سياسة

القوارب الحوثية الانتحارية: إرهاب التحكم عن بعد


ماركو أوليمبيو
عثرت القوات اليمنية والسعودية، في 9 أيلول/سبتمبر، على قارب انتحاري تفجيري يعمل بالتحكم عن بعد، تابع للمتمردين الحوثيين، قبالة جزيرة الفشت على الساحل الغربي لليمن. واتضح بعد التدقيق أن القارب الصغير المحمل بالمتفجرات خضع لعمليات تعديل كبيرة، هدفت إلى الحد من إمكانية رؤيته البصرية على سطح الماء.
لم يكن هذا الاكتشاف مفاجئًا بشكل كبير، إذ شهد النزاع في اليمن تطويرًا لقوارب تفجيرية غير مأهولة عدة، مصنعة من قبل الحوثيين، بمساعدة إيرانية وفقًا للكثير من المراقبين. وقد برزت تقارير عدة حول هجمات أو اكتشافات لسفن انتحارية متفجرة غير مأهولة منذ مطلع عام 2017 في البلاد.
في يناير/كانون الثاني 2017، استخدم المتمردون الحوثيون زورقًا يعمل بالتحكم عن بعد لضرب سفينة سعودية، ما أسفر عن مقتل 2 من البحارة وجرح 3 آخرين. وفي نيسان/إبريل 2017، اعترضت القوات السعودية زورقًا آخر يعمل بالتحكم عن بعد، يحمل العديد من المتفجرات، حاول استهداف مستودع نفط ومحطة توزيع في جيزان، بالقرب من الحدود اليمنية. وحسب تقارير إعلامية، جرى إطلاق القارب من جزر مجاورة في الأراضي اليمنية. وعلى نحو مماثل، أحبطت السعودية في يناير/كانون الثاني 2018 هجومًا على ناقلة نفط تحمل العلم السعودي، استخدمت فيه 3 قوارب انتحارية تعمل بالتحكم عن بعد.
أنواع القوارب الانتحارية
هنالك القليل من الصور المتاحة حول القوارب الحوثية القابلة للتحكم عند بعد، غالبيتها تدلل على تصنيع نوعين مختلفين على الأقل من هذه القوارب. النوع الأول يتمثل في الزوارق السريعة المعدلة، التي استولى عليها التحالف العربي في يناير/كانون الثاني 2018. نشرت وزارة الدفاع الأمريكية صورة لهذا النوع من الزوارق، وحملت اسم “Shark-33”. هذه الزوارق تعمل بمحركين خارجيين من نوع “ياماها” بقوة 200 حصان، مزودة بكاميرات، وموجهات قيادة هيدروليكية، ولاقطات هوائية بتقنية “GPS”، وكذلك حواسيب ملاحية.
ويفيد “مركز بحوث مراقبة السلاح” البريطاني (Conflict Armaments Research)، الذي أجرى دراسة على هذا النوع من القوارب، أن القارب المذكور كان زورقًا سابقًا تابعًا لحرس السواحل الإماراتي، تبرعت به أبو ظبي للبحرية اليمنية في السابق، قبل أن يستولي عليه الحوثيون فيما بعد. ووجد التقرير البريطاني أن المكونات المستخدمة في تحويل هذا القارب إلى منصة حربية غير مأهولة هي إيرانية الصنع. علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن جماعة الحوثي جهزت القارب برأس حربية صاروخية مضادة للسفن، من طراز p-15 السوفييتية، حصلت عليها اليمن من الاتحاد السوفييتي عام 1989.
أما النوع الثاني من القوارب، المكتشف مؤخرًا، فيحمل اختلافًا جوهريًا عن النوع الأول؛ هكذا قوارب صغيرة جدًا، وأكثر تعديلًا من الناحية التقنية. جرى تصميم هذه القوارب لتطفو على مستويات أقل من المياه، وتستطيع استغلال خصائص خفية للوصول خلسة إلى أهدافها. يجري تشغيل هذا النوع من القوارب بمحرك خارجي من طراز “ياماها” بقوة 200 حصان، مزود بعبوات ناسفة مختلفة عدة، موضوعة في صناديق خشبية موزعة في جميع أنحاء الهيكل. جرى تزويد هذه القوارب كذلك بأنظمة “GPS” والعديد من المكونات الإلكترونية.
وأشار الخبراء إلى أن هذه القوارب تشترك بخصائص مشتركة مع قوارب نمور التأميل الانتحارية. ومن المحتمل أن يكون التغيير الحاصل على تصميمها الخارجي بمثابة علامة على تغيير في إستراتيجية الحوثيين الخاصة بالقوارب الانتحارية، بعدما تمكن التحالف العربي من إحباط هجمات القوارب الحوثية على السفن والأصول السعودية.
هذه القوارب المتفجرة ليست إلا جزءًا من صورة أكبر، تحاول فيها القوات الحوثية ممارسة الضغط على دول التحالف، من خلال استهداف البنيتين المدنية والعسكرية. وهذا هو السبب الذي دفع المتمردين الحوثيين إلى إطلاق صواريخ بالستية على مدن ومنشآت وناقلات سعودية. هذه الإستراتيجية تشبه إلى حد كبير الإجراءات الإيرانية والعراقية خلال “حرب الناقلات”، وإن كان ذلك على نطاق أصغر.
تمثل عمليات الحوثي في الممرات المائية تهديدًا خطيرًا للسفن المدنية والعسكرية على حد سواء. يعتبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب من الممرات البحرية الحيوية والمزدحمة، إذ يمر منهما حوالي 4,8 مليون برميل من المنتجات النفطية كل يوم. من شأن القوارب الحوثية الانتحارية، إلى جانب الألغام والقذائف المضادة للسفن، أن تحمل عواقب اقتصادية وسياسية خطيرة جدًا.
المصدر: مجلة عين أوروبية على التطرف
ترجمة: كيوبوست

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى