سياسة

الحوار الليبي.. ومسمار جحا


مع تفاؤل وترحيب العالم أجمع بالإعلان الليبي الأخير الخاص بوقف إطلاق النار وإطلاق مرحلة الحوار، إلا أن هناك بعض المخاوف من عدم القدرة على تحقيق السلام وإنجاح المفاوضات والحوار بين أطراف الأزمة الليبية، فالمليشيات والمرتزقة التابعة للوفاق والمدعومة من “تركيا – قطر” حتى بعد الإعلان عن التوافق، كانت تهاجم الحوار وترفض الكثير من نقاطه، وتضع الكثير من العراقيل لإتمامه، فمنذ إعلان الاتفاق كان أردوغان يلمح لرفضه بالتشكيك في نجاح الاتفاق، بينما قطر سارعت للتوقيع مع حكومة الوفاق اتفاقية تعاون أمنية مشتركة في مجال مكافحة الإرهاب كما وصفت بين الطرفين، والتي تعد خرقا لمخرجات حوار جنيف، ومحاولة خبيثة لتقويض ما اتفق عليه، كما أن رجل ‫تركيا في طرابلس “خالد المشري” تدخل سريعاً لإفساد فرحة الشعب‫ الليبي ليقول: الاتفاق الليبي الليبي لا يسري على الأتراك! وأكمل المسلسل الإرهابي المطلوب دَوْلِيًّا صلاح بادي وأعلن رفضه لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في ‫جنيف بين الفرقاء الليبيين، وكأن هذه الاتفاقيات المبرمة مع السراج هي مسمار جحا لتخريب المحاولات الدولية لإنهاء أزمة ليبيا، وهي من يعطل نجاح هذه الحوارات، واستمرار الاحتلال التركي.

الكل يؤمن بالحوار وأهميته للوصول للحلول المناسبة، والتزام الأطراف الليبية باحترام التزاماتها، بدلاً من استمرار الحرب وبقاء البلاد تحت سيطرة المليشيات والإرهاب، والذي لن يتم إلا بمغادرة المقاتلين المرتزقة والمليشيات الإرهابية، لكن نظريا نجاح الحوار مرهون بموافقة تركيا وقطر التي تدعم هذه الجماعات المتطرفة، وتتحرك بتنسيق تام يهدف إلى عرقلة مسار التسوية الذي يقوده المجتمع الدولي، فهي المتحكم الفعلي في قرار الغرب الليبي عمليا، فأي توافق وموافقة شاملة للنتائج، وما يسفر عنه الحوار الليبي سيبقي على هيمنتها على الغرب، بالإضافة إلى الشرق، ما يجعلنا أمام حالة لبنانية جديدة، والتي ترتهن للأوامر الإيرانية، ما يعني أن “قطر وتركيا” تحتفظان بدورهما وتأثيرهما على القرار الليبي، باتفاقيات وعلاقات طبيعية مع طرفي المعادلة الليبية، إلا أنهما لن يخفيا تفضيلهما للمليشيات الموالية لهما في الغرب، وهو جزء من سعيهما المتواصل والمتكرر لتعويم الأزمة الليبية، وفرض رأيهما على الليبيين، وأن أي انقلاب على هذا التوافق في قادم الأيام يعني الانقلاب على الإرادة والرغبة الليبية الداخلية، كما حدث في اتفاق الصخيرات والنتائج التي أظهرت لنا حكومة مشوهة معترف بها دوليا، ولا يعترف بها الشعب الليبي.

لا شك أن فرض “تمثيل الإخوان الواسع” الذين يملكون انتماءاتٍ مشبوهةً، ويدينون بالولاء لتركيا هو سبب البلاء في البلاد، ومصنع الإرهاب الإسلاموي الذي يهدد الحوار الليبي، ثم مراوغات ومطالبات المجلس الأعلى لدولة السراج بالبقاء في السلطة تفاديا للفراغ كما يقولون، وهي مساعٍ تركية وقطرية لإفشال المساعي الدولية للسلام في الشرق الأوسط، وخلق صراع دائم من خلال التصعيد الشامل، ورفض الالتزام بالاتفاقيات المبرمة والموقعة، وهي استمرار في إطار العبث والجهل والمغامرات السياسية، وفتح الجبهات العسكرية في عدة أماكن، ما يجعل الحوارات مجرد مضيعة للوقت في ظل الوجود التركي.

 وهذا الوجود التركي يشكل حجر عثرة أمام الحل من خلال إصرار أذرعه على تنفيذ أحلامه التوسعية في ليبيا، وتقديم ثروات ليبيا لإنقاذ الاقتصاد التركي المتهالك، وهو ما يقلق العرب واللجان المشرفة على هذه الحوارات، في ظل عدم قدرة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على إخراج مرتزقة أردوغان والجماعات المليشياوية، التي لا تملك الشجاعة بالاعتراف بأن كل مشاكل ليبيا من تطرف – إرهاب تخلف – وفقر هي في الأساس ناتجة عما تقوم به هذه المليشيات وتفعله قطر وتركيا.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى