الغاز مقابل المليشيات..ابتزازت إيران للعراق


رفعت تحركات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عقب اعتقال قيادي في المليشيات الموالية لإيران من غضب طهران.

ورأت إيران في الأمر محاولة لتقويض نفوذها وبداية جادة لتحييد نيران “أذرعها” عن المصالح الأمريكية في العراق.

غير أن الأمر يختلف عن سابقاته من الأحداث المماثلة  التي اقتربت فيها قوة الكاظمي من معاقل المليشيات.

ورغم تحرك بغداد المعلن والخفي، نحو ساسة طهران للضغط على ساستها لاتباع التهدئة وتوجيه فصائلها المسلحة نحو التراجع عن شن الهجمات الصاروخية التي تستهدف المصالح الأمريكية في العراق، إلا أن نظام المرشد يحاول التصعيد والمناورة عبر الورقة الاقتصادية وعدم الاكتفاء بالجانب السياسي.

ويدخل الغاز الإيراني، الذي تعتمده المحطات الكهربائية في العراق، على خط المواجهة عقب توتر محتدم شهدته بغداد الأسبوع الماضي، نتيجة لتحرك أمني باعتقال “حسام الإزيرجاوي”، القيادي في مليشيا “عصائب أهل الحق”، والمسؤول عن الهجمات الصاروخية الأخيرة التي طالت السفارة الأمريكية.

وبحسب مصادر مقربة، علمت “العين الإخبارية”، أن أطرافا سياسية حاولت التوسط بين الفصائل المسلحة والكاظمي لحلحلة الموقف بإطلاق سراح القيادي المعتقل، إلا أن تلك الوساطات فشلت بعد إصرار  رئيس الحكومة على استكمال التحقيق ومحاسبة منفذي الهجمات الصاروخية.

ولم تفلح محاولات الضغط، التي مارستها المليشيات بتحريك فصيل مسلح والقيام بعملية استعراض عند منطقة الكرادة، وسط بغداد، ليل الجمعة الماضي، في التأثير على قرار الكاظمي في مواجهة تلك المليشيات أو دفعه إلى غض النظر عن المتورطين بتهديد أمن البعثات الدبلوماسية.

تلك الإجراءات، التي وجدها رئيس الحكومة المؤقت لا مناص منها، لحفظ الدولة من الانهيار، دفعت إيران إلى استخدام الغاز الطبيعي سلاحاً في المعركة، بحسب مطلعين بذلك الشأن.

وتعتمد المحطات الكهربائية في العراق على الوقود الأجنبي من الغاز لسد العجز الحاصل في الإنتاج المحلي من مصافي النفط، معتمداً على عدد من الدول في استيراده.

وتعد إيران الجهة الأكثر توريداً من حيث الكميات المجهزة التي تتجاوز 50 مليون لتر مكعب من الغاز يومياً.

وعلى حين غفلة، انخفضت هذه النسبة بشكل مفاجئ من قبل الجانب الإيراني ما بين 3 إلى 5 ملايين متر مكعب، بذريعة ديون مالية بذمة بغداد تصل لنحو أكثر من ملياري دولار.

ذلك التخفيض في مستوى التجهيز، انعكس سلباً على  ساعات تجهيز الكهرباء في عموم محافظات البلاد، إذ خرج من الخدمة ما يقارب 6552 ميغا واط، وبالتالي تأثرت بشكل مباشر على محافظات الفرات الأوسط، والعاصمة بغداد وحتى الشمالية والجنوبية.

ويأتي قرار تخفيض نسبة تجهيز الغاز الإيراني بعد أسبوعين من اتخاذ قرار مماثل لخَفض نسبة التجهيز من 50 مليون متر مكعب إلى 5 ملايين متر مكعب.

ويحتاج العراق إلى أكثر من 23 ألف ميغاواط/ساعة من الطاقة الكهربائية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، بينما يبلغ الإنتاج المحلي من الطاقة الكهربائية 19 ألفاً وفق آخر تقرير لوزارة الكهرباء.

ويرى الخبير الأمني والمحلل السياسي، نجم القصاب، أن تخفيض إمدادات الوقود، خطوة تحاول إيران من خلالها الضغط على حكومة الكاظمي لتمرير بعض الصفقات والاستثمارات على مستوى السياسة والاقتصاد.

ويضيف القصاب، خلال حديث لـ”العين الإخبارية”، أن “تلك المليشيات ومن ورائها طهران تحاول التضييق على حكومة الكاظمي للتأثير في قراراته السيادية والمفصلية بشكل يضمن وجود مصالح إيران من جانب، وبما يهيئ لتقاطع عراقي سياسي واقتصادي مع دول إقليمية من بينها بلدان الخليج العربي”.

وتابع القصاب، “تقليص إمدادات الغاز ليس بقرار مالي وإنما رسالة إلى كل دول العالم بأن إيران هي اللاعب الرئيسي في العراق، وبمقدورها تهديد وجودها دولة وكيانا ومؤسسة عبر أكثر من قناة وجانب”.

من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن “وزارته لديها تعاقدات مع الجانب الإيراني تلزمه بتجهيز المحطات الكهربائية بـ50 مليون لتر مكعب من الغاز يومياً وجرى تخفيضها قبل أسبوعين دون سابق إشعار إلى نحو 5 ملايين لتر مكعب”.

ويضيف المتحدث الرسمي أن وفداً من الجانب العراقي سيناقش مع وزير الطاقة الإيراني، الذي وصل اليوم إلى بغداد، تداعيات ذلك التخفيض.

فيما يرى الخبير الاقتصادي، مازن الأشيقر، أن جعل الطاقة الكهربائية في العراق مرهونة بالغاز الإيراني، جريمة اقتصادية كبرى وتهديد لبنيته المؤسساتية والفنية.

ونوه، في حديث لـ”العين الإخبارية”، بأن البلاد تمتلك كل أسباب الاستغناء عن الوقود الإيراني، وقد توفر ذلك عبر أكثر من عرض كان آخرها الربط الخليجي لتجهيز البلاد بالطاقة الكهربائية، وبانتهاء العمل فيه سينتهي ذلك الفصل البائس من تاريخ العراق”.

Exit mobile version