخصوص الملف الليبي إلى “إجراءات قوية وملموسة.

وعلى الرغم من اعتباره أن اتفاق الصخيرات ليس مثالياً، شدد بوريطة على أنه لا يوجد بديل ملائم على الطاولة. يجب تعديل مقتضياته وتحيينها من قبل الأشقاء الليبيين.

وفي وقت سابق، تساءل بوريطة: هل يمكن تخطي اتفاق الصخيرات دون بديل، ينال على الأقل نفس القدر من التأييد الليبي والدولي، علما بأن هذا الاتفاق يتضمن بنودا أصبحت متجاوزة وتحتاج إلى تحديث.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى