سياسة

الحرب المشفرة.. “القاعدة” و”داعش” في أفريقيا

خوسيه لويس مانسيا


تشير المعلومات الاستخباراتية المتاحة إلى أن تنظيم “داعش” في قارة أفريقيا يمرّ بفترة مالية صعبة، خاصة وأنه يعتمد على شركات نقل الأموال ونظام الحوالة.

التنظيم الذي استخدم مؤخراً العملات المشفرة لتوزيع الأموال بين المنتسبين للجماعة الإرهابية، يشهد أيضا في بعض المناطق، كما هو الحال في سوريا، تراجعا في عائداته تصل إلى 50٪ مقارنة بالسنوات الماضية.

وتظهر أزمة النسخة الأفريقية من داعش، جليا أكثر في نيجيريا، حيث تشير معلومات إلى أن الجماعات الإرهابية النيجيرية وعلى رأسها “داعش” الذي لديه نحو 5 آلاف مقاتل، تواجه صعوبات مالية غير مسبوقة.

ونظراً لوجود خلافات بين الجماعات الأربع المكوّنة للتنظيم، فقد حاول داعش نيجيريا، تجنيد مقاتلي جماعة “بوكو حرام” الإرهابية التي تنشط بالقرب من مواقع تعدين الذهب الحرفي في شمال غرب نيجيريا، في محاولة لإيجاد أي مصدر دخل للخروج من أزمته المالية.

وتذكر بعض المعلومات التي لم يتم التحقق منها أن بوكو حرام تتعاون، كلما دعت الضرورة لذلك، مع تنظيم القاعدة وجماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان “أنصارو”.

وفي 30 يناير/ كانون الثاني الماضي أعلنت داعش في غرب إفريقيا مسؤوليتها عن هجوم في شيتيما بالنيجر. كانت هذه القرية في السابق تحت سيطرة بوكو حرام، حيث نجحوا في تحصيل 30 مليون نايرا في المدينة، أي ما يعادل 64 ألف يورو. وهنا نتساءل: هل كانت الحاجة الاقتصادية هي الدافع لشن هذا الهجوم؟

اكتسب فرع داعش في غرب أفريقيا وزناً داخل التنظيم الأم في السنوات الأخيرة لدرجة أن مقتل زعيمه، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، حدث في 3 فبراير/ شباط الماضي، وفي العاشر من نفس الشهر، عُلِم أن زعيم داعش في غرب أفريقيا، حبيب يوسف، الملقب أبو مصعب البرناوي، قد سافر إلى الموصل بالعراق لأنه عضو في مجلس شورى داعش عن إفريقيا.

وحسب المعلومات التي نشرها الجيش النيجيري في 10 فبراير/ شباط الماضي، فإنه بفضل عملية “هدين كاي” تم القضاء على أكثر من 120 إرهابياً من بوكو حرام وداعش في شمال شرق نيجيريا في الأسابيع الثلاثة الماضية. وقد أجبر ذلك 965 إرهابياً وعائلاتهم على الاستسلام للقوات الحكومية في مواقع مختلفة خلال تلك الفترة. ومع ذلك، لا تزال نيجيريا تتصدر العالم من حيث عدد القتلى بسبب الهجمات الإرهابية.

ومن فرع داعش في نيجيريا، إلى التنظيم في الصومال والذي يقدر عدد عناصره في هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي نحو 300 عنصر، ويتعاون مع القاعدة هناك متمثلة في حركة الشباب قد يصل عناصرها إلى 12 ألف عنصر. وتجمع “حركة الشباب” ما بين مليونين و10 ملايين دولار شهرياً، وهو ما منح هذه الجماعة الإرهابية استقلالية مالية كبيرة.

ويحاول تنظيم “داعش” وحركة “الشباب”، التعاون معا في محاولة للتغلب على المشاكل المالية التي يعاني منها تنظيم “داعش” في الصومال.

وفي محاولة للتغلب على الأزمات المالية التي تواجه أفرع تنظيم داعش في أفريقيا، تكثفت مؤخرا حركة الاندماجات والتجنيدات لعناصر إرهابية محلية، حيث انضمت عناصر المليشيا الأوغندية التي يطلق عليها “القوات الديمقراطية المتحالفة” التي تنشط عادة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أنضمت إلى لـ”داعش” في وسط أفريقيا. وبقيت جماعة صغيرة تُطلق على نفسها مجموعة جميل موكولو، الذي لم ينضم لـ”داعش” بسبب احتمال دخوله في مفاوضات سياسية مع السلطات.

ورغم هذا الانقسام، يستمر “داعش” في وسط أفريقيا والمليشيا الأوغندية في الحفاظ على علاقاتهما. ويعتمد “داعش” في وسط أفريقيا بشكل كبير على المقاتلين الأوغنديين والكونغوليين، ولكنه يعتمد أيضاً على التنزانيين والكينيين والبورونديين والموزمبيقيين. ويأتي تمويل المجموعتين من مواقع استخراج الذهب الحرفي، لذلك من المتوقع أن تنتقل المستوطنات الإرهابية إلى هذه المناطق.

وباتباع إرشادات التنظيم الأم، تتمركز مجموعة من داعش بوسط أفريقيا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأخرى في موزمبيق. وتركز القوات الديمقراطية المتحالفة هجوماتها على أوغندا، دون استبعاد إمكانية توسّعها شرقاً.

وفي موزمبيق، يبلغ عدد مقاتلي داعش ما بين 600 و1200 عنصر، ويعتمد التنظيم في التجنيد أساساً على السكان المحليين، كما يجند المقاتلين من تنزانيا وجزر القمر. وعند الحديث عن الجماعة الإرهابية في موزمبيق، فإنه في الغالب يتم التغافل عن إمكاناتها الهائلة في تنزانيا المجاورة، وذلك لأن الإرهابيين يستخدمون هذا البلد كملجأ في مناسبات عديدة.

وفي الختام، نقول أن التنظيمات الإرهابية وخاصة في القارة السمراء تعاني صعوبات مالية، لا سيما “داعش”. وستحاول الجماعات الإرهابية لحل هذه الأزمة استهداف أماكن تعدين الذهب، وطرق عبور المخدرات، ومناطق الاتجار بالبشر، مما يفسر القتال بين القاعدة وداعش على حدود مالي والنيجر وبوركينا فاسو. ولا ينبغي أن نستبعد زيادة عمليات الخطف في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في الأشهر المقبلة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى