سياسة

المراوغة الأردوغانية المكشوفة


يتمادى النظام الأردوغاني في دعمه للإرهابيين وتقديم الحماية لهم، وحين يطلق أردوغان تعابير رنانة بسلامة موقفه على حد زعمه حيال الأزمة والشعب السوري فهي بالأساس لم تكن سوى خضوع تركي، والوقت لبقائه واحتلاله لأجزاء من الأراضي، ذلك ما يفضي في نهاية الأمر إلى فرض واقع ميداني في الشمال السوري، بالرغم من الشعب السوري يرفض وجود قواته على الأراضي السورية. 

السياسة الأردوغانية تُجيد اللعب على أوتار المراوغة المكشوفة والنفاق الأرعن واتضحت المراهنات للتنصل من الاتفاقات التي تنهي في حالة تطبيقها دور التنظيمات الإرهابية في سائر المناطق المتوغلة فيها، والهدف المتوخى هو ضمانة مرتزقة أردوغان ليظلوا في مواقعهم بغية تحصينها ومواجهة القوات السورية، ويتلاعب أردوغان على أكثر من حبل فهو يذعن أمام الروسي لنزع الأسلحة الثقيلة من المجموعات الإرهابية وفرز من صنفتهم الأمم المتحدة بأنهم إرهابيون وبين من تطلق عليهم معارضة لكن دون طائل، بل يتحرك بكل صفاقة لتأمين السلاح للتنظيمات المسلحة ومرتزقته في سوريا وليبيا وأذربيجان.. وحتى أنه يفتح لهؤلاء معسكرات التدريب لهم على الأراضي التركية.

ويعارض تنظيم الحزب الإسلامي التركستاني، أي اتفاق لإخراجه من إدلب، وينحدر أغلب مقاتليه من منطقة تركستان الشرقية أو إقليم شينجيانغ ذات الأغلبية المسلمة غرب الصين، ويرتبط التنظيم الذي أُسس في سورية في بلاد الشام بتنظيم القاعدة، ويقدر عدد مقاتليه بنحو 2300، وينتشر مقاتلوه في جسر الشغور ومناطق أخرى على حدود محافظة إدلب مع اللاذقية.

ويعد التنظيم قريباً من هيئة تحرير الشام وهو مثلها، ويتوقع أن ينسحب موقف الهيئة على موقف الحزب بسبب قربه منها وتحالفه معها، وهناك عدد آخر من الفصائل المتشددة مثل أنصار الدين وأنصار الفرقان وأنصار التوحيد وغيرها، تنضوي تحت توجيه وتخطيط النظام الأردوغاني إلا أنه لا يعتد بها لصغر حجمها، ليبقى موقف هيئة تحرير الشام الأهم، وتترتب عليه تداعيات كبيرة نظراً إلى حجمها ونفوذها الكبيرين.

وأردوغان يريد أن يكون صوت العالم السني، وبسياسته الرعناء انتقلت تركيا المدافعة بشدة عن جماعة الإخوان المسلمين، من دولة علمانية إلى دولة الإسلام السياسي، ومن نظام برلماني إلى رئاسي ثيوقراطي، تحت قيادة رئيس حزب العدالة والتنمية، المهيمن على السلطة في البلاد، ذلك ما يجعل تركيا في حالات اضطرابات دائمة وانهيارات في مختلف المجالات، وإذا ما تحدث أي إنسان منتقداً الوضع السائد وعن موقف مناهض للسياسة الأردوغانية، حينها عليه أن يأخذ بالاعتبار الاعتقال أو التسريح، إن كان يتبع لمؤسسات الدولة، وما عليه إلا أن يؤثر الصمت حفاظاً على حياته، وتحاشياً لممارساته القمعية التي طالت المعارضين.

وكل ما يهدف إليه أردوغان هو تحقيق الأجندة التركية شخصياً بضم بعض المناطق في الشمال السوري التي يعتبرها على حد زعمه أنه تم اقتطاعها من الدولة العثمانية أو تركيا الجديدة في أعقاب معاهدة لوزان التي تلت الحرب العالمية الأولى، وعلى هذا فإن أنقرة تصر على أن تكون القوات التركية فقط هي التي تقوم بإدارة المناطق المهيمنة عليها، ويعاود الحديث عن معاهدة لوزان وتعديل بنودها من أجل إعادة بعض المناطق في العراق وسوريا إلى الدولة التركية على حسب ما يصر أردوغان في تصريحاته الاستعمارية، ويظل يجتر حديثه بضرورة ضم بعض المناطق بدعوى تبعيتها للدولة العثمانية.

الحجج الأردوغانية أمام خصومه تبدو باطلة ومصيرها الإخفاق ولا تستقيم على وزن ولا تستند على حسابات، وانتقادات المعارضة له واضحة، وقد حمّلته مسؤولية ما وصلت إليه تركيا من معاناة ومشاكل سياسية اقتصادية وعسكرية داخلية وخارجية، وأن كوادر جاهلة فاسدة غير كفؤة تتحكم بأمور السلطة في تركيا حيث لا علاقة لها بالوطنية والإخلاص بل همها مصالحها الشخصية وانغماسها بأعمال مثيرة ومخلة بأمن البلاد.

رئيس وزراء النظام التركي السابق وزعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو يتمتع بشخصية تتسم بأهميتها السياسية في الأوساط المحافظة، ومواجهته لأردوغان وانتقاده لسياسته قد ترجح الميزان لمصلحة القوى المعارضة الداعية لإنهاء الكابوس الاستبدادي التركي، وفي خطابه الموجه لأردوغان يوضح أوغلو أن الإجراءات القمعية وغير القانونية شلت قدرة التفكير التركي ولابد من عودة حكم القانون وإنهاء القمع واستعادة الضوابط والتوازنات البرلمانية، وأولئك الذين لا يتسمون بإحساس العدالة ليس لديهم ما يقولونه حول مستقبل البلاد.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى