سياسة

التدين عندما يكون ترساً

65


الترس لغة هي الأداة التي يستخدمها المحارب لحماية نفسه أثناء النزال في الحرب.

لكن ما علاقة ذلك بالدين أو التدين؟ للأسف الشديد تبين للناس بعد فترة غفلة أن الجماعات الدينية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي وفي طليعتها جماعة «الإخوان»، استخدمت الدين والتدين ترساً لتحقيق أهدافهم الاستراتيجية. لم يدرك كثير من الناس الذين كانوا يرددون خلال حياتهم «الإسلام هو الحل»، جوهر هذا الشعار، أنه حق أريد به تحقيق مآرب سياسية. الإسلام كدين هو لب حياة المسلمين، وتتمحور حوله كافة شؤونهم، بيد أن الجماعات الإسلامية التي ترفع هذا الشعار لم يكن هدفها في حقيقة الأمر إلا الوصول إلى الحكم عند طريق صناديق الاقتراع تارة أو من خلال الانقلابات العسكرية تارة أخرى. وبمجرد وصولهم إلى الحكم تتضح حقيقة أمرهم، إنهم أحزاب سياسية اتخذوا الدين مطية، لتحقيق مآربهم الخفية.

عندما تلتقي ببعض أتباع هذه الجماعات وتسأله هل أنتم حزب سياسي. يقول لك بكل ثقة، كلا، ويقسم الإيمان الغليظة على ذلك، لكن مع فترة ما يعرف بالربيع العربي، انكشف سرهم للناس، فهم في حقيقة الأمر إنما كانوا يعدون العدة لتلك المرحلة. شهدنا تسابق «الإخوان المسلمين» لحكم مصر بعد الثورة الشعبية، والأمر واضح في تونس، وغيرها من الدول التي فتحت لهم باباً للوصول إلى الحكم.

هناك خديعة تمت عبر سنوات مضت، فقد كانت هذه الجماعات تروج لنفسها أنها فكر مستنير لوسطية المتدينين تريد عودة الناس إلى دين الله أفواجاً، ولم يكن في إعلانهم أنهم حزب سياسي يريد الوصول إلى الحكم، بعد أن انساقت عواطف الناس المحبة للإسلام لدعواتهم، تبين لهم أنهم غير ما كانوا يروجون لأنفسهم، فقد باتوا بعد أن تولوا الحكم في بعض الدول أشرس من الأحزاب السياسية المدنية، لقد كان الإسلام لا يتجاوز الترس الذي يحتمون من ورائه عندما ينتقدهم شخص ما، فيقولون له إنك لا تنتقد هذا الإنسان أو ذلك الفكر لكنك تنتقد في حقيقة الأمر الإسلام. هذا الربط بين أحزابهم والإسلام رجح بوصلة الناس لنظرياتهم، لكن الحقيقة التي تم فضحها تتلخص في كونهم حزباً له أجنداته الخفية التي لا يعرفها الا المبايعون لإمامهم، أما عامة الناس فهم مطية لتحقيق تلك الغايات، لذلك تجد في هذه الجماعات تصنيفات لأنشطتهم لا يعلمها كثير من أتباعهم، فهناك الدعاة والمفكرون والمنظرون الذين يراهم الناس يخاطبون عاطفة التدين لدى عامة الناس، وهناك التنظيمات الموازية لذلك التنظيم منها الأنشطة المالية التي تخصص فيها نفر منهم، وقاموا بإنشاء العديد من المشاريع التجارية الربحية، وهناك التنظيم العسكري الذي رفع شعار«الجهاد» ضد الأعداء، وغير ذلك من التنظيمات الموازية، لو كانت هذه الجماعات صادقة مع الناس لقالت من اليوم الأول: إنهم أحزاب سياسية يريدون الحكم ، وعندها سنرى من يتبعهم.

نقلا عن الاتحاد الإماراتية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى