سياسة

المرحلة الثانية من الحرب.. صراع العقول قبل السلاح في غزة


بعد شهور من الهدوء الهشّ، اندلعت الحرب في غزة مجددا، لكن هذه المرحلة تختلف جذرياً عن سابقتها في الأهداف والتكتيكات.

بدأت المرحلة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كردّ على هجمات حماس، مع إجماع إسرائيلي على أهداف واضحة تتمثل في تحرير الرهائن، واستعادة الردع، وتفكيك البنية العسكرية لـ”حماس“.

لكن الأولويات تبدلت بعد 17 شهراً من القتال؛ فالمرحلة الثانية التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تركز على إطالة أمد الصراع لضمان تماسك ائتلافه الحاكم مع أحزاب أقصى اليمين، وتوفير غطاء لخطط التهجير التي تتبناها حكومته لسكان غزة، والتي تعتبرها أحزاب إسرائيلية، خطوة نحو “تطهير” القطاع.

كما تُعد الحرب أداة لتشتيت الانتباه عن المحاكمة الجنائية لنتنياهو، وتداعيات أزمات حكمه الداخلية، وفقا لمجلة “فورين بوليسي”. 

استراتيجيات عسكرية جديدة

دبابات إسرائيلية في غزة

شهدت المرحلة الثانية تحولاً في التكتيكات العسكرية الإسرائيلية تحت قيادة رئيس الأركان الجديد إيال زامير، الذي يسعى إلى احتلال دائم لأجزاء من غزة، خاصة المناطق الحدودية، وإنشاء “مناطق عازلة” موسعة.

كما يهدف إلى السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية كأداة للضغط على المدنيين وإضعاف حماس. لكن الجيش يتجنب الاستدعاء الشامل للجنود الاحتياطيين بسبب تراجع الدعم الشعبي للحرب، حيث رفض 37 في المائة من الإسرائيليين استئناف القتال وفق استطلاع مارس/آذار 2024.

أجندة أقصى اليمين

باتت أحزاب أقصى اليمين، في ائتلاف نتنياهو القوة الدافعة للحرب الجديدة، مع خطوات ملموسة نحو تهجير الفلسطينيين. إذ أنشأت الحكومة، مكتباً رسمياً لتسهيل “الهجرة الطوعية” لسكان غزة إلى دول ثالثة، بتقديرات لتهجير 2 مليون فلسطيني خلال عام.

كما تسعى هذه الأحزاب إلى توسيع الاستيطان عبر السيطرة على أجزاء من القطاع تمهيداً لضمها، مستفيدةً من الانهيار الإنساني الذي يشمل نزوح 390 ألف شخص وتوقف 80 في المائة من المساعدات.

ورغم الدعم الأمريكي التقليدي، تظهر بوادر توتر بين أجندة نتنياهو وأهداف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فمن جهة، تسعى واشنطن لوقف الحرب تمهيداً لصفقة سلام إقليمية محتملة، وفق تصريحات ترامب الأخيرة.

ومن جهة أخرى، تتجنب الإدارة الضغط المباشر على إسرائيل لاحتواء الأضرار السياسية، خاصة بعد تزايد الانتقادات الدولية للهجمات على المدنيين، مثل ضربة قافلة طبية في 23 مارس/آذار.

دبابات إسرائيلية في غزة

الأكثر من ذلك، يعكس الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية تناقضات عميقة حول مصير القطاع. وبينما يروج نتنياهو لـ”إدارة عربية مشتركة” لغزة بعد الحرب دون خطة واضحة. يصر أقصى اليمين على تهجير السكان وضم الأراضي.

في المقابل، يركز الجيش على “هزيمة حماس عسكرياً” عبر السيطرة الأرضية. لكنه يتجنب الاصطدام المباشر بأجندة التهجير علناً، وفق “نيويورك تايمز”.

ويزيد الوضع الإنساني الكارثي التعقيدات. حيث تُقدّر الأمم المتحدة أن 90% من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر، مع نقص حاد في الغذاء والدواء.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى