سياسة

المبعوث الفرنسي يطرح مقترح منطقة عازلة في جنوب لبنان


 

تزامنت زيارة المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان مع ضغوط غربية لإقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان بما يتيح إبعاد حزب الله اللبناني بشكل نهائي، فيما يأتي هذا التحرك في خضم الهدنة المؤقتة في قطاع غزة ووسط هدوء حذر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وأشارت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن “جهات غربية أعلمت مرجعية سياسية في لبنان بأن الدولة العبرية تواجه معضلة رفض سكان المستوطنات الشمالية العودة إليها بسبب وجود الحزب المدعوم من إيران على الحدود”.

وبحثت إسرائيل مع دول غربية وعربية سبل الضغط على لبنان لإقامة منطقة عازلة داخل حدوده بما يسمح بإعادة المستوطنين، ووفق المصدر نفسه فإن الدول الأوربية عدّلت الاقتراح، معتبرة أن المنطقة العازلة يجب أن تكون من الجانبين وهو ما يرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وعبّر لودريان عن الرغبة الغربية في الضغط على حزب الله للالتزام بتطبيق القرار 1701 توازيا مع ضغوط دولية لتعديل صلاحيات قوات الطوارئ العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل).

وتأسست قوة اليونيفيل بقرار من مجلس الأمن عام 1978 بعد غزو إسرائيل للبنان وتم توسيع نطاقها وحجمها بعد حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله التي أسفرت عن مقتل 1200 شخص في لبنان معظمهم من المدنيين و158 إسرائيليا، معظمهم من الجنود وتنتشر القوة في جنوب لبنان ومهمتها الأساسية هي المساعدة في حفظ السلام والأمن الدوليين.

وتقول البعثة إن لديها حاليا قوة قوامها نحو 10 آلاف جندي من 47 دولة ونحو 800 موظف مدني يتمركزون في 45 موقعا على مساحة 1060 كيلومترا مربعا بين نهر الليطاني والخط الأزرق.

وكشفت الصحيفة اللبنانية أن القوى السياسية اللبنانية وفي مقدّمها الحكومة بدأت العمل لإنشاء منطقة عازلة جنوب الليطاني وإبعاد قوة النخبة في حزب الله عنها، بينما طلب من خصوم الجماعة اللبنانية إطلاق سياسية وإعلامية موازية للعمل الدبلوماسي بهدف إنجاز المهمة.

ويسلط هذا التطور الضوء على المفاوضات التي سبقت وقف حرب العام 2006، عندما كان إنشاء منطقة عازلة أحد شروط إسرائيل ونقلتها إلى بيروت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي دعت إلى إنهاء كل أشكال الوجود العسكري والمدني والمؤسساتي لحزب الله جنوب نهر الليطاني.

وفي سياق متصل أبدى الموفد الفرنسي خلال اجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي استعداد بلاده لمساعدة لبنان، مشددا على أن زيارته إلى بيروت تهدف إلى “تجديد التأكيد على موقف اللجنة الخماسية بدعوة اللبنانيين إلى توحيد الموقف والإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية”، مشيرا إلى أنه سيجري سلسلة من الاحتماعات بهدف “تأمين التوافق اللبناني حيال الاستحقاقات الراهنة”.

وتضم اللجنة الخماسية ممثلين عن مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة وتهدف لإيجاد مخرج للأزمة في لبنان، وتم تشكيلها في فبراير شباط الماضي بعد فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد.

كما التقى لودريان رئيس مجلس النواب نبيه بري بمقر الرئاسة الثانية في عين التينة غرب بيروت، حيث جرى عرض لآخر التطورات والمستجدات السياسية، كما بحث مع قائد الجيش اللبناني جوزيف عون الوضع العام في لبنان وآخر التطورات في الجنوب.

ونوّه لودريان بحسب بيان للجيش اللبناني بـ”أداء الجيش في ظل التحديات التي يواجهها”، مؤكدا على “استمرار دعم بلاده المطلق للمؤسسة العسكرية”.

وتعد هذه الزيارة الرابعة للودريان إلى بيروت، بعد تعيينه من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يونيو/حزيران الماضي موفدا رئاسيا للبنان.

وتأتي المساعي الفرنسية بعد فشل البرلمان اللبناني في 12 جلسة منذ سبتمبر/أيلول 2022، كان آخرها بتاريخ 14 يونيو/حزيران الماضي، في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وفي الوقت الذي يحاول فيه جنود الأمم المتحدة المنتشرون على طول حدود لبنان مع إسرائيل إنجاز مهمتهم في حفظ السلام خلال أسوأ أعمال قتالية هناك منذ نحو 20 عاما، يطل عليهم باعث ملح آخر للقلق، ألا وهو حفظ أمنهم هم أنفسهم.

وقال قائد كبير خلال زيارة من رويترز لقاعدة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) في جنوب لبنان إنه منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة قبل سبعة أسابيع، دأب أفراد القوة على اللجوء للمخابئ أثناء “القصف المكثف وإطلاق الصواريخ”.

وقال اللفتنانت كولونيل ستيفن ماكوين، قائد كتيبة من الجنود الأيرلنديين والبولنديين المتمركزين في معسكر شامروك في قرية الطيري، بالقرب من حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل “يجب أن أحافظ على حماية القوة كأولوية أثناء تنفيذ المهمة أيضا”.

وترتب على الصراع في غزة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الجنوب، تبادل لإطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله المدعوم من إيران وحليف حماس، يوميا على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وأسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل نحو 100 شخص في لبنان، 80 منهم من مقاتلي حزب الله، منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وقال ماكوين إنه يأمل في تمديد الهدنة في غزة بين حماس وإسرائيل لأن المدنيين “هم الذين يعانون أكثر من غيرهم” من الصراع سواء في لبنان أو غزة كما أن العنف في غزة مرتبط بالوضع في جنوب لبنان.

وقال المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تينينتي “تتمثل مخاوف البعثة في أنه بعد عدة أسابيع من تبادل إطلاق النار، أصبح لدينا الآن هدنة، لحظة هدوء، لكن التغييرات المكثفة في إطلاق النار يمكن أن تؤدي في الواقع إلى توسع دائرة الصراع بشكل كبير”، مضيفا “هذا هو التحذير الحقيقي والخطر الذي يواجهه الجميع ليس فقط في الجنوب ولكن في المنطقة أيضا”.

ولم يُقتل أي من أفراد قوات حفظ السلام منذ تصاعد الأعمال العدائية. وقال تينينتي إن اثنين من أفراد قوات حفظ السلام أصيبا في حادثين منفصلين كما تعرضت مجمعات وقواعد اليونيفيل لقصف وتضررت بقذائف المورتر عدة مرات.

وقال ماكوين “شهدنا إطلاق نار كثيفا إلى الشمال والجنوب من الخط الأزرق… كثيرا من الحوادث القريبة”، مشيرا إلى الحدود البالغ طولها 120 كيلومترا والتي رسمتها الأمم المتحدة وتمثل الخط الفاصل بين البلدين حيث انسحبت القوات الإسرائيلية عندما غادرت جنوب لبنان عام 2000.

وفي أحدث واقعة، تعرضت دورية تابعة لليونيفيل لإطلاق نار إسرائيلي في محيط قرية عيترون بجنوب لبنان، على الرغم من عدم وقوع إصابات. ووصفت قوة الأمم المتحدة الهجوم بأنه “مثير لقلق عميق”.

وساد الهدوء على الحدود منذ أن اتفقت حماس وإسرائيل على هدنة مؤقتة بدأت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، لكن الجيش الإسرائيلي قال صباح اليوم الخميس إنه اعترض “هدفا جويا” عبر من لبنان وفي وقت سابق من اليوم توصل الجانبان إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة لتمديد الهدنة.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى