مجتمع

اللطف أم الطيبة؟ الفرق الخفي وأيهما يحمي صحتك النفسية


لطالما كانت كلمتا “لطيف” و”طيب” تستخدمان بالتبادل لوصف شخصية إيجابية، لكن في الواقع، هناك فرق جوهري بينهما. فهل يجب أن نسعى لأن نكون لطيفين أم طيبين؟ وما الفرق بينهما؟.

ما معنى أن نكون “لطفاء”؟

يوضح البروفيسور توماس بلانت، أستاذ علم النفس في جامعة سانتا كلارا، أن اللطف يتعلق بالتصرف بأدب واتباع آداب السلوك الاجتماعي. وتعني كلمة “لطيف” في الأصل “مُرضٍ” أو “مقبول”، وقد تطورت من الكلمة اللاتينية “nescius”، التي تعني “جاهل”.

تحليل الشخصية الطيبة في علم النفس.. مستويات أعلى من السعادة | مجلة سيدتي

 أما معنى “الطيبة”

تُعرَّف الطيبة بأنها سلوك مدروس يُظهر العناية والاهتمام بالآخرين، مع الحفاظ على قوة الشخصية والقدرة على العناية بالذات، حسب ما ذكرته الدكتورة ماريسا سيروتا، الاختصاصية النفسية ومؤلفة كتاب “كن طيبًا لا لطيفًا”.

ما الفرق بين اللطف والطيبة؟

يعتبر الخبراء أن الطيبة تتجاوز اللطف في كونها أكثر تجسيدًا للتعاطف والعمل الجاد. ففي حين أن اللطف هو سلوك عابر يسعى لإرضاء الآخرين، فإن الطيبة تتطلب جهدًا أكبر، حيث ترتبط بتقديم الدعم أو الاهتمام للآخرين حتى لو كان ذلك غير مريح. يشير هيوستن كرافت، مؤلف كتاب “الطيبة العميقة”، إلى أن الطيبة هي “اختيار مدروس للتفاعل مع الآخرين بإيجابية وعطف”.

تحليل الشخصية الطيبة في علم النفس.. مستويات أعلى من السعادة | مجلة سيدتي

 ويضيف كرافت أن “اللطف عادة ما يكون رد فعل، بينما الطيبة هي عمل استباقي يهتم بالآخرين”. ويلفت إلى أن الأفعال الطيبة تتطلب تضحيات من وقتنا وراحتنا، مما يجعلها أكثر تأثيرًا.

هل يجب أن نسعى لأن نكون لطيفين أم طيبين؟

بحسب سيروتا، الطيبة هي الخيار الأفضل لأن الشخص الطيب يحب نفسه ويضع حدودًا واضحة، بينما الشخص اللطيف غالبًا ما يتصرف لإرضاء الآخرين، ما قد يؤدي إلى فقدان شخصيته. وتدعو سيروتا إلى ممارسة الطيبة التي تأتي من قاعدة من الحب والاحترام للذات.

ويرى بروفيسور بلانت أنه لا ضير في أن نكون لطيفين وطيبين في آن واحد. “العالم يحتاج إلى المزيد من اللطف والطيبة، خاصة في هذه الأيام التي يسودها الانقسام”، كما يقول.

غالبًا ما نستخدم كلمتي اللطف والطيبة بالتبادل، لكنهما في الواقع تحملان معاني مختلفة تؤثر على سلوكنا وصحتنا النفسية بطرق غير متوقعة. فهل هناك فرق بينهما؟ وأيهما أفضل لك على المدى الطويل؟

 ما هو اللطف؟

اللطف هو سلوك متعمد وإيجابي يُظهر الاحترام والتقدير للآخرين دون أن يكون على حساب الذات. الشخص اللطيف يراعي مشاعر الآخرين، لكنه لا يُلغي مشاعره أو يتنازل عن حقوقه لإرضائهم.

خصائص الشخص اللطيف:

  • يُظهر الاحترام دون أن يُعرّض نفسه للاستغلال.
  • لديه حدود واضحة في التعامل مع الآخرين.
  • يختار أن يكون لطيفًا دون الشعور بالإجبار.
  • يعبر عن آرائه بطريقة مهذبة ولكن حازمة.

ما هي الطيبة؟

الطيبة هي صفة داخلية ترتكز على النية الحسنة وحب الخير للآخرين، ولكنها قد تجعل الشخص أكثر عرضة للاستغلال إذا لم تكن مصحوبة بوعي وحدود واضحة.

خصائص الشخص الطيب:

  • يريد الخير للجميع، حتى على حساب راحته أحيانًا.
  • يميل إلى تجنب المواجهات والصراعات.
  • قد يجد صعوبة في قول “لا”، مما يعرضه للإرهاق العاطفي.
  • أحيانًا يضع احتياجات الآخرين فوق احتياجاته الخاصة.

الفرق بين اللطف والطيبة

 الفرق الجوهري بين اللطف والطيبة

النقطة اللطف الطيبة
التحكم بالموقف يُمارَس بوعي وحدود قد يكون عاطفيًا ومندفعًا
إرضاء الآخرين ليس على حساب الذات قد يكون على حساب الذات
الحماية من الاستغلال يضع حدودًا واضحة قد يكون أكثر عرضة للاستغلال
التأثير على الصحة النفسية يعزز التوازن العاطفي قد يسبب الضغط والتوتر

أيهما يحمي صحتك النفسية؟

بينما تُعتبر الطيبة صفة إيجابية، فإن اللطف هو الخيار الأكثر صحة نفسية لأنه يساعدك على التعامل مع الآخرين بمودة دون التضحية باحتياجاتك أو السماح باستغلالك. الأشخاص الذين يمارسون اللطف بطريقة متوازنة يكونون أقل عرضة للتوتر العاطفي والشعور بالإرهاق.

كيف تكون لطيفًا دون أن تصبح ضحية للاستغلال؟

تعلم قول “لا” عندما يكون ذلك ضروريًا.
ضع حدودًا صحية في علاقاتك الشخصية والمهنية.
 لا تشعر بالذنب عند الاعتناء بنفسك أولًا.
 وازن بين مساعدة الآخرين وحماية طاقتك العاطفية.

على الرغم من التشابه بين “اللطف” و”الطيبة”، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا في الطريقة التي يؤثر بها كل منهما على الفرد وتعامله مع الآخرين.

المعيار اللطف الطيبة
التفاعل مع الآخرين سلوك متعمد يُظهر الاحترام والمجاملة دون التنازل عن الحقوق نية داخلية حسنة تدفع الشخص لفعل الخير، حتى لو كان على حسابه
الحدود الشخصية يضع حدودًا واضحة لحماية نفسه من الاستغلال قد يجد صعوبة في وضع حدود، مما يعرضه للاستغلال
التحكم بالمشاعر متوازن بين العاطفة والمنطق، لا يسمح للمشاعر بالتحكم في قراراته غالبًا ما تدفعه العاطفة إلى تقديم التضحيات بدون تفكير منطقي
رد الفعل عند الإيذاء يستطيع الدفاع عن نفسه بطريقة محترمة قد يسامح بسهولة ويتجاهل الإساءة حتى لو تكررت
التأثير على الصحة النفسية يحمي طاقته العاطفية من الاستنزاف قد يعاني من الإرهاق العاطفي بسبب محاولة إرضاء الجميع
إرضاء الآخرين ليس على حساب الذات، يوازن بين احتياجاته واحتياجات الآخرين قد يضع احتياجات الآخرين فوق احتياجاته الخاصة

أيهما أفضل؟

اللطف هو الخيار الأكثر صحة لأنه يسمح لك بمعاملة الآخرين باحترام دون أن تفقد السيطرة على حقوقك وطاقتك. أما الطيبة، رغم أنها صفة جميلة، فقد تجعل الشخص أكثر عرضة للاستغلال إذا لم يكن مصحوبًا بوعي وحدود واضحة.

كن طيبًا ولكن بلطف وذكاء!

اللطف والطيبة كلاهما قيم إنسانية رائعة، لكن اللطف الواعي هو الذي يحمي صحتك النفسية ويحافظ على علاقاتك دون أن يُثقل كاهلك. كن طيبًا، لكن كن لطيفًا بذكاء!

تحليل الشخصية الطيبة في علم النفس.. مستويات أعلى من السعادة

يستمتع الكثير من الأشخاص الطيبين في حياتهم بالعطاء واللطف الذي يقدمونه للآخرين، مما يجعل البعض يتساءل كيف يُمكن لإنسان أن يشعر بسعادة لمجرد إسعاده غيره حتى لو تطلب منه ذلك المزيد من الجهد والوقت والمال. وفي تحليل للشخصية الطيبة في علم النفس، استخدم الباحثون مقياس السعادة الذاتية، الذي يقيس التجارب اليومية السعيدة وغير السعيدة. وتكون الاستبيان أيضاً من الدافع والاعتراف والعناصر المتعلقة بالسلوك. وطلب الفريق من المشاركين حساب عدد الأعمال الطيبة التي قاموا بها كل يوم، وهي المهمة التي استغرقت أسبوعاً واحداً، فيما استخدم الباحثون نفس المقياس قبل وبعد التدخل، وقاموا أيضاً بقياس الامتنان من حيث صلته باستجابة المشاركين لتلقي اللطف. وكانت النتائج التي توصل إليها الباحثون كما يلي:

تسجيل مستويات أعلى من السعادة

تتسم الشخصية الطيبة بالتسامح والاستجابة الوجدانية لمشاعر الآخرين (المصدر: Adobe.Stock)

 

-سجل الأشخاص السعداء درجات أعلى في دافعهم للأداء، واعترافهم بالسلوكيات الطيبة وتفعيلها.
-تمتع الأشخاص السعداء بمزيد من الذكريات السعيدة في حياتهم اليومية من حيث الكمية والنوعية.
-زادت السعادة الذاتية ببساطة عن طريق حساب أفعال الشخص الطيبة لمدة أسبوع واحد.
-أصبح الأشخاص السعداء أكثر لطفاً وامتناناً من خلال التفكير في الأفعال الطيبة التي قاموا بها.

وسلط الباحثون الضوء في علم النفس على أن الشخصية الطيبة تتمتع بصفتين أساسيتين وهما:
-التسامح الحميد وهو نوع من اللباقة اليومية وقبول وحب الآخرين.
-الاستجابة الوجدانية وهي مراعاة لمشاعر أفراد آخرين وتفضيل حاجاتهم ورغباتهم على رغبات الشخص.

وأوضحت الأبحاث أيضاً أن هناك صفة ثالثة تُميز الشخصية الطيبة في علم النفس، وهي “اللطف الجوهري” فهي شعور شامل يشبه التعاطف، ولكنه يتضمن أيضاً إيماءات نشطة ناتجة عن مشاعر دافئة تجاه الآخرين. ما رأيك بالتعرف إلى أعراض اضطرابات الأكل النفسية؟

الأسابيع الأولى للحامل نصائح هامة

كيف يُعيد الحمل تشكيل الدماغ؟ لغز التسعة أشهر

المزيد من الأبحاث لتحليل الشخصية الطيبة

تتسم الشخصية الطيبة بحب مساعدة الآخرين في مختلف المواقف (المصدر: Freepik)

 

ركزت الأبحاث اللاحقة في الشخصية بقيادة والتر ميشيل، على المواقف وكيف تؤدي إلى تغييرات في السلوك، لأن الناس ليسوا منفتحين بطبيعتهم، فقد يكونون هادئين في غرفة مليئة بالغرباء، وقد تمَّ إطلاق عشرات الدراسات بعد مقتل كيتي جينوفيز في عام 1964، التي يُزعم أن ما يصل إلى ثمانية وثلاثين.

شخصاً شهد مقتلها دون أن يأتي أي شخص لمساعدتها. وفي وقت لاحق، اكتشف المراسلون أن عدداً من الأشخاص اتخذوا بعض الإجراءات للمساعدة، لكن القتل لا يزال مصدر إلهام لقدر كبير من البحث حول “تأثير المتفرج”. ووجد علماء النفس أن احتمال مساعدة الأشخاص لشخص ما يقل، إذا كان هناك غرباء في الجوار، ولقد صاغوا مصطلح “تشتيت المسؤولية” لوصف كيف أن الناس في الحشد هم أقل عرضة للتفاعل مع شخص في محنة؛ لأنهم يأخذون دافعهم السلبي من تقاعس الآخرين.
وفي هذه الدراسة، ارتبطت سمة الطيبة واللطف بالمساعدة، من خلال النظر إلى كل من السمات الدائمة للشخصية. وفقاً لتقييم مقاييس الشخصية والأحداث اللحظية التي تؤثر على مزاج الشخص

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى