المرشد الإيراني علي خامنئي.. 3 عقود من الخداع والسلطوية
في عملية لم تكن موضع توقع بالنسبة للكثيرين داخل البلاد، اعتلى المرشد الإيراني علي خامنئي كرسي منصب ولاية الفقيه في إيران خلفا لسلفه الخميني بعد رحيله في يونيو 1989، 3 عقود مرت منذ ذلك الحين، تجاوزت فيها صلاحيات خامنئي حدودها للغاية، بحسب ما أجمع عليه محللون إيرانيون.
ولفت حسن يوسفي أشكوري، باحث إيراني متخصص في الشؤون الدينية، إلى أن خامنئي (80 عاما) لم يكن رجلا معروفا بالقرارات الكبرى والتاريخية حيث كانت دورته من المفترض لها أن تكون مؤقتة لدى توليه منصب المرشد الإيراني نهاية ثمانينات القرن الماضي، معتبرا أن تعزيز السلطوية أحد أبرز سمات عهد خامنئي، فضلا عن القبض بكلتا يديه على مقاليد الحكم بشكل مطلق في إيران رغم ضعف شعبيته.
وأكد الباحث الإيراني السجين السياسي السابق في مقابلة مع النسخة الفارسية لشبكة دويتشه فيله الألمانية،
أن خامنئي فشل رغم صلاحياته الواسعة في اتخاذ قرارات سياسة خاصة على مستوى التعاون الخارجي بل واقتصادية مدروسة بعناية، حيث نجح فقط في تمكين الإستبداد الديني فضلا عن تجاوز رياح الأزمات المختلفة من خلال أدوات أمنية وعسكرية، على حد قوله.
وتسببت أزمات كبرى بقيت دون حل جذري مثل احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009 بسبب تزوير الانتخابات الرئاسية حينها، وكذلك الملف النووي الإيراني في ترك جروح بالغة سيبقي أثرها حتى حال مجيء خليفة لخامنئي المريض بورم في البروستاتا منذ سنوات، بحسب أشكوري.
وفي نفس السياق، تطرق رجب علي مزروعي، الناشط السياسي الإصلاحي، إلى أن أبرز إرث للمرشد الإيراني يتمثل في تخلص الأخير من منتقديه ورفاقه على حد سواء طوال سنوات مضت، موضحا أن الجيل الجديد من رجال الدين الإيرانيين داخل مؤسسات الحكم في هيكل نظام طهران أغلبهم موالون لخامنئي وداعمون لسياساته.
ومن جانبه، علق إيرج مصداقي، السجين السياسي السابق، قائلا إن سياساته كانت قاسية ومتطفلة داخل جميع جوانب المجتمع الإيراني، مضيفا أن الواقع في الداخل الإيراني الراهن ينذر بوقوع فوضى واضطرابات لأسباب عديدة أبرزها التمييز تجاه الأقليات العرقية التي تعيش داخل حدود بلاده، وفق ما نقلت شبكة دويتشه فيله.
وشن السجين الإيراني السابق هجوما حادا على سياسات خامنئي من قبيل دعم المليشيات العسكرية المقاتلة بالوكالة لصالح نظام ولاية الفقيه إقليميا، والتدخلات الفجة للمؤسسات العسكرية مثل مليشيا الحرس الثوري والجيش في الشؤون السياسية والاقتصادية والمجالات الأخرى بالبلاد.
واعتبر إيرج مصداقي أن نهج خامنئي منذ وصوله إلى سدة الحكم قائم على تقريب من نعتهم بـ الفاسدين والمنافقين إلى دائرته، إضافة إلى تخصيص ميزانيات باهظة من موارد البلاد النفطية لنشر ثقافة الخرافات والأيدولوجيا الطائفية.
مهدي مهدوي آزاد، صحفي إيراني مستقل، أكد أن التحليل المحايد والمتوازن لأداء الرجل الذي كان الحاكم المطلق لبلد ما لمدة ثلاثين عاما، والذي أثر على مصير ثلاثة أجيال استنادا إلى ميوله الشخصية أمر صعب حقا.
وأشار آزاد إلى أن مؤيدي خامنئي على مدى السنوات الماضية رفعوا منزلته إلى درجة العصمة من الخطأ، في حين يراه معارضوه لا يقل ديكتاتورية عن أسوأ السلطويين على مر التاريخ مثل روبرت موجابي حاكم زيمبابوي السابق المثير للجدل ﻣﻨﺬ إعلان بلاده ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻋﺎﻡ 1980 حتى 2017.
ويعتبر عهد موجابي أطول فترة حكم ديكتاتوري في قارة أفريقيا، حيث تنحى عن الحكم قبل عامين بعد ﺿﻐﻂ من قبل ﺍﻟﺠﻴﺶ الوطني في بلاده.
يشار إلى أن مطلع العام الماضي، شهد ظهور تسريب لمقطع فيديو قصير جرى تداوله بشكل لافت، يكشف كواليس اختيار علي خامنئي مرشدا لإيران بعد فترة وجيزة من وفاة الخميني.
وأظهر المقطع المسرب اجتماعا لمجلس خبراء القيادة (مهمته عزل وتكليف المرشد في إيران) حيث وقع الاختيار على خامنئي لولاية الفقيه بشكل “مؤقت” بسبب ضعف إمكانيته اللازمة لتولي المنصب في هذا التوقيت.
وأثار المقطع جدلا واسعا لدى ظهوره حيث كشف عن حالة خداع على ما يبدو لتصعيد خامنئي حينها إلى المنصب، حيث اجتمع ذات المجلس في 5 أغسطس عام 1989 بهدف التصويت نهائيا على تسمية علي خامنئي مرشدا لإيران مدى الحياة.