العودة بلا أمان.. قلق يسيطر على سكان شمال إسرائيل

عاد الآلاف من الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال بعد أن اضطروا للهروب من المنطقة خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله. لكن لا يزال آخرون مترددين في العودة إلى المنطقة، وسط مخاوف من انهيار اتفاق الهدنة الهش بين الطرفين.
تقف كارميلا كيرين ياكوتي على تلة خضراء قرب الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان. متباهية بمنزلها في دوفيف الذي فرت منه قبل أكثر من 16 شهرا خشية هجوم لحزب الله.
وتقول ياكوتي (40 عاما) من شرفة المنزل “الشعور مذهل الآن وقد عاد الجميع”، مضيفة أن “الوضع رائع هنا ببساطة العودة إلى المنزل أمر رائع”.
-
إسرائيل وحزب الله في حالة تأهب: تداعيات تعثر الهدنة في لبنان
-
نيويورك تايمز: إسرائيل وحزب الله يحاولان احتواء التصعيد وردع الحرب الإقليمية
وفي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، غداة الهجوم غير المسبوق لحماس على جنوب إسرائيل والذي أشعل فتيل الحرب في غزة، أعلن حزب الله فتح جبهة “إسناد” للقطاع وحليفته حماس. وبدأ بإطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل التي ردت بقصف جنوب لبنان.
ومن أجل سلامتهم، أمر الجيش الإسرائيلي ياكوتي وعائلتها وسكان دوفيف بمغادرتها. وأُرسلوا للإقامة في فندق في مدينة طبريا.
وأدى تبادل القصف مع الحزب المدعوم من إيران إلى نزوح أكثر من 60 ألف شخص من بلدات شمال إسرائيل، وفق بيانات رسمية، نصفهم لم يعودوا بعد إلى منازلهم.
-
لمنع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. بايدن يرسل “مبعوثا كبيرا”
-
قصف متبادل بين إسرائيل وحزب الله ينذر بمواجهة أوسع
وعلى الجانب اللبناني فرّ أكثر من مليون شخص من جنوب البلاد. لا يزال نحو 100 ألف منهم نازحين، بحسب الأمم المتحدة.
وعقب نزاع استمر لأكثر من عام وتحوّل مواجهة مفتوحة اعتبارا من سبتمبر/أيلول. دخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية أن بإمكان سكان المناطق الحدودية الشمالية العودة إلى ديارهم اعتبارا من الأول من مارس/آذار.
وقالت ياكوتي وهي خبيرة تجميل، إنها حزمت أمتعتها على الفور. وودعت موظفي الفندق “الطيبين” وعادت إلى منزلها المكون من طابقين.
ومن غرفة المعيشة والفناء يمكنها أن تشاهد بوضوح قرية لبنانية خالية من سكانها بعد الضربات الجوية وعمليات التوغل البري التي نفّذتها إسرائيل.
وقالت ياكوتي، وهي أم لثلاثة أولاد، “لست خائفة ولا أرتجف. قام الجيش بوظيفته ونفذ مهمته”، مضيفة “أنا مرتاحة لقراري بالعودة، ولن أتخلى عن منزلي ومجتمعنا الزراعي حتى لو استمرت الحرب”.
وفيما عاد العديد من سكان دوفيف هذا الأسبوع لم يكن المشهد مماثلا في قرى أخرى على الحدود الشمالية لإسرائيل، ففي كيبوتس حانيتا. يرجح أور بن باراك أن حوالي 20 أو 30 عائلة فقط من أصل حوالي 300 عادت الى ديارها.
-
سواحل إسرائيل تحت النار: صواريخ من غزة وهجمات الحوثي وحزب الله
-
تصاعد التوتر: إسرائيل وحزب الله على حافة الحرب
وقال “في البداية، كان هناك نوع من الفرحة الغامرة عندما أعلنوا أن بإمكاننا العودة… لكن الناس الآن يرون أيضا أن المكان ليس جاهزا للسكن بعد”.
وأشار بن باراك (49 عاما) إلى الأماكن المتعددة التي سقطت فيها صواريخ وقذائف هاون. والأضرار التي أحدثتها المركبات العسكرية الإسرائيلية الثقيلة كالدبابات التي مرت في طريقها إلى لبنان.
وعندما سُئل عما إذا كان يشعر الآن بالقلق إزاء الأمن بعد توقف الحرب، قال بن باراك إن أكثر ما يقلق هو “ما الذي سيحدث للقرية. من سيعود وكيف سيعودون وكم عددهم؟”.
وقال “أعتقد أن الجيش قاتل بشدة في لبنان وفعل كل ما كان بوسعه .ولكن السؤال الحقيقي هو كيف نحافظ على هذا الهدوء”.
وتابع “يكمن التحدي في كيفية ضمان العيش بسلام للسنوات العشرين إلى الثلاثين المقبلة. هذا هو التحدي أمام الدولة، وهو ما سيحدد أيضا ما إذا كان الناس سيبقون هنا أم لا”.
وعلى بعد خطوات قليلة من شوارع هانيتا المهجورة. بدا أن الحياة في بلدة شلومي تعود طبيعتها. في أحد مطاعم الفلافل، اصطف زبائن في انتظار الحصول على سندويشات على وقع موسيقى صاخبة.
وقالت رونيت فاير (54 عاما) “أشعر بالأمان أكثر من ذي قبل، ولكن هل أشعر بالأمان بنسبة 100 بالمئة؟ كلا”، مضيفة “قول ذلك ليس ممتعا. ولكن يبدو أنها مسألة وقت”، معربة عن اعتقادها بأن حربا جديدة ستندلع “في وقت ما”.