الجيش الليبي لن يسمح للمليشيات بالتقدم تجاه مدينة سرت
ذكر عدد من الخبراء السياسيين والعسكريين الليبيين بأن رفض المليشيات لمبادرة القاهرة من أجل حل الأزمة الليبية سينتج عنه تصعيد عسكري حتى يتم إجبارهم على الالتزام بوقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة الأجانب.
وقال الخبراء في أحاديث خاصة للعين الإخبارية بأن مبادرة القاهرة تعتبر الحل والخيار الوحيد للتوصل لتسوية سلمية للأزمة الليبية، مؤكدين بأن الجيش الليبي لن يسمح للمليشيات بالتقدم تجاه مدينة سرت، وبأنه ربما يتجه نحو مصراته في حال تطلب ذلك وذلك بهدف كسر غرور تركيا فيما يتعلق وهم الانتصارات التي ادعتها بعد التزام الجيش الليبي والتراجع عن تمركزاته داخل الحدود الإدارية لطرابلس.
سلاح ردع
ويعتقد من جهته العميد الركن شرف الدين بن سعيد العلواني، الخبير العسكري الليبي بأن الجيش الوطني يواصل محاربة الإرهاب وتطهير البلاد من أي تهديد محتمل وبأن مبادرة القاهرة أضحت الفرصة الأخيرة أمام المليشيات لإبراء الذمة ووضع العالم كله أمام مسؤولياته.
وأضاف العلواني للعين الإخبارية بأن الجيش الليبي سيعمل كل ما عليه من أجل المحافظة على السيادة الوطنية والحفاظ على المدنيين والقصف المدفعي العشوائي من الأعداء برا وبحرا وجوا من جهة، وكذا الحفاظ على المقاتلين في حرب استنزاف للمليشيات ليتم بذلك إجبارهم على الموافقة على المبادرة بجميع بنودها.
كما أشار المتحدث ذاته بأن الجيش الليبي لن يرضى بتاتا بأن تكون ليبيا ملاذا للهاربين من عدالة القضاء وساحة لتحقيق أمجاد المحتل التركي، وبأن الجيش الوطني وجب عليه الرد على أي خروقات لوقف إطلاق النار، ولكن هذه المرة بموافقة كل الدول ولاسيما أعضاء مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
وتابع العلواني قوله بأنه لا يوجد خيار أمام الجيش الليبي سوى إجبار تركيا على مغادرة ليبيا وسيكون عليه التحرك مع التيار وليس عكسه للهجوم على الهدف الرئيسي مباشرة عبر الساحل من سرت إلى أبوقرين والسدادة ثم تاورغاء ومنها إلى مصراته.
وقال أيضا العلواني إلى أن وصول القوات إلى مصراتة سيجفف أطرافها فيما بعدها سواء زليطن أو الخمس أو مسلاته أو غيرها من القاربولي حتى تاجوراء، منوها بأن الجيش الليبي سيعمل على تقوية سلاح ردع للمليشيات بالحشد والتجهيز وإعداد أسراب طيران قوي وأسطول بحري قادر علي المناورة والهجوم وإعادة تشكيل وتنظيم الكتائب والسرايا.
كسر الغرور
في حين يعتقد المستشار حامد فارس، الخبير في الشؤون العربية، بأن مبادرة مصر ستجعل تركيا تنسحب من الداخل الليبي بضمانات دولية وبأنها ستكون مجبرة عن التراجع ولو كان ذلك متأخرا، مضيفا للعين الإخبارية بأن تركيا قد تجاوت الخطوط الحمراء ولم تلتزم بأي من تعهداتها وبأن محاولتها الاقتراب من سرت والهلال النفطي التي بها مصالح نحو ٩ دول على أقل تقدير سيكون نهاية تحركاتها في ليبيا.
وقال أيضا فارس بأن تركيا ستكون مجبرة على إخراج مرتزقتها وسحب مستشاريها وستعود المليشيات من النقاط خارج التفاهمات الدولية بالانسحاب من طرابلس، وإذا ما جرى العكس فقد تخسر المعركة بشكل نهائي وستكون هناك حرب عالمية، مما يؤكد بأن المبادرة المصرية لم تفشل ولكنها ستأخذ وقت لتحقيق أهدافها.
وتابع الخبير في الشؤون العربية بأن القوى الدولية المتمسكة بالصمت لن تبقى كذلك في حالة تحول أمنها القومي أو مصالحها الاقتصادية للضرر بسبب أطماع أردوغان، وقد يفقد بذلك مصراتة نفسها ويتلقى درسا قويا بداخلها لكسر الغرور ويعلم بأن انسحاب الجيش من طرابلس لم يكن هزيمة، بينما كان احتراما لمطالب دولية، حسب ما جاء في قوله.
مستقبل غامض
أما دكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية جامعة عمر المختار بدرنة الليبية، فقال بأن مبادرة القاهرة التي جاءت لحل الأزمة اللليبية ترفضها المليشيات سواء من خلال البيانات المتتالية أو من خلال واقع الاشتباكات على الأرض.
ويعتقد أيضا الفارسي، وهو باحث متخصص في شؤون الأمن القومي والإقليمي، بأنه إذا ما لم تطبق المبادرة أو تتم الاستجابة إليها فإننا سنكون أمام سيناريوهين محتملين، أحدهما: سياسي، والآخر: عسكري وهو الأقرب.
كما أوضح نفس المتحدث بأن المليشيات التي رفضت المبادرة المعلن عنها في القاهرة بالرغم من الدعم الدولي لها، قد تتقدم من خلال طرف ما لسيناريو الحل السياسي التقسيمي، بتقسيم البلاد إلى أقاليم ثلاث والعودة إلى ما قبل الدولة الموحدة.
وأشار أيضا إلى أن هذا السيناريو لمستقبل ليبيا السياسي الذي سيفرضه المجتمع الدولي رغم أنه صعب التحقيق على الأرض وذلك بسبب عوامل داخلية وخارجية، إضافة إلى أن التقسيم أصلا ليس في صالح تركيا والغرب الليبي، موضحا بأن آبار النفط كلها في الشرق، وأيضا خرائط المذكرة البحرية بين أردوغان- السراج تجعل الشرق الليبي هو الجار المائي لتركيا وليس الغرب، ما يمحي هذه الاتفاقية ويجعلها عديمة الأثر.
هذا وأوضح أيضا الفارسي إلى أن السيناريو العسكري يعد الأقرب إذا ما استمرت حالة الاقتتال والفوضى وانتشار فوضى السلاح في ظل ضعف وهشاشة مؤسسات الدولة الرسمية وانتشار الفساد والمحاصصة، إلى جانب استمرار الصراعات بين القبائل والمناطق ضد التشكيلات المسلحة والارهابية التي لا تعترف بوجود الدولة مع انتشار ثقافة سحق الخصم وغياب ثقافة التعايش السلمي والتداول السلمي على السلطة من طرف حكومة الوفاق غير الشرعية.
ولفت كذلك إلى أن كل ذلك سيؤدي إلى إضعاف وتفتيت الهوية الوطنية، مما يعني فشل الخطط المعلنة للإصلاح والمصالحة، والحل يتمثل في إجبارهم على المبادرة بالقوة.
ويشار إلى أن قرار وقف إطلاق النار في ليبيا بدأ صباح يوم أمس الاثنين وذلك باقتراح مصري ورعاية وترحيب دولي وأممي، غير أن المليشيات لا تزال تنتهك القرار، الأمر الذي دفع سلاح الجو الليبي لاستهداف عدة أرتال متحركة تابعة للمليشيات قرب سرت والجفرة.
بينما طرحت القاهرة يومه السبت مبادرة بحضور رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والقائد العام للجيش اللليبي المشير خليفة حفتر، من أجل العودة للحلول السلمية في ليبيا والتي لاقت تأييدا دوليا وعربيا واسعا.
وشملت المبادرة المصرية التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، وكذا احترام جميع الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد آلية وطنية ليبية ملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة، وكانت البعثة الأممية للدعم في ليبيا قد دعت في وقت سابق إلى العودة للمسار التشاوري العسكري 5+5 مرحبة بقبول الليبيين لهذه الخطوة.