الشعب والسياسيون في تونس يصدّون محاولات التدخل الأميركي

أثار مشروع قدمه أعضاء في الكونغرس الأميركي تحت اسم “قانون استعادة الديمقراطية في تونس”، موجة رفض وانتقادات حادة في الأوساط الشعبية والسياسية والتونسية واعتبرته أطراف إعلامية وحقوقية “انتهاكاً صارخاً لسيادة الدولة” و”ابتزازاً سياسياً مفضوحاً”، تحت عناوين “تتحايل” على الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويرفض التونسيون على المستوى السياسي والشعبي أي تدخل في شؤونهم الداخلية ويعتبرون المشروع الأميركي محاولة لفرض وصاية خارجية، وممارسة لضغوط بسبب مواقف الرئيس قيس سعيد السيادية والوطنية وتمسكه بموقفه التضامني مع القضية الفلسطينية.
ووصف النائب بالبرلمان ياسين مامي مقترح القانون الأميركي بأنه “تدخل مرفوض في الشأن الداخلي لدولة ذات سيادة كاملة وانتهاك لمبادئ العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل”، مشيراً إلى أنه يعكس “رغبة في فرض إملاءات خارجية من خلال ربط المساعدات الاقتصادية بشروط سياسية وانتقائية”.
أما النائب طارق مهدي، فأعرب عن “بالغ استغرابه ورفضه المطلق” للمبادرة الأميركية، مؤكداً “عدم قبول محاولات الوصاية أو فرض القراءات الأجنبية على تجربة تونس”، معتبراً أن “الديمقراطية ليست وصفة جاهزة بل مساراً وطنياً يتطور وفقاً لإرادة الشعب وتطلعاته”.
وفي ردود أفعال الأحزاب، نادت “حركة الشعب” بـ”ضرورة أخذ التهديدات الأميركية على محمل الجد، وتحكيم منطق العقل والمسؤولية تجاه حالة الانسداد التي تعيشها الحياة السياسية بالبلاد”.
من جهتها قالت حركة “مواطنون أنصار الوطن” إن هذا التدخل الأميركي هو “حلقة جديدة من محاولات فرض الوصاية تحت شعارات زائفة” بهدف “إجهاض المسار الإصلاحي وتفكيك مؤسسات الدولة”، داعيةً إلى تشكيل “جبهة وطنية واسعة وصياغة ميثاق يقوم على الدفاع عن السيادة ومكافحة الفساد وترسيخ الاستقلالية الاقتصادية والسياسية”.
ويرى مراقبون أن المشروع الأميركي لا ينفصل عن سياق دولي أوسع، تسعى فيه واشنطن لفرض “نموذجها الديمقراطي” على الدول التي تتبنى توجهات سيادية أو تتخذ مواقف مناهضة للمصالح الغربية، لا سيما في ملفات مثل التطبيع مع إسرائيل أو العلاقات مع الصين وروسيا.
واعتبر ناشطون تونسيون أن المشروع يتناقض مع المواقف الأميركية التي تتغاضى عن حقوق الإنسان في العديد من الدول العربية بما فيها غزة، كما أكدوا أن الضغوط الغربية هي نتاج سياسة الرئيس سعيد الرافضة للسياسات الغربية في المنطقة، وقال صحافي:
وندد مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة الضغوط السياسية المصنوعة في الخارج، بالتدخل الغربي في الشأن الداخلي التونسي.
بيان الى الرأي العام في خصوص الضغوط الغربية على الدولة التونسية: بعد الاعلان عن مشروع قانون استعادة الديمقراطية والذي طرحه نائبان […]
The post بيان الى الرأي العام في خصوص الضغوط الغربية على الدولة التونسية appeared first on موقع الصحفيين التونسيين… https://t.co/gaRaWKlcLV
— journalistesfaxien (@journalistesfa1) September 6, 2025
واعتبر الناشط السياسي عزالدين بوغانمي أن هذه المبادرة تبدو منذ البداية محكومة بالفشل، ليس فقط بسبب مضمونها، بل أيضًا بسبب هوية صاحبها. فـ”ويلسون” صار معروفا في أوساط الطبقة السياسية الأميركية بعلاقاته المشبوهة مع دول راعية لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يضع علامات استفهام جدية حول خلفيات تحرّكه. ولو كان الموضوع جديًا، لكان الحزب الجمهوري تبنّاه رسميًا، لكن الواقع أن ويلسون يغرد خارج السرب الجمهوري. وهذا وحده كافٍ لإدراك استحالة مرور مشروعه في مجلس النواب، فما بالك بمجلس الشيوخ أو وصوله إلى البيت الأبيض.
وتشير تقارير إلى أن التحرك جاء مدفوعًا بدور نشط لما وصفه البعض بـ”لوبيات المعارضة التونسية بالخارج”، المحسوبة على تيارات الإسلام السياسي ومجموعات حقوقية ليبرالية، تسعى لتوظيف التأثير الأميركي لإعادة خلط الأوراق داخليًا.
وبحسب نص المشروع، الذي قدمه النائبان الأميركيان جو ويلسون وجيسون كرو، فإن بنوده تشمل فرض عقوبات على مسؤولين تونسيين يشتبه بتورطهم في الفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان، وتعليق المساعدات الأمنية والعسكرية المرتبطة بما تعتبره واشنطن “قمعا داخليا”.
كما يلزم الإدارة الأميركية بوضع خطة “لاستعادة الديمقراطية” تتضمن إعادة تفعيل البرلمان ودعم استقلال القضاء والعودة إلى دستور 2014.
وجاء هذا المشروع بعد زيارة وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة مايك لولر، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي أجرى مباحثات مع وزير الخارجية ووزير الدفاع التونسي، حيث ثمن متانة روابط الصداقة بين البلدين، وأكد اهتمام الكونغرس الكبير باستقرار تونس أمنياً واقتصادياً.