سياسة

الغنوشي والخطاب “الإخواني” المخاتل

الهاشمي نويرة


نشر رئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، مقالاً، نهاية الأسبوع الماضي، كشف من جديد، حالة الارتباك التي طبعت سلوكه، منذ قيام الرئيس قيس سعيّد بالحركة التصحيحية.

يوم 25 يوليو الماضي، بدءاً بتعليق عمل مجلس نواب الشعب ثم إيقاف العمل بالأبواب الخاصة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية في الدستور التونسي.

وفي حينها، خلقت العملية الخاطفة للرئيس التونسي وضعاً سياسياً ومجتمعياً ملائماً لإخراج فرع حركة الإخوان من الحكم وحتى من المشهد السياسي في تونس، وذلك بدعم شعبي عارم وبسند سياسي ومجتمعي مطلق، غير أن قيس سعيّد راكم التردد ولم يحسم أمره ولم يمرّ إلى السرعة القصوى وأبى الانفتاح على القوى الوطنية السياسية والمجتمعية التي كانت ستوسع بالتأكيد من دائرة الخير حوله وحول تونس.

وقد سعت حركة النهضة الإخوانية بكل خبث ودهاء رئيسها راشد الغنوشي إلى استغلال هذا التردد داخلياً، بتركيز “جبهة سياسية” مصطنعة، ولا روابط فكرية أو برامجية بين مكوناتها، تحركت وتتحرك تحت يافطة “الدفاع عن الشرعية والمسار الديمقراطي”، وهو حراك تقف وراءه “النهضة الإخوانية” وتحركه من وراء ستار، وجندت من أجله كل إمكانياتها التنظيمية وقدراتها في التجييش في محاولة فاشلة لخلق رأي عام جديد ضد المسار التصحيحي لـ25 يوليو 2021، وذلك اعتقاداً منها بأنها في خضمّ معركة كسر عظام محورها الرجوع بأي طريقة كانت إلى الحُكْم.

كما حاولت حركة “النهضة” استغلال التردد والبطء وإصرار الرئيس على عدم إشراك أطراف سياسية وحزبية أخرى وتركيز كلّ السلطات بين يديه، للترويج في الخارج بأنّ مسار الانتقال الديمقراطي في خطر، خصوصاً في ضوء غياب رسائل طمأنة من الرئيس قيس سعيّد إلى أصدقاء تونس، وحتى إلى معارضي حراك 25 يوليو الماضي.

وبالطبع رأى الغنوشي في كلّ هذه التطورات سياقات ملائمة للرجوع مجدداً في المشهدين الحزبي والسياسي، وكذلك لمحاولة استيعاب الرئيس التونسي مجدداً، من خلال زرع الفرقة بينه وفريقه، الذي هو محدود العدد والعدّة أصلاً، حيث ركّز الغنوشي في مقاله الأسبوع الماضي، على أنّ الرئيس لا يقف على الأرضية الفكرية والثقافية نفسها لمساعديه، مدّعياً أن المزاج الأيديولوجي لقيس سعيّد يقرّبه من “النهضة” أكثر مما يُبعده عنها.

ولعلّ ما دفع عدد من الملاحظين إلى تفسير تردد الرئيس في الحسم النهائي لمصير الحركة الإخوانية بوجود خيط أيديولوجي رفيع بين الطرفين، حتى إنه تراءى للبعض أن قيس سعيّد هو أكثر صرامة وراديكالية في تعامله مع الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسي من تعاطيه مع “النهضة الإخوانية”.

المهم أن مقال الغنوشي، وإضافة إلى أنه تضمّن تنصلاً كاملاً للنهضة من مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة في الحُكْمِ، مُرجعاً ذلك الفشل إلى أسباب خارجة عن إرادتها، فهو، حاول أولاً كما هي العادة دوماً، تجاهل كل الأسباب والمسببات التي دفعت عموم المواطنين التونسيين إلى الخروج إلى الشارع يوم 25 يوليو الماضي، والتعبير عن الرفض المطلق لمواصلة تحكّم حركة “النهضة الإخوانية” في الدولة والمجتمع والسلطة، وثانياً، جاء المقال وفيّاً للمنطق المخاتل الذي طبع ويطبع خطاب الإخوان، حيث يعبّر في الغالب عن الشيء ونقيضه، وثالثاً، تضمّن المقال كمّاً هائلاً من الأكاذيب والأراجيف، ومن ذلك الادّعاء بأن “نهضة الغنوشي” هي محور الثورة، وأنّ السياق الإقليمي والدولي مساند لهذا المسلك الثوري، والحال كما هو معلوم، فإنّ الغرب لا يهمّه من الأمر سوى التزام تونس بمواصلة النهج الديمقراطي.

وفي كلّ الأحوال، فإن محاولة الغنوشي الالتفاف مجدداً على الوضع في تونس، وعلى وضع حزبه الداخلي، كانت فاشلة، بل هي أغضبت الكثيرين، ومنهم المنشقّ عن سلطة زعيم الجماعة، والقيادي الإخواني السابق، سمير ديلو، الذي قال معلّقاً على المقال: “إنّ ما ورد على لسان الغنوشي جاء متأخراً، وإنه ليس في وقته.. وإنّه لما يعود الوعي لأشخاص فاعلين في فترة متأخرة، لم يعد له قيمة”، وبالفعل، فإنّ محاولة زعيم حركة الإخوان في تونس كشفت وعرّت مزيداً من انتهازية الرجل، وطبيعة خطابه المخاتل، وعدائه المزمن لتونس، وللمواطن التونسي، ولعلّ هذا الكلام يكون حافزاً للرئيس قيس سعيّد، حتّى يقطع بالفعل مع أصحاب الفكر الإخواني المقيت، الذي لا يقود سوى لدمار الدولة والمجتمع.

نقلا عن البيان الإماراتية

يوم 25 يوليو الماضي، بدءاً بتعليق عمل مجلس نواب الشعب ثم إيقاف العمل بالأبواب الخاصة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية في الدستور التونسي.

وفي حينها، خلقت العملية الخاطفة للرئيس التونسي وضعاً سياسياً ومجتمعياً ملائماً لإخراج فرع حركة الإخوان من الحكم وحتى من المشهد السياسي في تونس، وذلك بدعم شعبي عارم وبسند سياسي ومجتمعي مطلق، غير أن قيس سعيّد راكم التردد ولم يحسم أمره ولم يمرّ إلى السرعة القصوى وأبى الانفتاح على القوى الوطنية السياسية والمجتمعية التي كانت ستوسع بالتأكيد من دائرة الخير حوله وحول تونس.

وقد سعت حركة النهضة الإخوانية بكل خبث ودهاء رئيسها راشد الغنوشي إلى استغلال هذا التردد داخلياً، بتركيز “جبهة سياسية” مصطنعة، ولا روابط فكرية أو برامجية بين مكوناتها، تحركت وتتحرك تحت يافطة “الدفاع عن الشرعية والمسار الديمقراطي”، وهو حراك تقف وراءه “النهضة الإخوانية” وتحركه من وراء ستار، وجندت من أجله كل إمكانياتها التنظيمية وقدراتها في التجييش في محاولة فاشلة لخلق رأي عام جديد ضد المسار التصحيحي لـ25 يوليو 2021، وذلك اعتقاداً منها بأنها في خضمّ معركة كسر عظام محورها الرجوع بأي طريقة كانت إلى الحُكْم.

كما حاولت حركة “النهضة” استغلال التردد والبطء وإصرار الرئيس على عدم إشراك أطراف سياسية وحزبية أخرى وتركيز كلّ السلطات بين يديه، للترويج في الخارج بأنّ مسار الانتقال الديمقراطي في خطر، خصوصاً في ضوء غياب رسائل طمأنة من الرئيس قيس سعيّد إلى أصدقاء تونس، وحتى إلى معارضي حراك 25 يوليو الماضي.

وبالطبع رأى الغنوشي في كلّ هذه التطورات سياقات ملائمة للرجوع مجدداً في المشهدين الحزبي والسياسي، وكذلك لمحاولة استيعاب الرئيس التونسي مجدداً، من خلال زرع الفرقة بينه وفريقه، الذي هو محدود العدد والعدّة أصلاً، حيث ركّز الغنوشي في مقاله الأسبوع الماضي، على أنّ الرئيس لا يقف على الأرضية الفكرية والثقافية نفسها لمساعديه، مدّعياً أن المزاج الأيديولوجي لقيس سعيّد يقرّبه من “النهضة” أكثر مما يُبعده عنها.

ولعلّ ما دفع عدد من الملاحظين إلى تفسير تردد الرئيس في الحسم النهائي لمصير الحركة الإخوانية بوجود خيط أيديولوجي رفيع بين الطرفين، حتى إنه تراءى للبعض أن قيس سعيّد هو أكثر صرامة وراديكالية في تعامله مع الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسي من تعاطيه مع “النهضة الإخوانية”.

المهم أن مقال الغنوشي، وإضافة إلى أنه تضمّن تنصلاً كاملاً للنهضة من مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة في الحُكْمِ، مُرجعاً ذلك الفشل إلى أسباب خارجة عن إرادتها، فهو، حاول أولاً كما هي العادة دوماً، تجاهل كل الأسباب والمسببات التي دفعت عموم المواطنين التونسيين إلى الخروج إلى الشارع يوم 25 يوليو الماضي، والتعبير عن الرفض المطلق لمواصلة تحكّم حركة “النهضة الإخوانية” في الدولة والمجتمع والسلطة، وثانياً، جاء المقال وفيّاً للمنطق المخاتل الذي طبع ويطبع خطاب الإخوان، حيث يعبّر في الغالب عن الشيء ونقيضه، وثالثاً، تضمّن المقال كمّاً هائلاً من الأكاذيب والأراجيف، ومن ذلك الادّعاء بأن “نهضة الغنوشي” هي محور الثورة، وأنّ السياق الإقليمي والدولي مساند لهذا المسلك الثوري، والحال كما هو معلوم، فإنّ الغرب لا يهمّه من الأمر سوى التزام تونس بمواصلة النهج الديمقراطي.

وفي كلّ الأحوال، فإن محاولة الغنوشي الالتفاف مجدداً على الوضع في تونس، وعلى وضع حزبه الداخلي، كانت فاشلة، بل هي أغضبت الكثيرين، ومنهم المنشقّ عن سلطة زعيم الجماعة، والقيادي الإخواني السابق، سمير ديلو، الذي قال معلّقاً على المقال: “إنّ ما ورد على لسان الغنوشي جاء متأخراً، وإنه ليس في وقته.. وإنّه لما يعود الوعي لأشخاص فاعلين في فترة متأخرة، لم يعد له قيمة”، وبالفعل، فإنّ محاولة زعيم حركة الإخوان في تونس كشفت وعرّت مزيداً من انتهازية الرجل، وطبيعة خطابه المخاتل، وعدائه المزمن لتونس، وللمواطن التونسي، ولعلّ هذا الكلام يكون حافزاً للرئيس قيس سعيّد، حتّى يقطع بالفعل مع أصحاب الفكر الإخواني المقيت، الذي لا يقود سوى لدمار الدولة والمجتمع.

نقلا عن البيان الإماراتية

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى