سياسة

العراق وسوريا يبحثان إعادة تفعيل خط أنابيب كركوك – بانياس


 مع عودة التقارب بين بغداد ودمشق إلى الواجهة، تجدد الحديث عن مشروع خط أنابيب النفط الممتد من كركوك شمالي العراق إلى ميناء بانياس السوري على البحر المتوسط والذي توقف تشغيله منذ سنوات طويلة نتيجة الحروب والتخريب وتداعيات الأوضاع الأمنية في المنطقة.

ويرى مسؤولون في قطاع الطاقة أن إعادة تشغيل الخط تمثل فرصة استراتيجية للبلدين. فبالنسبة للعراق، يشكل الأنبوب منفذًا إضافيًا لتصدير الخام باتجاه الأسواق الأوروبية عبر المتوسط، ما يقلل من اعتماده شبه الكامل على الموانئ الجنوبية في الخليج العربي، ويمنحه بديلًا عن خط التصدير عبر الأراضي التركية المتوقف منذ فترة. أما سوريا، فتعتبر المشروع مصدرًا مباشرًا وأقل تكلفة للحصول على النفط الخام، إلى جانب تحقيق إيرادات مالية من رسوم العبور.

وأوضح مصطفى معراتي مدير العلاقات العامة في وزارة الطاقة السورية، أن الخط تعرض خلال العقدين الماضيين لأضرار جسيمة نتيجة الهجمات والتخريب، مشيرًا إلى أن بنيته التحتية ـ بما في ذلك محطات الضخ ـ شبه مدمرة، وأن عمره الافتراضي انتهى عمليًا، ما يجعل إعادة تأهيله مهمة معقدة ومكلفة. لكنه شدد على أن هناك إرادة سياسية مشتركة لدراسة الخيارات المتاحة، سواء عبر إعادة تأهيل المسار القديم أو إنشاء خط جديد.

وتبادل البلدان في الأشهر الأخيرة زيارات رسمية رفيعة المستوى، تمخضت عن اتفاق على تشكيل لجان فنية مشتركة لتقييم الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع. كما بحث الجانبان إمكانات التعاون في مجالات الطاقة والمياه، في إطار رؤية أشمل لتعزيز الشراكة الاستراتيجية.

وعاد الملف إلى دائرة الضوء مع تصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مشاركته في منتدى بغداد الدولي للطاقة مؤخرًا، حيث أكد أن حكومته أجرت محادثات مع الجانب السوري لإعادة تفعيل خط كركوك – بانياس، مشيرًا إلى أن بغداد بدأت أيضًا بمد خط جديد يربط البصرة بمدينة حديثة بطول 685 كيلومترًا. من جانبه، أعلن وزير النفط العراقي حيان عبدالغني أن العراق يدرس خيارات متعددة لتوسيع منافذ التصدير، من بينها المسارات عبر سوريا ولبنان.

يُعد خط كركوك – بانياس من أقدم خطوط تصدير النفط في المنطقة، إذ أُنشئ عام 1952 بطول يقارب 800 كيلومتر وبقدرة ضخ وصلت إلى 300 ألف برميل يوميًا. وعلى مدى العقود الماضية، توقفت عملياته أكثر من مرة بفعل النزاعات السياسية والحروب، ما جعل مستقبله رهينًا بالاستقرار الإقليمي.

إحياء هذا المسار النفطي لا يقتصر على كونه مشروعًا اقتصاديا فحسب، بل يحمل أبعادًا جيوسياسية تتعلق بتنويع منافذ التصدير العراقي وتعزيز مكانة سوريا كممر إقليمي للطاقة. غير أن حجم التحديات الفنية والمالية، إلى جانب تعقيدات المشهد الإقليمي، يجعل مسار تنفيذه مرهونًا بمدى الجدية السياسية وقدرة البلدين على تأمين الدعم الدولي والإقليمي اللازم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى