الفساد والإرهاب وراء قرار واشنطن بتجميد المساعدات لليبيا

أعلنت الولايات المتحدة تعليق جميع مساعداتها الإنسانية المقدمة لليبيا وهو ما اعتبره تقرير صادر عن المركز الاستخباراتي الفرنسي “أفريكا إنتلجنس”، بأنه مرتبط بتزايد مخاطر الفساد واختلاس الأموال ضمن تلك المساعدات ما يمثل تحديا كبيرا في بلد يعانى من الفساد والانقسام وسطوة المجموعات المسلحة وتصاعد نفوذها في مؤسسات الدولة الرسمية.
وكشف التقرير أن جزءًا من التمويل الأميركي يتم توجيهه لدعم جماعات مسلحة في البلاد، بما فيها تلك المصنفة كإرهابية وهو ما يمثل تحديا كبيرا في ظل جهود تقوم بعا البعثة الأممية لتوحيد مؤسسات البلاد ونزع سلاح الميليشيات.
وأكد تحوُّل مسار ملايين الدولارات من المساعدات الأميركية إلى “جيوب مسؤولين ليبيين وعناصر ميليشياوية”، بدلاً من توجيهها إلى النازحين والمشردين الذين يُشكِّلون الغالبية العظمى من المستحقين مشيرا إلى أدلة على تورط جهات ليبية في استخدام المساعدات لتمويل جماعات مسلحة، بعضها مصنف “إرهابياً”، ما يُناقض شروط واشنطن التي تُحرّم تمويل أي كيانات تُهدد الأمن الإقليمي.
وتحدث على “أن الانقسام السياسي بين شرق ليبيا وغربها، وعدم وجود سلطة مركزية معترف بها دولياً، جعلا واشنطن عاجزة عن ضمان توزيع المساعدات وفق معايير واضحة” لافتا “إلى تصاعد الهجمات على المنشآت الدبلوماسية الأجنبية في ليبيا، خاصة بعد تعرُّض بعثة أميركية لتهديدات مباشرة من جماعات متطرفة في الجنوب.
الانقسام السياسي جعل واشنطن عاجزة عن ضمان توزيع المساعدات
وكانت منظمات إنسانية، بينها “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين”، من أن قرار واشنطن قد يُفاقم معاناة نحو 1.2 مليون ليبي يعتمدون على المساعدات الدولية في الغذاء والدواء. لكن التقرير الاستخباراتي نوّه بأن استمرار التمويل دون ضوابط “يُغذي الصراع ويعقد الأزمة”.
ومنذ اندلاع الأزمة الليبية في عام 2011، شهدت البلاد حالة من الفوضى والانقسام السياسي بين الشرق والغرب، مما أدى إلى تعقيد الوضع الأمني والاقتصادي والإنساني. تعاني ليبيا من غياب سلطة مركزية معترف بها دولياً، مما أسهم في انتشار الفساد واختلاس الأموال وتوجيهها إلى الجماعات المسلحة.
وتعاني ليبيا من تدهور الأوضاع الإنسانية، حيث يعتمد نحو 1.2 مليون ليبي على المساعدات الدولية في الغذاء والدواء. ومع تصاعد الهجمات على المنشآت الدبلوماسية الأجنبية وتعرض بعثات دبلوماسية لتهديدات من جماعات متطرفة، أصبحت الأوضاع أكثر تعقيدًا. كما احتلت ليبيا المرتبة الـ173 من أصل 180 دولة في الترتيب العالمي لمؤشر الفساد للعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.
ويعكس قرار الولايات المتحدة تعليق مساعداتها الإنسانية لليبيا التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد في ظل الفساد والانقسام السياسي ودعم الجماعات المسلحة. بينما يسعى المجتمع الدولي إلى دفع الأطراف الليبية نحو تسوية سياسية، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان توزيع المساعدات بشكل عادل ومنع استخدامها لدعم الجماعات المسلحة وهو ما يعتبره متابعون أمرا معقدا وفي غاية الصعوبة بسبب نفوذ الميليشيات.
ويُظهر القرار أيضًا توجه الإدارة الأميركية نحو مراجعة سياساتها في المنطقة، مع التركيز على تحويل المساعدات إلى دول أخرى في ظل التنافس الإقليمي والدولي.