العلاقات في البلوغ.. أسرار تكشفها دراسة حول الطفولة
تشير دراسة أمريكية جديدة طويلة الأمد إلى أن علاقاتنا المبكرة، مع الوالدين وأصدقاء الطفولة، قد تترك تأثيرا طويل الأمد على كيفية تواصلنا مع الآخرين كبالغين.
ونُشرت الدراسة في مجلة “علم النفس الاجتماعي والشخصية” مؤخرا، وتابعت 1,364 طفلا من مرحلة الرضاعة حتى سن 15 عاما، ثم أعيد تقييم 705 منهم في مرحلة البلوغ لدراسة كيف شكلت الروابط الاجتماعية المبكرة أنماط التعلق لديهم في الصداقات، والعلاقات الرومانسية، وروابط العائلة لاحقا.
صراعات أقل.. أمان أكثر
وأوضحت المؤلفة الرئيسة كيلي دوغان، أستاذة مساعدة في علم النفس الاجتماعي والشخصية بجامعة ميزوري، أن المشاركين الذين شعروا بالقرب من أمهاتهم وعاشوا طفولة أقل صراعا كانوا يميلون إلى الشعور بمزيد من الأمان في جميع علاقاتهم كبالغين.
وقالت: “هذا يظهر التأثير الدائم لأول شخص من المفترض أن يكون موجودا من أجلك.” وقد تنبأ دفء الأم وانخفاض النزاعات بمزيد من الثقة والأمان العاطفي لاحقا في الحياة.
ووجدت الدراسة ارتباطات أقل بين علاقات الأب والطفل وأنماط التعلق في مرحلة البلوغ، ربما لأن معظم المشاركين اعتبروا أمهاتهم مقدّمات الرعاية الرئيسات خلال أوائل التسعينيات، عندما كان الآباء أقل مشاركة.
صداقات الطفولة والعلاقات العاطفية
ومع ذلك، أثبتت الصداقات المبكرة أنها مؤشر مهم، وأحيانًا أقوى، على الرفاه الاجتماعي في المستقبل. فالأطفال الذين طوروا صداقات وثيقة وإيجابية كانوا أكثر احتمالًا لتكوين علاقات رومانسية وصداقة آمنة في مرحلة البلوغ.
وقالت دوغان: “هذه الصداقات الأولى هي المكان الذي تتعلم فيه مبدأ الأخذ والعطاء.”
القلق والتجنّب
وتعزز النتائج المبادئ الأساسية لنظرية التعلق، التي وضعها جون بولبي، والتي تشير إلى أن تجارب الرعاية المبكرة تشكّل مدى ثقة الشخص في الاعتماد على الآخرين. عادةً ما يُعرف نمط التعلق على بعدين: القلق (الخوف من الهجر) والتجنّب (الانزعاج من القرب العاطفي). وتشير المستويات المنخفضة في كلا البعدين إلى نمط تعلق آمن يتميز بالثقة والانفتاح العاطفي.
وأشاد الخبراء بالدراسة لمجالها الواسع ودقتها. ووصف عالما النفس فيليب شيفر وأومري جيلاه البحث بأنه من أقوى الأدلة حتى الآن على أن التجارب الاجتماعية المبكرة تشكّل الأنماط العاطفية للبالغين.
ومع ذلك، شددت دوغان على أن الماضي لا يحدد بشكل صارم العلاقات المستقبلية؛ إذ يمكن لأنماط التعلق أن تتغير مع مرور الوقت، والتجارب الحياتية، والعلاقات الجديدة. ولتعزيز الروابط الآمنة، يعمل فريقها على تطوير تطبيق تفاعلي يشجع على سلوكيات إيجابية بسيطة، مثل مشاركة المشاعر أو إرسال رسائل دعم، لتقوية الأمان العاطفي. وقالت دوغان: “الماضي لا يحكم عليك. أنماط التعلق قابلة للتغيير، ودائما هناك مجال للنمو.”







