سياسة

المسكوت عنه في العلاقات القطرية – الإسرائيلية


لم يكن وزير الدفاع السابق أفيجدور ليبرمان رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” في حاجة لكي يعلن عن زيارة رئيس الموساد وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي إلى قطر، ويكسر حاجز الصمت في ملف العلاقات الاستخباراتية والتنسيق الأمني والاستراتيجي بين البلدين، خصوصا أن هذه العلاقات ممتدة وتاريخية بمعنى الكلمة وبدأت مع عهد الأمير الوالد، واستمرت حتى الفترة الراهنة، وتشعبت من مسارات ثنائية إلى متعددة، ولم تقتصر على قطاع غزة فقط بل امتدت إلى مجالات وأطر متعددة كطبيعة العلاقات بين الأجهزة الأمنية عموما وبين جهازي الأمن في تل أبيب والدوحة.

والواقع أن قطاع غزة هو مسرح العمليات الشكلي أو الساتر الذي عمل عليه الجانبان طوال الفترة المقبلة، وفي ظل استمرار الاتصالات المعلنة بين رئيس لجنة إعمار القطاع السفير محمد العمادي ونائبه خالد الحردان، والعديد من المسؤولين الإسرائيليين في قطاعات مختلفة، وتكاد تحظى اللجنة القطرية وأعمالها وتحركاتها في القطاع وخارجه بمتابعة لافتة في وسائل الإعلام العلنية، وهو ما تم توظيفه في مواقع متعددة، وامتد للتنسيق في الملف الأمني والعمل على استمرار حالة التهدئة إلى فرض الخيارات القطرية التطوعية والأمنية داخل القطاع، ومنها سعي الطرفين للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد ربما إلى سنوات، وليس عدة أشهر مع العمل على إتمام صفقة تبادل الأسرى التي دخلها أطراف دوليون وإقليميون، وتسعى قطر ليكون لها السبق في إتمامها لكي يحسب لحضورها السياسي والاستراتيجي في القطاع، الذي يمثل ضغطا على السلطة الفلسطينية، ويكرس بالفعل المشهد الراهن بين القطاع والضفة، بل وسيؤدي لمزيد من الانشقاق المستمر بين الجانبين في الفترة المقبلة.

ومن ثم فإن دخول قطر بقوة على الساحة الفلسطينية من المنظور الخدمي أدى لأزمات حقيقية في القطاع وخارجه، بصرف النظر عن الدعم المالي للأسر والعائلات الفلسطينية الأكثر احتياجا، خصوصا أن قطر تعمدت نقل رسالة لحركة حماس مفادها أنه في حال عدم تجاوب الحركة وقياداتها مع الدور القطري على كل مستوياته، فإن الدعم المالي والتمويل المقرر سينتهي في مارس/آذار المقبل، وهو ما سيمثل أزمة للحركة في القطاع، وسيؤدي لتداعيات مكلفة في ظل الأزمات المتتالية التي يعاني منها القطاع في الوقت الراهن، ومرشحة للتصعيد في ظل الضغوطات التي تتعرض لها الحركة من إسرائيل، وهو ما دفعها للتحرك نحو مصر سريعا ومحاولة إعادة الاتصالات واستئناف سياسة الدعم التي تتبناها مصر للقطاع منعا للدخول في دائرة من الفراغ السياسي والاستراتيجي التي لا يمكن الخروج منها، وهو الأمر الذي لن يتوقف عند التهدئة وعدم إطلاق الصواريخ من القطاع على منطقة غلاف غزة وتكرار توجيه ضربات إسرائيل للقطاع في ظل حالة الفوضي الموجودة في القطاع ووجود فصائل منفلتة تقوم بإطلاق الصواريخ لإحراج حركة حماس، ومن ثم فإن التحرك القطري – الإسرائيلي المعلن يحمل رسائل مهمة لحركة حماس، ولإيران وللأطراف الإقليمية خصوصا مع تعدد الأطراف التي تمارس دورا في قطاع غزة، وبالتالي فإن لقاء المسؤولين الأمنيين في قطر وإسرائيل ليس جديدا، والإشكالية ليست في خروجه للعلن بل ما سيكون مطروحا بقوة في الفترة المقبلة في إطار حرص إسرائيل على توظيف واستثمار الدور القطري في قطاع غزة بوجه خاص، وفي الملف الفلسطيني بوجه عام، كما يتسق مع الحرص القطري على بناء علاقات هيكلية مع الجانب الإسرائيلي على كل المستويات، وهو ما سينقل العلاقات في الفترة المقبلة لعلاقات أكثر وضوحا، ولن تقتصر على مشروعات خدمية أو تطوعية أو تقديم مساعدات في ظل وجود تحفظات فلسطينية على تبدل الدور القطري من دور إنساني إلى دور سياسي ومصلحي بل واستثماري، وهو ما اشتكت منه قطاعات خدمية داخل قطاع غزة، وطالبت بالوقوف أمامه بل وتصفية الوجود القطري بصرف النظر عن صعوبة إجراء ذلك فعليا.

إن الخطورة الحقيقية في نقل العلاقات القطرية – الإسرائيلية لمرحلة نوعية سيكون الخاسر الأول والأخير هو الجانب الفلسطيني، وفي ظل رهانات حقيقية على أن قطر تطرح دورا استباقيا في تنفيذ المشروعات المطروحة لإعمار القطاع عبر خبراتها في إدارة المشروعات في القطاع، وبالتنسيق مع المؤسسات المانحة، وبدعم سياسي واستراتيجي إسرائيلي، وعبر المبعوث الأممي نيقولاي ميلاد نيوف.. الطرفان القطري والإسرائيلي ينقلان العلاقات من إطارها التقليدي إلى إطار جديد بصرف النظر عن الأهداف الانتخابية من قبل الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى