التوتر بين أديس أبابا وتيغراي يضع اتفاق بريتوريا أمام تحد حقيقي

عد أكثر من عامين ونصف العام على توقيع اتفاق وضع حدا لجولة قتال مدمرة، تعود المخاوف من تجدد التصعيد في إقليم تيغراي، شمالي إثيوبيا، وسط دعوات للتهدئة.
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أشار في كلمة له، الأسبوع الماضي، إلى تحركات قد تشير إلى استعدادات لصراع جديد من قبل “جبهة تحرير تيغراي”. معبرا عن قلقه مما اعتبره “رهانات على دعم خارجي”.
وفي خطابه أمام البرلمان، كشف أبي آحمد أن حكومته “تتابع من كثب التواصل بين جبهة تحرير تيغراي وإريتريا” والذي وصفه بأنه “غير دستوري”.
وأضاف في هذا الصدد: “أعين الدولة مفتوحة وتراقب كل التفاصيل”.
ووجه آبي أحمد انتقادات شديدة اللهجة للجبهة، قائلا إن “قيادتها توقفت عن التفكير العقلاني”، محذرا من مغبة مواصلة الاستفزاز تجاه السلطة الفيدرالية.
لكنه أكد في الوقت نفسه، أن الحكومة تمارس سياسة “الصبر والنفس الطويل احتراما لشعب تيغراي، رغم توفر ما يكفي من الأسباب للتدخل المباشر لحسم الوضع في الإقليم”.
وناشد رئيس الوزراء الإثيوبي، زعماء الأديان بالتدخل الفوري لمنع نشوب حرب في تيغراي ، بقوله: “ابدأوا عملكم الآن لمنع تيغراي من دخول الحرب”.
وكان إقليم تيغراي قد شهد بين نوفمبر/تشرين الثاني 2020 والشهر نفسه من عام 2022 أحد أعنف النزاعات بين الجيش الفيدرالي من جهة ومسلحي “جبهة تحرير تيغراي” من جهة ثانية.
وأدى النزاع إلى مقتل نحو 600 ألف شخص في هذه المنطقة التي يقطنها نحو ستة ملايين نسمة، بحسب الاتحاد الأفريقي.
وانتهت الحرب باتفاق سلام أبرم في بريتوريا بجنوب أفريقيا، لكن التأخير في تنفيذ بنوده لعدة أشهر غذّى التوترات المتزايدة داخل “جبهة تحرير تيغراي” التي تحكم المنطقة والتي كانت مهيمنة على الحكومة المركزية في إثيوبيا.
“جبهة تحرير تيغراي” ترد
في المقابل، ردّت جبهة “تحرير تيغراي” على تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا.
وقالت في تصريحات على لسان هايلي سيلاسي جيرماي، أحد أبرز القادة العسكريين في قوات الجبهة، إن “تيغراي لم تعد كما كانت بالأمس”.
وأوضح جيرماي أن “الشباب الذي خاض الحرب السابقة بات أكثر استعدادا للدفاع عن أرضه، وأن موازين القوى في المنطقة قد تغيرت”، على حد تعبيره.
مستطردا “أعداء الأمس قد يصبحون حلفاء اليوم، وإن لم يكونوا كذلك، فهم ليسوا أعداءً بعد الآن”. دون أن يذكر من هم الحلفاء والأعداء.
وتنفي “جبهة تحرير تيغراي” أي تواصل أو تعاون عسكري مع إريتريا.
والمعارضة في تيغراي تنشد الحوار
على صعيد آخر، دعا حزب “سالساي وياني تيغراي” المعارض إلى عقد مؤتمر داخلي في الإقليم، “من أجل بحث سبل تفادي الانزلاق إلى العنف”. مشددا على أن “أزمة تيغراي تتطلب حلولا سياسية، لا أمنية”
والكنيسة الأرثوذكسية تتحرك
في السياق ذاته، أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية في تيغراي عن تحرك من جانبها لمنع التصعيد، وأرسلت وفدا من كبار رجال الدين إلى العاصمة أديس أبابا للقاء رئيس الوزراء، بهدف الدعوة إلى سلام مستدام.
وأكدت الكنيسة في بيان لها أهمية الإصغاء إلى صوت سكان الإقليم، داعية إلى إيجاد حل سلمي يعالج جذور الأزمة.
وهذا هو موقف الحكومة الفيدرالية
في المقابل، ترى الحكومة الفيدرالية أن تعاملها مع الوضع في تيغراي يستند إلى “الصبر الاستراتيجي والنفس الطويل” ، وتتهم قيادات الجبهة بعرقلة تنفيذ اتفاق بريتوريا، خاصة فيما يتعلق بنزع السلاح، وعودة النازحين، وتسوية النزاعات الحدودية.
وتتهم الحكومة قادة الجبهة أيضا، بالتمسك “بالعيش داخل سرديات الماضي”، وعدم استخلاص العبر من الحرب المدمّرة التي اندلعت بين الجانبين.
وتحذيرات من التداعيات
ويرى مراقبون أن التوترات الحالية تمثل تحديا حقيقيًا لاتفاق بريتوريا، الذي أنهى واحدة من أعنف مراحل النزاع في البلاد.
كما يحذر مراقبون أن أي تصعيد جديد قد لا يؤثر فقط على الداخل الإثيوبي، بل يمتد تأثيره إلى الاستقرار الإقليمي والعلاقات مع دول الجوار.