سياسة

الانفتاح الإماراتي والعربي على القيادة السورية: خطوات نحو إعادة التواصل


 أجرى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الاثنين اتصالا هاتفيا بنظيره السوري الجديد أسعد حسن الشيباني ناقشا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية، وذلك في أول تواصل اماراتي مع القيادة الجديدة يعكس رغبتها بدعم الشعب السوري في هذه المرحلة الدقيقة.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية “ناقش الجانبان سبل تعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات ذات الاهتمام المشترك”.

وأضافت أن وزير الخارجية الإماراتي “شدّد خلال الاتصال مع الشيباني، على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سوريا، كما أكّد موقف دولة الإمارات الداعم لجميع الجهود والمساعي المبذولة للوصول إلى مرحلة انتقالية شاملة وجامعة تحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والتنمية والحياة الكريمة، حيث تؤمن دولة الإمارات بأهمية إعادة التفاؤل إلى الشعب السوري الشقيق من أجل مستقبل مزدهر”.

وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي في تغريدة على تويتر اليوم الاثنين “منذ بدايات الثورة السورية عام 2011، حافظت الإمارات على موقف متزن وواقعي يستند إلى سيادة سوريا ووحدة أراضيها ودعم شعبها واحتضانه، والتصدي للإرهاب. من خلال عضوية التحالف الدولي، والموقف في الجامعة العربية، والدعم الإنساني للأشقاء السوريين”، مضيفا “ويبقى اليوم هذا النهج الذي يوجهنا عربياً ودوليا”.

وسبق أن عبر قرقاش خلال كلمة في “مؤتمر السياسات العالمية” في أبوظبي في وقت سابق من الشهر الجاري عن مخاوف من سيطرة الإسلاميين ومن ورائهم تركيا على مقاليد الحكم في سوريا تكرارا لتجربة المشروع الإخواني وما يحمله من فوضى، وقال قرقاش “نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة، وعدم فرض نظام على جميع السوريين، لكن من ناحية أخرى، أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية”.

ويعتبر محللون أن الإماراتيين يرون في المشروع التركي في سوريا إشكاليا لأنه مدفوع جزئيا بالمصلحة الذاتية التركية بدلا من مصلحة بناء الاستقرار في سوريا.

ويبدو أن الوفود العربية التي تقاطرت على دمشق لا ترغب في ترك الساحة مفتوحة للتدخل التركي في سوريا واملاء أجندتها على السوريين.

والتقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الاثنين دبلوماسيين عرب قدموا تباعا دعما للشعب السوري وناقش معهم الجهود المركزة في الفترة المقبلة، إذ تستكشف الدول العربية طبيعة المرحلة القادمة في سوريا وسط مخاوف من تيار إسلامي متشدد يهيمن على البلاد.

ووصل إلى دمشق الاثنين وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمّد الخليفي على رأس وفد دبلوماسي لإجراء مباحثات مع مسؤولين سوريين، وفق ما أعلن المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري بعد 13 عاما من القطيعة الدبلوماسية.

ونشر الأنصاري على إكس “وصل الخليفي إلى دمشق على متن أول طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية تهبط في مطار سوري منذ سقوط نظام بشار الأسد“، مضيفا أن الوفد سيجري لقاءات مع مسؤولين سوريين “تجسيداً لموقف قطر الثابت في تقديم كل الدعم للشعب السوري”.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية “تعد هذه الزيارة تأكيدا جديدا على متانة العلاقات الأخوية الوثيقة بين دولة قطر والجمهورية العربية السورية الشقيقة، وحرص قطر التام (…) أجل النهوض بسوريا والمحافظة على سيادتها”.

وقال مسؤول قطري لوكالة فرانس برس إن “فريقا فنيا للطيران” رافق الوفد من أجل “تقييم جاهزية مطار دمشق الدولي لاستئناف الرحلات” بين البلدين. وأضاف المسؤول أن “قطر عرضت تقديم الدعم الفني لاستئناف الرحلات التجارية والشحن، فضلا عن صيانة المطار خلال المرحلة الانتقالية”.

بدوره، أفاد الشرع إن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في قطاعات من بينها الطاقة في سوريا في المستقبل. وأضاف أنه دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سوريا.

وانتهى حكم الأسد فجر الثامن من كانون الأول/ديسمبر مع دخول فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام بزعامة الشرع دمشق.

وفرّ الرئيس السابق الذي حكم سوريا بقبضة حديد لمدة 24 عاما، إلى روسيا إيذانا بنهاية أكثر من 50 عاما من حكم عائلة الأسد.

من جهته، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاثنين إن كييف ستدعم الجهود اللازمة لتحقيق الاستقرار في سوريا، مشيرا إلى أن بلاده اتخذت بالفعل قرارات لدعم الأمن الغذائي لدمشق.
وأضاف “نعتقد أنه من المهم لأمن الشعب السوري والمنطقة ككل التخلص من أي وجود روسي في سوريا”.

وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عقب لقائه الشرع استعداد بلاده للمساعدة في إعادة إعمار سوريا، على ما نقل عنه التلفزيون الرسمي الأردني في أول زيارة لمسؤول أردني كبير إلى سوريا منذ إطاحة الأسد.

ونقلت قناة “المملكة” الرسمية عن الصفدي تأكيده “استعداد الأردن لتقديم كافة أشكال الدعم لسوريا، مشيرا الى ان “التجارة والحدود والمساعدات والربط الكهربائي (بين البلدين) من بين الملفات التي طرحت في المباحثات، إضافة إلى مناقشة الجانب الأمني”.

وتابع “نحن متوافقون على دعم الشعب السوري في إعادة بناء دولته” وأن “الدول العربية متفقة على دعم سوريا في هذه المرحلة دون أي تدخل خارجي”. وأضاف “ندعم العملية الانتقالية في سوريا وصياغة دستور جديد للبلاد”.

وكان وفد حكومي سعودي التقى الشرع الأحد في أول تواصل بين الإدارة الجديدة والسعودية بعد سقوط الأسد.

وقال مصدر مقرب من الحكومة السعودية فضل عدم كشف هويته لأنه غير مخول التحدث إلى الإعلام إنّ “وفدا حكوميا رفيعا التقى أحمد الشرع في دمشق الأحد”.

وأشار المصدر إلى أن المحادثات “ركزت على الوضع في سوريا والقضاء على الكبتاغون وغيرها من موضوعات”.

وأضاف أنّ “المخاوف الرئيسية الآن هي أن تفعل (الإدارة الجديدة) ما تقول”، في إشارة خصوصا إلى وعود الشرع بشأن حل الفصائل المسلحة وعدم تشكيل سوريا تهديدا لجيرانها.

من جهتها، أكدت إيران حليفة الرئيس السوري المخلوع الاثنين دعمها سيادة سوريا، لافتة في الوقت نفسه إلى أنها “ليس لديها اتصال مباشر” مع القيادة السورية الجديدة.

وقال الناطق باسم الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي “موقفنا المبدئي حول سوريا في غاية الوضوح: المحافظة على سيادة سوريا وسلامة أراضيها، على أن يقرر الشعب في سوريا مستقبله من دون تدخل أجنبي مدمر” مضيفا أن سوريا يجب ألا تصبح “ملاذا آمنا للإرهاب”.

واستضاف الأردن في 14 كانون الأول/ديسمبر اجتماعا حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية ثماني دول عربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة الى ممثل الأمم المتحدة.

وعانى الأردن خلال السنوات الماضية بشكل مستمر من عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدّرات، لا سيّما الكبتاغون، برّا من سوريا التي شهدت منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا هائلا وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

ويقول الأردن إن عمليات التهريب هذه باتت “منظمة” وتستخدم فيها أحيانا طائرات مسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة، ما دفع البلاد إلى استخدام سلاح الجو مرارا لضرب هذه المجموعات وإسقاط طائراتها المسيرة كما أوقف وقتل العديد من المهربين.

وصناعة الكبتاغون ليست جديدة في المنطقة، وتُعد سوريا المصدر الأبرز لتلك المادة منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجا وأدى إلى ازدياد تصديرها.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى