الإمارات تخاطر من أجل الإنسانية وتواصل السير في دربها النبيل
لم يكن مستغرباً ما قامت به دولة الإمارات العربية، حينما تكبّدت مخاطر جسيمة وهي تستقبل رعايا دول تم إجلاؤهم، من مقاطعة هوباي الصينية، بؤرة تفشي وباء كورونا المستجد كوفيد – 19، ونقلهم إلى المدينة الإنسانية في أبوظبي، وهي خطوة إنسانية جليلة لم يسبق لأية دولة في العالم أن قامت بها بمبادرة ذاتية، وعن طيب خاطر، وفداء للعمل الخيري الذي أصبح ركناً أساسياً في خطاب دولة الإمارات وتوجهاتها.
المبادرة التي جاءت بتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وبأمر من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تبث للعالم أجمع أنّ العمل الخيري يكون في كل الأوقات، وفي وقت الشدة خصوصاً، ففي الرخاء تتساوى المبادرات وتتماثل.
وإن شاء المرء أن يدرك عمق ما أحدثته هذه المبادرة الإنسانية العظيمة في نفوس الناس، فليقرأ ما تحكيه قلوبهم التي ذرفت آيات الشكر والعرفان لقيادة الإمارات وشعبها الطيب والعاملين في القطاع الطبي الذين وفروا العناية والرعاية، وأضاءوا قناديل الأمل في نفوس مذعورة، وعن ذلك قال الطالب السوداني أحمد فتح العليم إنّ “حقيقة استقبال الإماراتيين للطلاب كان فوق الخيال والوصف: كمية من الترحاب من لحظة وصولنا للطيارة في مطار ووهان لغاية وصولنا لمطار أبوظبي ومنها لمدينة الإمارات الإنسانية المجهزة بصورة جميلة لاستقبالنا كانت مفاجأة لم أتوقعها.
جاهزية عالية
واستعداداً لاستقبال الطلبة عبّر أحمد عن الجاهزية العالية للطواقم الإماراتية المدربة، كما أفادت وكالة وام، تم استقبال الطائرة وإجراء جميع العمليات اللوجستية من طواقم إماراتية مدربة من فحص طبي وتعقيم، حتى الوصول لمدينة الإمارات الإنسانية المخصصة لفترة الحجر الصحي وتوزيع الطلاب والأسر على غرفهم المجهزة مسبقاً لاسقبالهم.
كما وصف طريقة التعامل في الخارج، وكيف يتم إجلاء الجاليات المصابة ورشهم بالمبيدات بدون أن يقرب لهم أي شخص، وهذا ما دعاه إلى توقع نفس المعاملة كونه قادماً من منطقة تعتبر بؤرة انتشار الفيروس، لكن المفاجأة كانت أكبر من التوقعات.
وشكر سفير جمهورية السودان لدى الإمارات، محمد أمين عبدالله الكارب، الاستجابة السريعة من حكومة الإمارات لطلب الحكومة السودانية لإجلاء الطلبة السودانيين الدارسين في الصين.. وقال إنّ هذا الموقف الإنساني هو دليل إضافي وواضح على مواقف حكومة الامارات الداعمة للسودان.
في سياق التقدير ورد الفضل إلى أصحابه، أشاد شريف محمد فؤاد البديوي سفير جمهورية مصر العربية بالاستجابة الطيبة والسريعة من دولة الإمارات للمساعدة في إجلاء مواطنين مصريين من مدينة ووهان الصينية وإعادتهم إلى بلادهم، مثمناً هذه اللفتة الإنسانية ووقوف الإمارات الدائم الى جانب الشعب المصري.
من جانبه، أكد فهد سعيد المنهالي سفير الجمهورية اليمنية لدى الدولة أنّ الشعب اليمني سيظل يحتفظ في ذاكرته ووجدانه هذه المواقف الإنسانية والمواقف الأخوية للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي دائماً ما تقف إلى جانب اليمن في السرّاء والضرّاء.
وفي الإطار ذاته، قال الدكتور زيد عز الدين محمد نوري، سفير جمهورية العراق لدى الإمارات إنّ المبادرات الإنسانية ليست غريبة على دولة الإمارات التي تسارع إلى تلبية النداءات الإنسانية الملحة، خصوصاً التي يتعلق منها بالشؤون العربية والأخوة العربية.
وأكد أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تعد في طليعة الدول التي قدمت الدعم للعراق بعد العام 2003.
سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية في الإمارات محمد الهيبة أشاد بالمواقف الإنسانية لدولة الإمارات ووقوفها المستمر الى جانب الأشقاء العرب وتقديم الدعم والعون لهم في كل الأوقات.
ماذا فعل الشيخ محمد بن زايد؟
وتولى الشيخ محمد بن زايد هذه القضية الإنسانية ومنحها الأولوية، وطلب من كوادر الدولة كافة الاهتمام بالرعايا القادمين من الصين، وتوفير كل ما من شأنه أن يمنحهم الأمان والراحة. وكان سموه نشرعلى حسابه في تويتر: تابعت باهتمام إجلاء العالقين من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من مقاطعة هوبي الصينية إلى الإمارات، سيحظون برعاية صحية شاملة، للتأكد من سلامتهم قبل عودتهم إلى بلدانهم، نشكر الحكومة الصينية على تعاونها، ونثمّن جهود أبنائنا المتطوعين في هذه المهمة، إيماننا راسخ بوحدة المصير الإنساني.
وفي لفتة إنسانية نبيلة من سموه، كتب الشيخ محمد بن زايد رسالة طمأن فيها الطلبة القادمين من الصين، وجاء في إحداها:
“ابنتي وجدان:
ندرك صعوبة مغادرة مكان كان لك داراً آمناً، خاصة وأنك تغادرينه بسبب أزمة غير متوقعة إلى أرض جديدة قد لا تعرفين فيها أحداً، ولهذا أحببنا أن نرحب بك شخصياً في الإمارات.
نريدك أن تطمئني بأنك بين أهلك وأصدقائك وأنك ضيفة عزيزة مكرمة، وسنوفر لك الرعاية الصحية الكاملة وكل ما يلزمك لمتابعة الرحلة إلى وطنك متى كان ذلك آمناً لك.
حللت أهلاً ونزلت سهلاً / محمد بن زايد آل نهيان”
وقامت طائرة مجهزة ومزوّدة بخدمات طبية متكاملة بعملية الإجلاء، التي ضمت 215 شخصاً من رعايا دول عربية وصديقة، حيث شارك في عملية الإجلاء فريق الاستجابة الإنساني الذي تضمن فريقاً من المتطوّعين شمل الطيارين والمضيفين والفريقين الطبي والإداري، التي كانت مشاركتهم لتعزيز وإبراز الدور الإنساني والتطوّعي.
“المدينة الإنسانية” في أبوظبي
كما تم تجهيز “المدينة الإنسانية” في أبوظبي بكل التجهيزات والمستلزمات الضرورية، لإجراء الفحوص الطبية اللازمة لرعاية الدول الذين تم إجلاؤهم، للتأكد من سلامتهم ووضعهم تحت الحجر الصحي لمدة لا تقل عن 14 يوماً، حيث ستوفر لهم منظومة رعاية صحية متكاملة طوال فترة الحجر، بما يتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية إلى حين التأكد التام من سلامتهم.
وتولت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وسفارة دولة الإمارات لدى جمهورية الصين الشعبية، التنسيق مع سفارات الدول المعنية، لتنظيم عملية الإجلاء ضمن جهود الإمارات المستمرة، لتعزيز التعاون مع الحكومة الصينية، من أجل احتواء انتشار الفيروس.
وتأتي هذه المبادرة تجسيداً لحرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة، وتأكيداً لنهج العمل الإنساني الراسخ، الذي يعدّ ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية، التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة لكل الشعوب التي تمر بظروف صعبة، من دون تمييز بناءً على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين، بل استناداً إلى موقف إنساني نبيل.
فزعة أبناء الإمارات المخلصين
وقالت صحيفة “الإمارات اليوم” إنّ “أبناء الإمارات المخلصين فزعوا، بناءً على توجيهات القيادة، لتجهيز مدينة الإمارات الإنسانية، ورفدها بالأثاث اللازم، إضافة إلى تأسيس مركز للصحة الوقائية خلال 48 ساعة، ما يؤكد قدرة الإمارات وإمكاناتها في التعامل مع الحالات الطارئة، وأن نهج العطاء الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إرث إنساني راسخ ينهل منه أبناء الإمارات لخدمة الإنسانية جمعاء، ونجدة الأشقاء والأصدقاء في الظروف الحرجة”.
وتم تجهيز مدينة الإمارات الإنسانية وفق أرقى المعايير التي تراعي في تصميمها الخصوصية، وتوفر وسائل الترفيه للأطفال والكبار في الساحات الخارجية، التي تكتسي الأخضر، والأماكن الداخلية المجهزة بوسائل الترفيه، فيما تلبي المدينة أفضل معايير الأمن والسلامة، وذلك لضمان راحة الأشقاء والأصدقاء في وطنهم الثاني الإمارات عنوان الإنسانية.
وتضم الساحات الخارجية لمدينة الإمارات الإنسانية العديد من الملاعب ووسائل الترفيه المخصصة للأطفال والكبار، فيما تم تجهيز المدينة من الداخل وفرشها بالأثاث، إضافة إلى تأسيس مركز للصحة الوقائية، وتوفير كل الوسائل اللازمة للإعاشة من الدواء والغذاء، وغيرهما من المستلزمات المعيشية الضرورية.
وتكاتفت كل الجهود الوطنية المشتركة والجهات الحكومية والخاصة في دولة الإمارات لإنجاز هذه المبادرة الإنسانية في زمن قياسي، ما يجسّد نهج الإمارات الراسخ في العطاء والتلاحم والتآزر لخدمة الإنسانية، والوقوف إلى جوار الأشقاء والأصدقاء والتضامن معهم في الظروف الصعبة.
وشارك في تجهيز مدينة الإمارات الإنسانية نماذج مضيئة من المتطوّعين من شباب وشابات الإمارات، ليرسموا لوحة إنسانية فريدة مضمونها أن أبناء زايد الخير هم نبراس للعطاء، ورموز ملهمون للتضامن مع الأشقاء والعمل الإنساني من دون انتظار مردود أو مقابل.
وأكد قائد فريق الاستجابة الطبي بدائرة الصحة في أبوظبي، مطر النعيمي، أنّ تجهيز مدينة الإمارات الإنسانية لاستقبال الأشقاء والأصدقاء العائدين من مقاطعة هوباي الصينية، يجسّد نهج الإمارات المتأصل والراسخ في تقديم الدعم الإنساني، والمساعدة للجميع منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وما نراه اليوم هو استمرار لإرث زايد الخير في نجدة الأشقاء والوقوف إلى جوارهم في ظروفهم الطارئة.
نقلا عن حفريات