في طريقها إلى النهاية تواجه جماعة الإخوان في العديد من الدول، أزمة بنيوية حادة وانهيارا تنظيميا تجلى في تفكك غير مسبوق خلفته حالة الصراع الداخلي الممتدة منذ أعوام، إضافة إلى حالة الجمود السياسي والحركي التي تعصف بالتنظيم الراهن وتدخله في حالة “موت مؤقت”.
صراعات داخلية
تزامن هذا الانهيار مع بروز الخلاف بين جبهتي الإخوان قائمة حول اختيار مرشد للجماعة أو قائم بالأعمال.
حيث أعلن المتحدث الإعلامي باسم الجماعة أسامة سليمان، التابع لـ”جبهة لندن”، أن الجبهة قامت بتعيين “محيي الدين الزايط” القائم بأعمال المرشد لحين استكمال الترتيبات اللازمة بتسمية القائم بالأعمال خلفًا لإبراهيم منير الذي توفي في نوفمبر 2022، بلندن، حيث ستعلن جبهة لندن القرار من العاصمة البريطانية، التي يتواجد فيها “عبدالحق” حاليًا والذي فر إلى لندن منذ تسعينيات القرن الماضي.
بينما أعلنت جبهة إسطنبول على لسان متحدثها الإعلامي المدعو “علي حمد”، تعيين محمود حسين قائمًا بأعمال المرشد إعمالًا لنص المادة الخامسة من اللائحة العامة للجماعة، ورفض ما قامت به جبهة لندن.
إذ أنه لم يسبق اختيار “صلاح عبد الحق” لهذا الموقع من قبل، ولا يوجد للجماعة إلا مجلس واحد للشورى العام في الداخل والخارج، وأن ما يصدر عن أي كيانات غير شرعية تحت أي مسميات هو والعدم سواء، حسب قولهم.
انقسام وتشرذم
وفي هذا السياق يقول القيادي الإخواني المنشق طارق البشبيشي: إن الإخوان يعانون الانقسام والتشرذم، حيث يدرك كل طرف بأن أي خطوة سيلجأ إليها سيقابلها الطرف الآخر برد فعل يزيد من الانشقاق والانقسام، منوهًا بأن التنظيم في الوقت الحالي يحتضر ويعاني من الموت السريري، فلم يعد قادرًا على التأثير.
وتابع البشبيشي: أن الوضع شديد التأزم في الداخل الإخواني، والصراع محتدم بين الطرفين، ولكل منهما أدواته في ضرب الآخر، لافتًا إلى أن كلا الجبهتين لا يعنيهما ما يسمى باللوائح الداخلية، فالصراع في الداخل الإخواني من أجل السيطرة على القيادة والمال.
غياب المرجعية والتراجع السياسي
وقد تطرق الباحث المصري المختص بشؤون الإرهاب منير أديب، لأسباب وتداعيات حالة الجمود الحركي والتنظيمي التي تواجه الجماعة، ومستقبل التنظيم في ضوء التطورات الراهنة بهذا الصدد، من خلال دراسة حديثة صادرة عن مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” تحت عنوان: “غياب المراجعة الفكرية لـ(الإخوان) وحضور التراجع السياسي”.
أصابت جماعةَ الإخوان حالةٌ من الجمود والتراجع كحال باقي تنظيمات الإسلام السياسي، حتى صارت نموذجاً لكل التنظيمات الأخرى التي حذت حذوها في اتجاه التكلُّس الديني والسياسي، وذلك بعدما رفضت طرح أيّ مبادرات حقيقية، سواء فكرية وفقهية أو على مستوى الممارسة السياسية.