سياسة

العراق يواجه طهران بوثائق رسمية في محاولة لاحتواء أزمة تهريب النفط


قالت مصادر عراقية مطلعة إن بغداد أوفدت مسؤولاً إلى إيران بعد معلومات استخباراتية عن تورط طهران بتهريب نفط عبر شركة عراقية.

وكشفت المصادر المطلعة، اليوم السبت، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أوفد وزير الكهرباء زياد علي فاضل إلى العاصمة الإيرانية طهران، كمبعوث خاص له، في أعقاب تأكيد معلومات استخبارية عن تورط وزارة النفط الإيرانية بعمليات تهريب نفط معاقب من قبل الولايات المتحدة عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو).

إن زيارة الوزير فاضل، التي بدأت أمس الجمعة، تأتي في سياق “نقل رسالة واضحة من الحكومة العراقية إلى الجانب الإيراني تتعلق بالتحذير من استغلال الأراضي والموانئ العراقية في عمليات مخالفة للقانون، قد تعرّض العراق لعقوبات دولية”.

ولم يصدر بيان رسمي من الحكومة العراقية يربط الزيارة بعمليات تهريب النفط المفروض عليه عقوبات أمريكية.

وقالت المصادر إن “التحقيقات التي أجرتها وزارة النفط بتوجيه من السوداني توصلت إلى تورط شبكات تهريب مرتبطة بفصائل مسلحة عراقية تُتهم بتقديم الدعم اللوجستي لتسهيل عبور النفط الإيراني، وهو ما أثار موجة من القلق والتحذيرات داخل البرلمان العراقي بشأن تعرض شركة سومو والمؤسسات العراقية المعنية لعقوبات أميركية محتملة”.

ويأتي هذا التحرك الدبلوماسي بعد أيام من نشر وثيقة صادرة عن جهاز المخابرات الوطني العراقي كشفت عن استخدام موانئ أم قصر وخور الزبير كنقاط رئيسية لتهريب مشتقات نفطية من إيران، بواسطة ناقلات بحرية مجهّزة لتمويه الهوية وتغيير الأعلام.

ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من الحكومة الإيرانية.

وكانت وسائل إعلام محلية قد تناقلت وثيقة مسربة من سومو، موجهة إلى الجهات الأمنية، تتضمن طلبًا بتتبع عدد من الناقلات غير المسجلة رسميًا، ما فُسّر على أنه إقرار بوجود أنشطة تهريب عبر المياه الإقليمية العراقية، وهو ما نفته الشركة بشكل قاطع.

توضيح حكومي

نفت شركة تسويق النفط العراقية الحكومية (سومو)، مساء الجمعة، صحة الأنباء المتداولة بشأن وجود عمليات تهريب أو خلط للنفط الخام العراقي مع نفط من مصادر أخرى، مؤكدة أن هذه المزاعم “لا أساس لها من الصحة”، وأن الشركة تعمل بتنسيق عالٍ مع الأجهزة الأمنية العراقية لضمان سلامة الصادرات ومراقبة حركة الناقلات.

وقالت الشركة في بيان رسمي، إن ما تم تداوله من معلومات استند إلى وثيقة رسمية “سُربت بشكل غير قانوني”، تتعلق ببرامج التتبع التي تستخدمها سومو لمراقبة حركة الناقلات المحملة بالنفط الخام والمشتقات المصدّرة وفقًا للعقود الرسمية.

وأوضح البيان أن بعض وسائل الإعلام “حرّفت مضمون الوثيقة وفسرتها على أنها اعتراف بوجود تهريب وخلط”، مشددًا على أن “هذا يتعارض مع الواقع”، وأنه “لا يمكن من الناحية الفنية والإجرائية حدوث مثل هذه الانتهاكات في ظل التعاون المستمر بين سومو والأجهزة الأمنية”.

وأكدت الشركة على “الإحكام الجيد للمعلومات المتعلقة بالعملية التصديرية”، مشيرة إلى أنها تُخضع كل شحنة للتوثيق والمراقبة الدقيقة، بما يضمن الالتزام التام بالقوانين العراقية والدولية ذات العلاقة.

كما دعت سومو وسائل الإعلام إلى “توخي الدقة في نقل المعلومات، وتجنّب الاستنتاجات المغلوطة التي تضر بسمعة العراق ومصالحه الاقتصادية”، معتبرة أن الحفاظ على مصداقية الصادرات العراقية “واجب وطني يجب عدم التهاون فيه”.

بدورها، أصدرت وزارة النفط توضيحاً بشأن وثيقة رسمية تم تسريبها “بشكل غير قانوني”، وتتعلق بمراقبة حركة الناقلات النفطية المغادرة من الموانئ العراقية.

الوفد العراقي خلال زيارته إلى طهران

وذكرت الوزارة في بيان حصلت عليه “العين الإخبارية”، أن “الوثيقة الرسمية المسربة تعد روتين عمل متقنًا ورصينًا وتم إصدارها لعدة مرات على مدى السنوات السابقة، وكلما أظهرت برامج التتبع وجود أسماء لناقلات غير مسجلة لدى الشركة على أنها مقبولة للتحميل، يتم التحري عنها ابتداءً من ذات المواقع العالمية، ومن ثم إعلام كافة الجهات الأمنية والمعنية على الأرض للتحري عنها وضبط حقيقة تواجدها ولأي غرض”.

وأضاف البيان أن “الوثيقة صنّفت الناقلات الظاهرة في برامج التتبع إلى مجموعتين؛ الأولى تضم سبع ناقلات يُشتبه بقيامها بإخفاء مواقعها أو التلاعب بإشارات الملاحة، ما قد يُوحي بعمليات تحميل جانبي أو تحركات غامضة، وبالتالي تم إبلاغ الجهات المعنية لاتخاذ ما يلزم من تحرٍ ومتابعة”.

أما المجموعة الثانية فتضم أربع ناقلات “غير معروفة”، لا تظهر ضمن بيانات شركات التتبع العالمية، وبعضها يُستخدم لنقل مواد كيميائية، وقد تكون مرتبطة بعقود رسمية مع وزارات إنتاجية أخرى، ومع ذلك تم الإيعاز للتحري عنها فقد تكون متلاعبة أيضًا بنظام الـ”جي بي أس”.

وتابع البيان أنه “نتيجة لما تقدم، فإن الكتاب موضوع البحث يؤكد الإحكام الجيد على المعلومات المتعلقة بالعملية التصديرية للنفط الخام ومشتقاته، والحرص الكبير على توثيق وتدقيق ومراقبة كل ما يجري بالموانئ العراقية وحدود البلد المائية، بما لا يسمح بأي إجراء يخالف القوانين والأنظمة المحلية والدولية على حد سواء”.

السوداني يريد احتواء الموضوع

وقالت المصادر العراقية إن إرسال السوداني وزير الكهرباء كمبعوث إلى طهران الهدف منه نقل رسالة إلى طهران لاحتواء التصعيد مع الولايات المتحدة، وحماية قطاع الطاقة العراقي من تداعيات أية إجراءات عقابية محتملة قد تؤثر على الصادرات النفطية أو المعاملات المالية الدولية المرتبطة بها.

وقالت المصادر إن “المبعوث العراقي حمل معه وثائق إلى طهران بعد تحقيقات صادرة عن جهاز المخابرات الوطني العراقي، عن تفاصيل عمليات تهريب منسقة لمشتقات نفطية من العراق إلى خارج البلاد”.

وأضافت: “التحقيقات التي انتهت يوم الخميس الماضي تشير إلى أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن تصدير النفط الخام، متساهلة في تغطية عمليات تهريب نفطي واسعة النطاق تُدار عبر شبكات مرتبطة بجماعات مسلحة موالية لطهران”.

وتابعت: “تُظهر المعلومات أن عمليات التهريب تتم عبر ناقلات بحرية مجهزة بأساليب متقدمة للتمويه، حيث تُحمّل المشتقات النفطية من موانئ ‘أم قصر’ و’خور الزبير’ جنوبي البلاد، ثم تُنقل في ‘وضعية الصمت’، مع إخفاء هوية السفن، وتغيير أعلامها وأسمائها، واستخدام منصات بحرية غير مرخصة لتفريغ الشحنات في عرض البحر”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى