الطائرات المسيرة ضمن أسلحة المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي يومه السبت، إسقاط طائرة مسيرة عبرت المنطقة الحدودية المحاذية لجنوب قطاع غزة. إذ أنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل إسقاط طائرة مسيرة تطلق من غزة أو في سمائها.
لقد سبق وأن أعلنت إسرائيل إسقاط ما لا يقل عن 6 طائرات في أوقات مختلفة، بينما قد أعلنت الفصائل الفلسطينية أيضا إسقاط طائرات مسيرة إسرائيلية، وهذا أمر اعترف به الاحتلال.
ومن جانبه يرى أحمد أبو زهري، وهو كاتب سياسي فلسطيني، بأن الهجوم بطائرات مسيرة لاستهداف منشآت حيوية وحساسة يعد أحد أهم السيناريوهات التي يتحسب لها الجيش الإسرائيلي.
وفي حديث مع العين الإخبارية، فقد أشار أبو زهري إلى أن الطائرات دون طيار بأنواعها المختلفة قد أصبحت تشكل الخطر القادم من السماء، وقد نبه إلى أنه قد جرت محاكاة تدريبات مختلفة في إسرائيل لسيناريو من هذا النوع.
وحسب الكاتب السياسي الفلسطيني فإن الفصائل قد عملت بمنهجية لتطوير سلاحها على بساطتها، بالمقارنة بمنظومة السلاح الإسرائيلي، غير أنها قد نجحت في تطوير بعض الأسلحة التي باتت تشكل عاملا مهما في ميزان الردع على جانبي الحدود.
ولا يتعلق الأمر فقط بقدرة الفصائل على إطلاق الصواريخ، بينما بالسيطرة على طائرات إسرائيلية، وهذا قد تمثل في اعتراف الجيش الإسرائيلي بإسقاط إحدى حواماته في حدود غزة، وأعلن أيضا مسبقا إسقاط طائرات دون طيار.
لقد جاء الكشف عن طائرات دون طيار فلسطينية في المواجهة مع إسرائيل، لأول مرة من الذراع المسلحة لحركة حماس، وذلك خلال حرب 2014، عندما أعلن عن طائرة (أبابيل 1)، غير أنه قد بدا في حينها بأن الأمر أقرب إلى الجانب الدعائي منه إلى الاستخدام الفعلي في المواجهة.
لكن بعد عامين من ذلك، قام مسلحون مجهولون باغتيال المهندس التونسي محمد الزواري في تونس في 15 ديسمبر 2016. واكتشف بعد ذلك عن دور الموساد الإسرائيلي باغتياله لدوره في تطوير طائرات دون طيار لأغراض عسكرية لصالح حركة حماس.
ومن جهته، يعتقد الخبير العسكري الفلسطيني اللواء المتقاعد واصف عريقات بأن إمكانيات المقاومة تبقى متواضعة مقارنة بقدرات إسرائيل التي تتخذ من موضوع الطائرات ذريعة للتهويل والتحريض على المقاومة.
وفي تصريح للعين الإخبارية، فقد قال عريقات: هذه الطائرات تعبير عن الإرادة أكثر منها كأداة قتال متطورة لدى الفلسطينيين لأنهم يدركون أن ميزان القوى مختل لصالح إسرائيل. وأشار أيضا إلى أن إسرائيل قلقة من الطائرات، وتهول منه حتى تستغله في المحافل الدولية ضد الفلسطينيين.
بالرغم من أن الطائرات المسيرة الفلسطينية، لا تقارن بترسانة الأسلحة الإسرائيلية، لكن الاحتلال تعامل معها بحساسية خاصة. وحسب بيانات الجيش الإسرائيلي، ففي كل جولة مواجهة مع غزة، تركز إسرائيل على استهداف موقع إنتاج وتدريب متعلقة بهذه الطائرات.
وقد نقل تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية مؤخرا عن الجنرال (احتياط) موشيه كابلينسكي ما قاله: إن السيناريو التقليديّ أمر انتهى، ورأى بأنّ الطائرات المسيرة مثلا يمكنها القيام بأمورٍ مُعقدّةٍ حتى في مجال المخابرات.
بينما ترى الدكتورة ليران عنتيبي، الباحثة الإسرائيلية في التكنولوجيا العسكريّة، وفق هآرتس، بأن إسرائيل تحتاج إلى وسائل لمواجهة فعالة مع تزايد تهديدات بحجم واسع، وضمن ذلك طائرات دون طيّار وطائرات مسيرّة أو أسراب منها.
خطورة متبادلة
في حين يشير الدكتور صادق أمين، وهو الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إلى أن الطائرات المسيرة خاصة الصغيرة منها (الحوامات والكواد كابتر) قد أصبحت أحدث أسلحة الصراع على جانبي الحدود.
وقد ذكر أمين للعين الإخبارية بأن هناك معطيات مؤكدة أن فصائل المقاومة في غزة استخدمت في جولة المواجهة مارس الماضي الحوامات بكفاءة في مهاجمة أهداف إسرائيلية ثابتة ومتحركة داخل الحدود، إلى جانب استخدامها في الاستطلاع والتصوير. في حين قد أشار إلى ملابسات اعتراض طائرات إسرائيلية طائرة مسيرة حلقت على علو مرتفع في سماء غزة، ما يوحي بحدوث قفزة في تطوير هذا السلاح.
كما أشار الكاتب الفلسطيني إلى أن التطور ليس فقط في الجانب الفلسطيني، بينما التطور الأخطر هو في التطور الإسرائيلي الحاصل على توظيف طائرات (كواد كابتر) والحوامات في تنفيذ مهمات ميدانية وتجسسية في قطاع غزة.
وأكد أيضا بأنه ما لا يقل عن 20 طائرة إسرائيلية متنوعة تشارك يوميا في مهام مختلفة في قطاع غزة، وهناك معطيات أن اغتيال بهاء أبو العطا القيادي في الجهاد الذي اغتالته إسرائيل في 12 من الشهر الجاري بغزة بدأ بهجوم من حوامة صغيرة اقتحمت غرفة نوم أبو العطا قبل استهداف المكان بصاروخ من طائرة حربية إسرائيلية.
وأشار أيضا الكاتب الفلسطيني إلى وجود تخوفات فلسطينية من استخدام إسرائيلي أوسع للطائرات الصغيرة لتنفيذ اغتيالات وإحداث تفجيرات، وتنفيذ مهام مختلفة في غزة. كما يرى بأن الطائرات هي السلاح الأبرز في المواجهة بين الجانبين في المستقبل، وبأن هناك تطورا في أدوات المقاومة التي بدأت بالحجر إلى زجاجة المولوتوف ومن ثم القنابل المحلية وصولا إلى الأسلحة الرشاشة والصواريخ بأنواعها.