سياسة

الحوثي يتاجر سياسيا في القضية الفلسطينية


لم يعر زعيم الانقلاب الحوثي اهتماما لجميع الدعوات الدولية والأممية بخصوص الإفراج عن آلاف المختطفين اليمنيين القابعين في سجون المليشيا بصنعاء، خوفا من إصابتهم بفيروس كورونا، وقام بمقايضة التحالف العربي بإطلاق عناصر من حركة حماس، وذلك في متاجرة سياسية مفضوحة بقضية فلسطين.

إن عبد الملك الحوثي لا يولي اهتماما بحياة آلاف المعتقلين والأسرى والمخفيين قسريا والذين تتكدس بهم معتقلات الانقلاب إثر تفشي فيروس كورونا ولا يأبه أيضا لتنفيذ قرارات بإطلاق سراح أبناء الطائفة البهائية التي صدرت في مارس الماضي، فيما تستمر ميلشياته في اعتقالهم حتى أواخر مايو الجاري، وبهدف تلميع صورته الملطخة بأبشع الانتهاكات، يلجأ للمناورة بالقضية الفلسطينية.

ولا تتوقف صور المتاجرة الرخيصة بفلسطين عند العرض الخبيث الذي جدده الحوثي في اليومين الماضيين بتبادل أسرى حرب مع عناصر من حماس، فالذكرى الـ30 للوحدة اليمنية، والتي صادفت يوم أمس الجمعة لا وجود لها في قاموس أتباع إيران الذين ذهبوا بالتزامن للاستعراض بيوم القدس، تلك الحفلة الاستعراضية التي ابتكرها ملالي قُم، في آخر جمعة من رمضان.

وتظهر الاستعراضات الحوثية، خلافا لمحاولة تلميع صورة جماعة إرهابية تسببت بأكبر معاناة إنسانية على مستوى العالم وفقا لتصنيفات الأمم المتحدة بتبادل المحتجزين واستعراض يوم القدس، بأن المليشيا الحوثية هي مجرد قفاز في أيدي المشروع الإيراني ـ الإخواني، بقيادة قطر وتركيا، وبأن أوجاع اليمنيين هي آخر اهتماماتها، حسب ما ذكره العديد من المراقبين.

وهذا الاستعراض الحوثي بيوم القدس تمت مقابلته بسخط واسع في الشارع اليمني، إذ قام ناشطون يمنيون بمهاجمة المليشيا الانقلابية إثر إصرارها على إزهاق أرواح الآلاف في مسيرات تتزامن مع تحذيرات أممية بتفشي فيروس كورونا في اليمن وانهيار فعلي للمنظومة الصحية على خلفية تكتم المليشيا عن حالات الإصابة منذ أشهر.

بينما ذكر ناشطون بأن اليمن هي أولى من عناصر حماس غير أن إيران لا تريد لليمنيين سوى الموت وهي تقتلهم منذ 5 سنوات بصواريخها البالستية وطائراتها المسيرّة، وبأن المليشيا الحوثية مثل المليشيات الموالية لطهران بالمنطقة، تعتبر مجرد دُمى في مسرح نظام الولي الفقيه وتنظيم الإخوان الدولي بقيادة كل من قطر وتركيا.

استعراض بائس وتسويق وهم

إن المليشيا الحوثية تٌوهم أنصارها في صعدة ومحافظات الشمال اليمني بأنها تقاتل إسرائيل، وتجبرهم على ترديد الصرخة الخُمينية (نسبة إلى الخميني قائد الثورة الإيرانية ومؤسس الجمهورية)، أكثر من النشيد الوطني وذلك بغرض التغطية على مشروعها الحقيقي الذي يتمثل في إغلاق البلاد بالقتلى.

وحسب ما أفادت مصادر العين الإخبارية، فإن الحوثي ينجح من خلال تسويق الوهم في اصطياد آلاف المقاتلين من قبائل بصعدة وعمران وذمار، والذين يدفعون بأولادهم إلى صفوف المليشيا من أجل تحرير فلسطين، غير أنهم يجدون أنفسهم في محارق الموت بالجوف ومأرب والبيضاء، داخل المحافظات اليمنية.

وذكرت المصادر ذاتها بأن المليشيا قامت بإجبار السكان في مناطق سيطرتها على حضور دورات طائفية تحرص من خلالها على غسل أدمغة اليمنين بإيهامهم بأنها قامت بوضع خطة عملية لتحرير فلسطين.

هذا ولاترجع المليشيا عن تسويق الوهم إعلاميا، حيث نشرت صحيفة صدى المسيرة الناطقة بلسان الانقلابيين، تصريحات تتحدث عن إعداد قوة قتالية خاصة بفلسطين، وتمثلت المطالب الحوثية في الدعوة لمناورة مشتركة لتلك القوات مع أتباع إيران.

كما دأبت وسائل الإعلام الإيرانية خلال شهر رمضان على تقديم زعيم الانقلاب، باعتباره من زعماء المقاومة إلى جانب زعيم مليشيا حزب الله اللبنانية، حسن نصر الله، وحسب مراقبين فإن العرض الحوثي بشأن محتجزي حماس، لا يخرج عن كونه جزء من محاولة تسويق للاستهلاك الإقليمي.

متاجرة يدحضها الواقع

إن المليشيا الحوثية تدرك أن ما تمارسه من مواصلة المتاجرة بالقضية الفلسطينية لم يعد ينطلي سوى على القليل من أنصارها، نظرا لكون الوقائع الحاصلة على الأرض، تدحض كل تلك الأكاذيب.

وتمتلك المليشيا الحوثية، خلافا لمقتل آلاف اليمنيين واختطاف وتعذيب كافة الأصوات المدنية المناهضة للانقلاب، سجلا أسودا يجعلها أبعد ما تكون عن نصرة الشعب الفلسطيني، إذ قامت بنهب وإغلاق جمعية الأقصى، التي تعنى بدعم قضية فلسطين، والسطو على جمعية كنعان لدعم فلسطين، إلى جانب السيطرة على منزل الزعيم ياسر عرفات بصنعاء.

بينما أكدت الحكومة اليمنية والأحزاب والمكونات السياسية في وقت سابق بأن القضية الفلسطينية موجودة بقلب كل يمني ولا يستخدموها كمجال للمزايدات السياسية التي يلجأ إليها النظام الإيراني وأدواته التخريبية.

فيما استنكرت القوى السياسية اليمنية ما وصفته بالاستغلال الرخيص من الحوثي للقضية الفلسطينية، ومحاولة تسجيل نقاط على حساب قضية تعد مركزية لكافة العرب، وأكدت الحكومة بأن مليشيات الحوثي، من مقايضة لأسرى حماس محاولة سمجة لتوظيف قضية فلسطين في سبيل تحقيق أهداف إيران ونظام الولي الفقيه في طهران.

واعتبر من جهته الناشط السياسي اليمني، خالد الأكحلي، بأن حرص الحوثي على الاستغلال السياسي لقضية فلسطين يظهر حجم الأزمة التي تعيشها الجماعة إثر اهتزاز صورتها عربيا كمليشيا إرهابية لا تجيد سوى سفك الدماء.

وذكر أيضا الأكحلي للعين الإخبارية: في الإعلام العربي والدولي، لا تعريف للحوثيين سوى بأنهم أتباع إيران أو المدعومين منها أو من يقتلون اليمنيين بأسلحة إيرانية، ولذلك تسعى الجماعة لتحسين صورتها المهزوزة بشكل كبير، والظهور بموقف عروبي ينتصر لفلسطين.

وتابع القول: هذا منطق خائب وفاشل، كان الأحرى بالحوثيين مفاوضة السعودية على وقف الحرب باليمن، أو إطلاق سراح كافة المعتقلين اليمنيين تزامنا مع كورونا، أو رفع الحصار عن المدن، كل هذه كانت ستجعلنا ودول الإقليم أجمع تنظر لها بإعجاب باعتبارها مبادرة حقيقية وليس ذر الرماد في العيون.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى