سياسة

الشعرة التي تقصم ظهر الوجود الإيراني في سوريا


إيران تشرع بسحب مليشياتها من سوريا وإخلاء قواعدها العسكرية بحسب معلومات تنشر هنا وهناك، وبدون أدنى شك شكلت الغارات الجوية الإسرائيلية شبه اليومية على مدار العامين الماضيين إضافةً إلى الحصار الاقتصادي الكبير عامل الضغط الأكبر على نظام الولي الفقيه ومرتزقته في سوريا، وسلاح الجو الإسرائيلي الذي كثف من عدد ضرباته على مواقع الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله في سوريا لا يخفي نوايا قادته السياسيين في تل أبيب بأن الهدف هو طرد إيران من هذا البلد وبأي ثمن.

والمليشيات الإيرانية بمختلف صنوفها الإرهابية لم تعد ترغب في البقاء في أي منطقة قريبة من الجولان السوري المحتل، والسبب بات معروفاً للجميع، فالمنطقة لا تتمتع بتغطية من الدفاع الجوي، ومكشوفة نارياً لكل القوات الإسرائيلية، وأصبح المكوث بها من قبل الإيرانيين ومن يواليهم أمر يشابه حجز تذكرة موت مجانية، سيما وأن إيران نفسها تكبدت وتتكبد خسائر كبيرة نتيجة هذه الغارات، ومليشياتها تعترف بعجزها التام عن الرد على الجيش الإسرائيلي، وطهران لم تعد قادرة على إخفاء عدم قدرتها على تحقيق مكاسب من وجودها في سوريا، لأن الصعوبات التي تواجهها كل ساعة جعلت إنفاق المزيد من الأموال على العمليات في سوريا ضرباً من الجنون والمغامرة.

وبما أن الأرقام خير شاهد على الحقيقة، فإن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت قبل أيام أن طهران أنفقت ما يقارب 30 مليار دولار على عمليات مرتزقتها بسوريا خلال ست سنوات مضت، والإنفاق أكثر من ذلك يعتبر انتحارا اقتصادياً لا تنوي حكومة الملالي القيام به، وأما وزير الحرب الإسرائيلي نفتالي بينيت فقد كان واضحاً حول هذه المسألة لدرجة التعهد بالاستمرار في شن الغارات الجوية ضمن جدول زمني مدروس حتى جلاء آخر ميلشيا إيرانية من الأرض السورية، ولا ننسى هنا أن طهران اعترفت بمقتل 14 من مليشياتها ضمن حصيلة أولية لآخر غارة إسرائيلية على مواقع تضم عدداً من عناصر ميلشياتها الموجودين في سوريا

وأدركت إيران وتدرك أن الأوضاع الحالية لا تصب في مصلحتها ووجودها بسوريا، لأن الأقدار باتت تحمل الأخطار، وطائراتها تعبت من نقل جثث القتلى إلى الداخل الإيراني، والانسحاب التدريجي من سوريا ربما يكون خير وسيلة لحفظ ماء الوجه على المدى القريب وحتى البعيد، والبقاء لفترة زمنية أخرى يعني التعرض لهزيمة كبيرة يصعب احتواء تداعياتها أو تغطية أخبارها، أو حتى حرف الأنظار عن متابعة تبعاتها على المستويات الثلاث السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وإذا ما استعرضنا خارطة المحافظات السورية التي تشهد تواجداً إيرانياً ملحوظاً، فإن محافظة دير الزور تأتي في المقدمة، فإيران تولي هذه المدينة أهمية خاصة كونها تقع على طريق الربط المنشود بين طهران وبغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت، والأرياف الشرقية لدير الزورو على وجه التحديد مدينتي الميادين البوكمال شهدت قبل مدة وصول تعزيزات عسكرية إيرانية من العراق، ليباشر بعد ذلك الطيران الإسرائيلي قصفه الذي حصد عدداً كبير من أرواح المتطرفين الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين.

ومع أن الملالي يعلنون أنهم لن يتنازلوا عن احتلاهم للأرض السورية إلا أن هناك قلقاً كبيراً يتزايد بسبب طول الشعرة التي قصمت ظهر الوجود الإيراني في سوريا بشكل عام، والمقصود هنا التنسيق الروسي الإسرائيلي حول عديد الضربات وجديدها، فموسكو تبارك وتشارك هذه العمليات النوعية العسكرية الإسرائيلية من خلال إعادة تموضع تقوم قواتها به قبل بدء القصف الإسرائيلي في كل مرة، وتلك إشارة مباشرة على تبادل المعلومات بين جيشي البلدين وتوحيد الرؤى حول ضرورة إجبار إيران على الانسحاب الفوري من سوريا.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى