الإمارات تعلن 2019 عام التسامح.. فماذا فعلت لترسيخ هذا المبدأ وتوفير بيئة متآخية للجميع؟


كان التسامح من أحد الشعارات التي رفعتها دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ قيام الاتحاد واجتماع الإمارات الـ7 تحت لواء واحد، وكان محور اهتمام الحكام وتركيزهم، حيث كان التآخي بين مختلف الفئات الهدف الأهم الذي يسعى لترسيخه قادة الإمارات، بما يوفر بيئة متآخية متعاونة تزهر فيها الطاقات والإبداعات.

وأنشأت الإمارات عدة كيانات لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي؛ أبرزها:

أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في فبراير عام 2016، عن منصب جديد في الحكومة وهو وزير التسامح بهدف غرس قيمة التسامح وتكريسها في المجتمع الإماراتي، وتحديد حقوق الفرد وواجباته وكذلك علاقته بالمجتمع وعلاقة المجتمع بالدولة.

وتهدف الوزارة إلى توفير الأيديولوجيا المستنيرة للشؤون الاجتماعية والسياسية والدينية والقانونية، وعدم السماح للضرورات الفردية العقائدية والمذهبية بأن تطغى على الضرورات الإنسانية، وإلغاء الفوارق العنصرية والسياسية بين الشعوب والأمم، والالتزام بحقوق الإنسان.

وتُعد دولة الإمارات حاضنة لقيم التسامح والسلم، والأمان، والتعددية الثقافية، إذ تضم أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام، وكفلت قوانين الإمارات تحقيق العدل والاحترام والمساواة للجميع، كما جرى تجريم الكراهية والعصبية.

وأصبحت الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة، وتحتضن كنائس ومعابد عدة تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، ولديها مبادرات دولية عدة ترسخ الأمن والسلم العالمي، وتحقق العيش الكريم للجميع.

ومن الأمثلة العملية لروح التسامح التي تتمتع بها الإمارات، توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإطلاق اسم مريم أم عيسى، عليهما السلام، على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة المشرف ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات التي حثنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية. 

اعتمد مجلس الوزراء في يونيو 2016 البرنامج الوطني للتسامح، بهدف إظهار الصورة الحقيقية للاعتدال، واحترام الآخر، ونشر قيم السلام والتعايش، ويرتكز البرنامج الوطني للتسامح على 7 أركان رئيسية؛ هي الإسلام، والدستور الإماراتي، وإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والأخلاق الإماراتية، والمواثيق الدولية، والآثار والتاريخ، والفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة.

ويعمل البرنامج الوطني للتسامح بالتعاون مع الجهات الاتحادية والمحلية ضمن 5 محاور رئيسية تركز على دور الحكومة كحاضنة للتسامح، وترسيخ دور الأسرة المترابطة في بناء المجتمع، وتعزيز التسامح لدى الشباب ووقايتهم من التعصب والتطرف، وإثراء المحتوى العلمي والثقافي، والمساهمة في الجهود الدولية للتسامح، وإبراز دور الدولة الرائد في هذا المجال.

كما يتضمن البرنامج حزمة من المبادرات مثل أسبوع التسامح، ومركز الإمارات للتسامح، وبرنامج المسؤولية التسامحية للمؤسسات، الذي يعد الأول من نوعه في العالم. 

يهدف المعهد الدولي للتسامح، الذي أطلقته الإمارات من خلال حكومة دبي بموجب القانون المحلي رقم 9 لسنة 2017، إلى بث روح التسامح في المجتمع، وتعزيز مكانة دولة الإمارات إقليميا ودوليا كنموذج في التسامح، وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري، ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري، وكل مظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة.

ويتضمن قانون إنشاء المعهد الدولي للتسامح إطلاق جائزة تسمى “جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح” يجري من خلالها تكريم الفئات والجهات التي لها إسهامات متميزة في ترسيخ قيم التسامح على المستويين الوطني والدولي، وتشجيع الحوار بين الأديان وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام باعتباره دين تسامح وسلام.

في ‏ديسمبر 2012، افتتح الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف المعروف باسم “هداية”، خلال الاجتماع الوزاري الثالث للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي عقد في أبوظبي، وتعتبر استضافة حكومة الإمارات لهذا المركز تجسيدا لمبدأ التسامح الذي تتبناه الدولة والذي ينبذ التطرف.

ويعمل المركز على بناء الشراكات مع مؤسسات عدة تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف، ويركز على مجالات مهمة، مثل الدبلوماسية الرياضية والثقافية، ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب.

في ‏يوليو 2015، أطلقت دولة الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية “مركز صواب”، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب. ويتطلع المركز إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون، ويقفون ضد الممارسات الإرهابية، والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها المتطرفون.

ويتعاون المركز مع حكومات دول المنطقة والعالم بما في ذلك حكومات 63 بلدا مشاركا في التحالف الدولي ضد التطرف، كما يعمل مع عامة الناس والمؤسسات والشركات والشباب من أجل دحض الكراهية والتعصب، وإبراز ونشر القيم الحقيقية لدين الإسلام، والتي تقوم على الاعتدال وتدعو إلى التسامح والانفتاح.

في 9 مايو 2018 أعلن في الإمارات إطلاق “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة”، وذلك عقب التوصيات التي خرج بها المؤتمر العالمي للمجتمعات المسلمة.

ويعد المجلس مؤسسة دولية تهدف إلى تنسيق جهود مؤسساتها في الدول غير الإسلامية والارتقاء بدورها الوظيفي لتحقيق النموذج الحضاري لتشجيع أفرادها على المساهمة في نهضة دولهم المدنية والاقتصادية.

ويضطلع المجلس، برئاسة الدكتور علي راشد النعيمي، بمهمة تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين، وتقليل الهوة الفكرية والثقافية بين مكونات المجتمع الإنساني والعمل على بناء الجسور بين أطيافه.   

في سياق دولي احتدمت فيه النزاعات، وألقى فيه التطرّف بظلاله على القيم الدينية السمحة، يسعى منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة إلى إعادة الاعتبار لمعنى السلم في جميع تجلياته، من خلال خلق فضاء رحب للحوار والتسامح.

منتدى عالمي أسسه العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، وتحتضنه دولة الإمارات العربية المتحدة برعاية كريمة من وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالله بن زايد آل نهيان.

ولتحقيق هذا السلم الذي بات السواد الأعظم من العالم ينشده، يسعى المنتدى إلى إيجاد فضاء رحب للحوار والتسامح، يمكّن من خلق مساحة تطرح من خلالها الاختلافات، بما يفسح المجال للتوصّل إلى نقاط تقاطع تعبّد الطريق نحو التوافق، ونحو التعايش السلمي.

المنتدى يُعزِّز أيضا دور العلماء في نشر الفهم الصحيح، والمنهجية السليمة للتدين، ويُحيي قيم الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل، وجميعها أسس السلم، والرؤية الصحيحة للأشياء.

Exit mobile version