سياسة

العلاقات الإماراتية الروسية.. 5 عقود من التعاون


امتد التعاون المتنامي بين دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا لنحو 5 عقود، تعاون على جميع الأصعدة، عززته إرادة قادة البلدين في تكوين شراكة استراتيجية شاملة.

ولم يتوقف قادة الدولتين عن العمل معا للارتقاء بهذا التعاون، منذ بدء العلاقات الدبلوماسية في ديسمبر 1971، حتى بات البلدان يلتقيان معاً في العديد من الشراكات الاستراتيجية التي تصب في مصلحة الطرفين، والتي تعززت بشكل كبير، وأخذت منحنى أكثر قوة عقب زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة في عام 2007.

ثم تبعتها سلسلة زيارات للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية إلى موسكو، كان أحدثها في 2018 التي وقع خلالها إطار الشراكة الاستراتيجية لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف القطاعات الحيوية.

في عام 1986، بدأت هذه الشراكات بافتتاح السفارة الروسية في أبوظبي وتلاها افتتاح السفارة الإماراتية في موسكو عام 1987، بينما افتتحت القنصلية العامة الروسية في دبي عام 2002؛ حيث عبر ذلك عن مدى قوة العلاقة بين البلدين الصديقين.

وتمكنت الإمارات على مدار العقود الماضية، من إخراج علاقتها مع روسيا من الطابع الرسمي، وإلباسها ثوب العلاقات الاجتماعية والشعبية، وهو ما أسهم كثيراً في تنويع العلاقة بين الطرفين، وعدم اقتصارها على الجانبين السياسي والرسمي.

وخلال هذه الفترة سعى قادة البلدين إلى تعزيز وإقامة شراكات استراتيجية استثمارية جديدة، لا سيما أن الإمارات تُعد أكبر شريك لروسيا على مستوى منطقة الخليج، إلى جانب أنها واحدة من أكبر 10 مستثمرين أجانب في روسيا، الأمر الذي يدل على مدى تاريخية وعمق العلاقة بين الطرفين.

وتجلت العلاقة بين البلدين بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، إلى روسيا خلال العام الماضي؛ حيث قام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لتكون ذلك بمثابة خطوة متقدمة جداً على طريق تعزيز العلاقات والتعاون المشترك.

وتعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدولة الإمارات، المقررة الثلاثاء المقبل، تتويجا لسلسلة من الزيارات بين قادة ومسؤولي الدولتين، ساهمت بشكل كبير في تعزيز العلاقات في مختلف المجالات سواء السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.

ومن المقرر أن يبحث الرئيس الروسي خلال الزيارة مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين وآليات تنميتها وتعزيزها في المجالات المختلفة.

كما تتناول المناقشات مجمل التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، والقضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك.

وعلى صعيد مكافحة الإرهاب فإن تعاونا كبيرا جرى بين الجانبين اللذين لطالما أكدا معا أهمية محاربة الإرهاب والتطرف وضرورة تعزيز التعاون في مجال تبادل المعلومات الأمنية.

وأكد وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف خلال لقائه نظيره الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في أغسطس الماضي، أهمية محاربة الإرهاب والتطرف وضرورة تعزيز التعاون في مجال تبادل المعلومات الأمنية.

وقال الوزير الروسي إن “موسكو تسعى إلى توسيع التبادل المعلوماتي مع الإمارات في مجال محاربة الجرائم الإرهابية والمخدرات والجرائم الأخرى بشكل عام”.

بدوره أكد الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، إن علاقات بلاده مع روسيا تشهد ازدهارا ملموسا في جميع المجالات.

وتطورت العلاقات بشكل متسارع خلال العقدين الأخيرين، وغدت الإمارات أول بلد عربي يطور التعاون الواسع مع روسيا في مجالات الاستثمارات المتبادلة والتصنيع المشترك لعدد من التقنيات بينها تقنيات عسكرية.

وفي عام 2017 وقعت دولة الإمارات وروسيا الاتحادية اتفاقية تعاون مشترك في قطاع الصناعات العسكرية بشأن التفاوض حول دراسة مواصفات وقدرات أنواع من الطائرات الروسية المقاتلة الحالية والجديدة بما فيها طائرتا “سوخوي 35” والجيل الخامس، إضافة إلى إجراء عمليات تطوير ودعم فني وصيانة مستدامة للطائرات.

وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال زيارته لروسيا في يونيو 2018 توقيع الاتفاقية خلال فعاليات معرض ومؤتمر الدفاع الدولي أيدكس.

وشملت الاتفاقية دراسة شراء وتطوير وتصنيع جزئي للمعدات العسكرية المتطورة، الجوية والبرية والبحرية، التي تخدم متطلبات القوات المسلحة الإماراتية، فيما تضمنت التعاون في مجالات تطوير وتصنيع وتوريد الأنظمة الجوية والبرية والبحرية ذات التوجيه الآلي، إضافة إلى التعاون في مجالات البحث والتطوير في الجوانب الدفاعية والأمنية.

وشهدت العلاقات بين الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية تطوراً مهماً في جميع الميادين خاصة على مستوى العلاقات الاقتصادية والاستثمارية.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين الإمارات وروسيا بنهاية عام 2018 بنسبة بلغت 21% بالمقارنة مع العامين السابقين، ليصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 11 مليار درهم (نحو 2.99 مليار دولار)، وذلك بعد توقيع البلدين العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي أسهمت في تعزيز وتوطيد العلاقات.

فيما بلغ عدد الشركات الروسية المسجلة والعاملة في دولة الإمارات نحو 3 آلاف شركة، في الوقت الذي يصل فيه عدد المواطنين الروس المقيمين في دولة الإمارات إلى 16 ألفاً.

وفي يوليو 2018، وقع البلدان عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم٬ ومنها اتفاقية الإعفاء المتبادل لكل الجوازات من متطلبات تأشيرة الدخول لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة ومواطني روسيا الاتحادية.

جاء ذلك خلال ترؤس الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، ودينس مانتوروف وزير الصناعة والتجارة في جمهورية روسيا الاتحادية، أعمال الدورة الثامنة من اللجنة المشتركة بين دولة الإمارات وروسيا الاتحادية التي عقدت في كازان.

وأعرب الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في كلمته، عن فخره بتعزيز وتنمية العلاقات بين البلدين الصديقين، مشيراً إلى أن روسيا الاتحادية تحظى بكثير من الاحترام والتقدير من دولة الإمارات وشعبه، معرباً عن تطلعه إلى مزيد من التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات بين البلدين الصديقين.

ويبلغ عدد المواطنين الروس المقيمين في دولة الإمارات نحو 16 ألفاً، فيما يبلغ عدد السياح الروس في الإمارات نحو 850 ألف سائح.

الأمر الذي يحمل معه إشارة واضحة تدل على مدى الترابط بين البلدين ومدى حرص المؤسسات والشركات الروسية على الاستثمار والعمل في الدولة. 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى