الاحتجاجات تظهر من جديد في العراق
إن الكثير من العراقيين، مسؤولين ومواطنين، لم يتوقعوا أن تصل الاحتجاجات التي انطلقت في العاصمة بغداد في بداية أكتوبر الماضي، إلى هذا المنحى. حيث بدأت الاحتجاجات في الأول من أكتوبر في العاصمة بغداد وذلك بهدف المطالبة بظروف معيشية أفضل في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد على مدار سنوات.
غير أن حكومة عادل عبد المهدي، والتي قدمت استقالتها لاحقا، لم تستجب لمطالب الشارع في بغداد منذ البداية، وبذلك فقد توسعت رقعة المظاهرات لتشمل مدن الجنوب، خاصة البصرة التي تضم موانئ نفطية.
وقد واصلت الحكومة سياسة احتواء المحتجين، غير أنها لم تنجح في إخراج الناس من الشارع لتعم المظاهرات في غضون أيام مدن الحلة وكربلاء والنجف والناصرية والكوت.
وأخذت بذلك الاحتجاجات تأخذ منحى تصاعديا وذلك حين قام المتظاهرين بغلق الجسور الرئيسية في العاصمة بغداد، وأيضا محاولة قوات الأمن العراقية منعهم باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم الميا والرصاص.
بينما شهدت محافظة البصرة تصاعدا من نوع اخر حيث كانت موانئ النفط هدفا للمتظاهرين في ظل عدم الاستجابة إلى مطالبهم، وقد أقدموا على إغلاق الطرق المؤدية إليها وعطلوا عملها أكثر من مرة الأمر الذي جعل البلاد تخسر ملايين الدولارات.
وقد اتسعت قائمة مطالب المحتجين مع وجود الاحتجاجات في عدة مدن، حيث لم تعد تقتصر على تحسين الأوضاع المعيشية للعراقيين فقط، بل تجاوزوا ذلك إلى رحيل حكومة عبد المهدي، والطبقة السياسية الحاكمة.
وفي الوقت الذي لم تفلح الحكومة في وجود حل لذلك، فقد ارتفعت وتيرة الغضب الشعبي ليطال هذه المرة مقرات حزبية وإيرانية بالحرق، مع تصاعد دعوات المحتجين بوقف التدخل الإيراني في شؤون العراق.
وقد قتل نحو 500 شخص وجرح المئات من المحتجين في مدة ثلاثة أشهر من المواجهات، الأمر الذي صعب من جهود الدولة العراقية في إخماد هذا الحراك، حيث تم إمهال أجهزة الدولة حتى 20 يناير لتحقيق المطالب.
وانتهت بذلك المهلة يومه الاثنين، لتتجدد الاشتباكات بين قوات الأمن العراقية والمحتجين بعد أيام من الهدوء، إذ سقط في يوم واحد 6 قتلى، بينما أصيب عشرات آخرون.
وبذلك فإنه من الصعب جدا توقع نتائج الحراك الشعبي في العراق حاليا، خاصة مع عدم توفر أي أفق لحل سياسي حتى الآن، واستمرار حكومة عبد المهدي، التي يطالب المتظاهرون برحيلها نهائيا، في تصريف أعمال البلاد.